المشهد بصورته التعيسة يشير الي تبعات في غاية من المخطورة، وتبدو بارقة الحل السلمي اللازمة السودانية الراهنة عصية علي التغيير بكل وسيلة سلمية يحلم بها المواطن او تحلم بها المواطنة في بلاد ارهقها تجبر الاسلاميين قرابة عقدين وزيادة. هم انفسهم علي قناعة ان الشعوب السودانية بتعددها الراهن ،لن ينجزوا اي ثروة شعبية يلتف حولها التنوع والتعدد الاثني الثقافي المناطقي، سطروا حدودا جغرافية ، زرعوا عليها التنافر والتناحر. رغم غضب السودانيين علي رفع الدعم عن المحروقات واضراب الاطباء مؤخرا، والمناوشات في الشارع كتظاهرات شبه يتيمة لا تاثير لها علي الرسمي ، وهو ليس غبيا ان يشير الي ذلك مطلقا، الا من واجب تشبيههم علي انه مخربين ومندسين، ليسهل اصطيادهم عبر اكذوبة التخريب والمؤامرة للنيل من هيبة الدولة، كما يسمونها..
من حق الشعوب ان تعبر عن رايها بحرية،حول رفع الدعم عن المحروقات، وسرقة اراضيها لبيعها لاجانب من دول بني عقال،اعني سماسرة دول الخليج، لكن الاهم ان يخرج الشارع، للتضامن مع اخوته، في مناطق القيت فيها اسلحة محرمة دوليا،في منطقتين فرضت عليها حكومة اسلاميي الخرطوم حصارا منذ ٦ سنوات، كان الاولي ان تخرج الشعوب السودانية للتضامن والتنديد معهم، كما تخرج تضامنا مع الفسلطينيين والسوريين، هذا سؤال عفوي فقط، هل نحن كشعوب سودانية نعيش في حالة من انفصام الشخصية، ما يستحقه الفلسطيني والسوري مع عيش كريم وحياة محترمة، وهذا حق انساني عالمي، يستحقه السوداني في غرب السودان ، وجنوب كردفان والنيل الازرق ايضا، نحن فقدنا ان نتضامن انسانيا واخلاقيا مع اخوتنا واخواتنا في تلك المناطق،كيف نفسر التضامن مع السوري والفلسطيني؟..
لذا التغيير الحقيقي من اجل انهاء الحروب المكلفة ستطول فترتها،الي ان تتفق الشعوب السودانية حول كيفية ايجاد حلول جذرية لحالة الانفصال الشخصي الذي تعيشه السياسية السودانية، اكيد هنالك من يعارض للسلطة الراهنة، الا انه مستفيد من استمرارها، احزاب تعتبر نفسها ذات ثقل سياسي تاريخي، تري الشعوب تعبر عن انينها، لكنها مارست الصمت والتامين الذاتي، تري في التغيير الذي سيحترمه التاريخي خصما لحق تزعم انه ازلي ،يجب ان لا يمثل مطلقا.
فالاحزاب التي تعتقد اعتقادا ايمانيا،ان التاريخ سيكون خادما لها، او ان التاريخ سيكرر نفسه بنفس الوتيرة الماضية، واهمة ، ان الشعوب السودانية بكل تقاطعاتها التاريخية ستنتخب بنفسها قيادة تاريخية ولو عن طريقة الارتماء في حضن المناطقية والاقليمية، ستصنع لنفسها حق سياسي لها واجيالها القادمة . هذه العصابة الحاكمة تدرك جيدا ان وجودها مستمر بالقضبة العسكرية والامنية،وتقسيم الي ديار خيانة وحرب، هي مناطق القتال الحالية، ومناطق الاستقرار ستهدد بشبح الانفلات الامني اذا حاولت الخروج علي العصابة الاسلامية بسطوتها الاعلامية الجبابرة، التغيير الحقيقي للسياسية السودانية سيكون مكلفا للغاية، العصابة الاسلامية لن تفرط في ذلك بسهولة، كل مقولاتهم الاستفزازية الزارعنا غير الله اليجي يقلعنا، والحسو كوعكم، هي تعبيرات مؤكدة لما يعتقدون في انفسهم، نحن اي الاسلاميين او السودان،بينهم يؤكدون فليذهب السودان، ولتبقي العصابة الاسلامية..