صوت الهامش
“صعاليك” .. الحركة الإسلامية !!
(كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)
صدق الله العظيم
الثورة التي قادها طلاب جامعة الخرطوم، ليمنعوا بيع جامعتهم، بواسطة سماسرة الاخوان المسلمين، الذين باعوا كل مشاريع التنمية في السودان، وما تبعها من حراك في الشارع، وفي مختلف الجامعات والولايات، أظهر للشعب السوداني، آخر وجوه الإخوان المسلمين .. وهو وجه الصعاليك، الذين لا يأبهون للقانون، أو الاخلاق، أوالعرف، أو الدين .. وهم في خوفهم من سقوط نظامهم، لا يتحرجون من كل ما يشين، ويخجل، الشخص الكريم .. فقد ضربوا الطلاب العزل بالرصاص، وأعتقلوهم، ولا زالوا يعذبونهم في المعتقلات، ويجبرونهم على شرب البنزين، وينتزعون الطالبات من المستشفيات الى المعتقلات !! وحين يحتمي الطلاب بالقانون، ويجتمعون في مكتب الأستاذ نبيل أديب المحامي، ليرفعوا قضية ضد الذين اعتدوا عليهم من رجال الأمن، يهجم عليهم “الصعاليك”، ويجوسون في المكتب كالثور في مستودع الخزف، ويعتدون على الموظفين والموظفات، ويقبضون، بلا قانون، على الطلاب الذين إلتمسوا حماية القانون !! والاعتداء على الأستاذ نبيل أديب، لم يقم به شبان متفلتون من جهاز الأمن، كما ستبرر الحكومة، إذا شعرت بضغوط دولية .. وإنما هي أوامر من قمة النظام، لأن الأستاذ نبيل، قد وقف بنبل، وشجاعة، ومعرفة بروح القانون، مدافعاً عن كل المواطنين، الذي ظلمتهم حكومة الإخوان المسلمين، ومواجهاً للأمن في المحاكم، ومهزئاً لشهود الزور، الذين استعانوا بهم، لإهدار حقوق الأبرياء .. ما حدث للأستاذ نبيل، محاولة من الإخوان المسلمين، في قمة السلطة، لإرهاب المحامين. وهو إعتداء غاشم، وهمجي، وجبان، ويشبه ما حدث من قبل، للصحفي النابة الأستاذ عثمان ميرغني، حين اعتدت عليه مجموعة من “الصعاليك”، في مكتبه، بتوجيه من قمة السلطة، حتى يرهبوا الصحفيين، ويحيدوهم تجاه احتجاج الشعب على الغلاء، والفساد، ونهب المال العام، وفشل المشروع الحضاري. ولو كان في حكومة الإخوان المسلمين، مؤسسات محترمة، لأحتج القضاء الجالس، على الإهانة التي لحقت بالقضاء الواقف، بالإعتداء على واحد من أبرز رموزه، هو الأستاذ نبيل أديب.
وبدلاً من أن تؤثر ثورة الطلاب، والحراك الشعبي، في شيوخ الحركة الإسلامية، وعقلائها، وتجعلهم يقللوا من فسادهم، وسرقتهم، وبذخهم، وبيعهم لمعالم الوطن، وتدفعهم للتنازل عن بعض أموالهم، ومخصصاتهم، لتقليل العناء على الناس، وشراء المعدات، التي تمنع قطع الكهرباء والماء، في هذا الحر الفظيع، ومناقشة سياساتهم الخاطئة، والتراجع عنها، إذا بهم يزيدون فجوراً، وصلفاً.. وبدلاً من رفع المعاناة عن عاتق الشعب، ودعم الفقراء، لمواجهة الغلاء الطاحن، يقرر السيد الرئيس “رشوة” الجيش، برفع مرتباتهم العالية أصلاً، ظناً منه أن ذلك سيمنع الانقلاب العسكري !! مع أن العسكري الذي يريد ان يقلب هذا النظام الفاسد، إما ان يكون رجلاً وطنياً، فلن تؤثر فيه هذه ” الرشوة” .. أو يكون مغامراً، يريد السلطة، فلن يترك أطماعه الكبيرة، في انتزاع كل السلطة، بسبب زيادة مرتب !!
أما قوات “الدعم السريع”، الجنجويد الجدد، الذين ارتكبوا أفظع الجرائم في دارفور، فحرقوا القرى، واغتصبوا النساء، وقتلوا العجائز، والأطفال، فإن الرئيس كافأهم، بأن اصبحوا يتبعون لرئاسة الجمهورية مباشرة، ولا يخضعون للقوات المسلحة، بل تكن لهم السيادة على كافة فصائلها، دون الخضوع، لمن هم أعرف منهم بالعسكرية، وأعلى رتباً فيها .. والأهم بالنسبة لهؤلاء، أن تبعيتهم لرئاسة الجمهورية، تجعل مخصصاتهم غير محدودة، مثلها مثل مخصصات الأمن .. كل هذا الفساد، سببه خوف الحكومة المتهالكة، من هبة الشعب، ومحاولاتها في الاستعداد لضرب الشعب، وقمع احتجاجه. ولو كان الاخوان المسلمون، يفقهون شيئاً، لعلموا ان الشعوب لا تغلب، وان قمع مظاهرات الطلاب لا يعني نهاية المعارضة، ولا نهاية اعتراض الطلاب، بل أن اعتقال اعداداً من الطلاب، سيجعل زملاءهم يواصلون المظاهرات، في كل يوم، من موقع جديد.. وأن القمع، والتعذيب، لا يرهب الناس، حتى ينسوا قدرتهم على أن يثوروا مرة أخرى، ما دام الظلم مستمراً، والحياة تزداد شظفاً، وشقاء، بينما قيادات الاخوان المسلمين النافذة، في السلطة، تزداد ترفاً، وتخمة.
لقد كانت أكذوبة الحوار الوطني، لا تشبه الإخوان المسلمين، في كل ماضي تجاربهم، التي تنضح بالهوس والتطرف .. فهم أصلاً لا يعترفون بالآخر، حتى يحاورونه . ولهذا لم يصدق الشعب أنهم يريدون الحوار، ويسعون الى السلام. والذين دخلوا معهم في مهزلة حوارهم، ممن كانوا من قبل معارضين لهم، خدعوا بعضهم، ورشوا بعضهم، ولكنهم حين لم يأت الحوار بشئ، بل تبعه قصف للقرى، وقتل للمدنيين، واغتصاب للنساء، شعر من يشعر منهم بخطئه وظل النفعيون، معلقون بحبال من أوهام الوعود، بالمال، وبالمراكز في السلطة، لم ينالوا منها شيئاً حتى الآن !!
وقد يقول قائل لماذا وصفنا الإخوان المسلمين بالصعاليك في هذا المقال؟ والحق أننا لم نصفهم بذلك وإنما هم الذين وصفوا أنفسهم فقد كتب أحدهم رسالة إلى د. غندور وزير الخارجية جاء فيها:
======
(أخي بروف غندور .. تحياتي وودي عفوا هؤلاء الصعاليك الذين تحاورونهم لا يفهمون إلا لغة البوت والشلوت .. دعنا لهم واخواني الطيب مصطفى وشرف الدين علي مختار واسحق فضل الله ويس محمد نور ومحمد عبد الله شيخ ادريس وانس عمر وابراهيم الخميني وعبد الله بكير وعبد الله الجيلي ومحمد بخيت المفتي والطيب سيخة والطيب المصباح وود ابراهيم واليسع الصديق والصعاليك السبعة والشياطين الحداشر وشخصي الضعيف .. كفاية مرمطة في بلاد العجم والعرب فالذي لا تقولونه تأدباً نحن نقوله تعبداً والذي لا تفعلونه ترفعاً نحن نفعله تقرباً ففينا من يجهل فوق جهل الجاهلينا وفينا من يرد الصاع صاعين وفينا من لا يجد نفسه غلا في حلوقهم وخواصرهم وفينا من ينحرهم نحر الابل ولو تعلقوا باستار الكعبة فلا نزال كيوم المغيرات صبحا والفتح المبين والميل اربعين وتلشي وسندرو وشالي وروكن وسلطان جامبو وليريا وتوريت وكبويتا وهمشكوريب وطوكر وطوقان ومرافيت وخور كبريت .. ومئات المواقع الخوالد .. لن تخسروا شيئاً قط .. فقط جربونا مرة واخيرة وستنتهي العمالة في كل العالم للابد.
اخوك جعفر با نقا –صعلوك الحركة الاسلامية والانقاذ )(وسائل التواصل الاجتماعي)
======
هذه شهادة أحد أعضاء الحركة الاسلامية على نفسه، وعلى بعض إخوانه الذين وصفهم ب”الصعاليك” و”الشياطين” بأنهم يمارسون سوء الأدب، ويتقربون به الى الله !! ويجهلون أكثر من الآخرين، ويظنون أن هذا يمكن ان يتعبر جهاداً في سبيل الله !! ثم هو يتذكر حربهم مع الجنوبيين، التي اعطوها اسماء إسلامية، ليوهموا أنفسهم بأنهم كانوا مجاهدين، لولا أن الترابي -رحمه الله- أوضح لهم بأنها ليست جهاداً، وأن من ماتوا فيها، ليسوا شهداء!! وهذه المعارك، التي ذكرها هذا “الصعلوك” هزموا فيها، شر هزيمة، ولولا ذلك، لما صالحوا من اعتبروهم كفاراً، وقبلوا بإتفاقية “نيفاشا” التي فرضت عليهم زعيم “الكفار”، نائباً لرئيس الجمهورية ,غمام المجاهدين!! والإخوان المسلمون الآن بما فيهم هذا ” الصعلوك”، أجبن من ان يواجهوا مظاهرات الطلاب، لو لا أنهم مسلحين، ومدعومين بإمكانية الدولة، ويواجهون شبان عزل، ليس معهم رجال أمن، وأسلحة، وقنابل. والحقيقة ان العنف الذي قابلوا به هذه المظاهرات، لا يدل إلا على جبن، وخوف، وهلع، فإن الشجاع لا يحتاج الى العنف المفرط، وإنما يفزع إليه الجبان، الذي يخشى أن يفتك به خصمه، ولو كان أعزلاً.
إن الحركة الإسلامية السودانية بلغت نهايتها، فلم يبق لها دين، ولا خلق .. وإنما أصبحت عصابات متفرقة، يديرها “الحرامية” والفاسدين، ويوجهون فيها ” الصعاليك”، ليستغلوا إمكانيات الدولة، في العنف بالطلاب والمواطنين حتى يخمدوا حركتهم السلمية، التي يمكن ان تتسع، فتشمل كل الشعب، فتسقط النظام .. وتضيع ما يمتاز به ” الحرامية” والمفسدين. ولئن نجحوا في تعطيل الثورة، بعض الوقت، فإن هذا ليس في صالحهم، لأنها ترجع لتشتعل بمستوى أكبر، في صدور المواطنين .. وحين تنفجر مرة أخرى، يكون الغضب أكبر، والاصرار على الانتقام، من رموز السلطة أوكد، والضرر بهم أبلغ.
د. عمر القراي
omerelgarrai@gmail.com