يبدو مع تصاعد وتيرة المذابح التي يرتكبها النظام السوداني ضد شعبه مع إطلالة الشهر المبارك، أن النظام قرر أن يواصل إفطاره في نهار رمضان، ومائدته القري والمدن الدارفورية.. وإذا كان مشروب الدارفوريين المفضل علي مائدة الإفطار حلو المر، فإن مشروب النظام مر بلا حلو ولا دين ولا مروءة ولا رأفة ولا رحمة، النظام اختار مجزرة كبكابية، قبل يومين، ومجزرة امبرو و الفاشر، أمس (الجمعة)، لتكون إنذاره المبكر بعقده العزم علي تكبير لقمة إفطاره ومذابحه، وليثبت أن الذي لم يكترث بحرمة الدماء لن يكترث أبدا بحرمة الشهر الكريم.. رمضان في حسابات النظام في ولاية شمال دارفور أوله”مشبحة” وأوسطه” مذبحة” وآخره”قذف النيران”.
شهر المذابح للنظام السوداني ليس له هلال واحد يشاهده ليقرر الصوم، بل 7.5 ملايين مر هي عدد أفراد الشعب الدارفوري، كلما طلع مر(هلال) دارفوري يطالب بكرامته الإنسانية وممارسة حياته يومية وفك القيد عن حريته قال ميليشيات النظام: أهل علينا باستحقاق الظلم والطغيان. وعند الإفطار وحين ينجحون في قتل دارفوري شجاع، يتمتم كل جلاد: علي رزقك يا زعيمنا أفطرنا، ذهب الظمأ من تعطش الدماء وابتلت العروق من سيلانها، وثبت الأجر والأعطيات، إن شاء الزعيم، في رمضان تصفد شياطين الجن، إلا في دارفور، فشياطين الإنس من قوات الزعيم والميليشيات والجنجويد ستنطلق بلا أصفاد، والفرصة مواتية، إذ أن فرصة النظام في الأشهر الأخري لمواجهة الناس وقتلهم وسفك دمائهم هو طول السنة، وأما في رمضان فتجمع الإفطار اليومي كأنه سنة يومية، فرصة ذهبية لا تقاوم لتقديم القرابين لحميدتي ودراكيولات الدماء الدارفورية.
كل المسلمين يتلون آيات القرآن في هذا الشهر الكريم، وميليشيات النظام يتلون كتاب المؤتمر الوطني المقدس أناء الليل وأطراف النهار يرتشفون منه ما يملأ قلوبهم من خشية النظام، يرجون مغفرته ويخافون عذابه، المعذرة أنا قلت المؤتمر الوطني؟ أي الوطني؟ حزب المؤتمر الوطني السوداني أكبر خدعة ماكرة انطلت علي العالم، المؤتمر الوطني غلاف تسجي به النظام ليخفي جهويته وعنصريته، وإلا كيف يكون هذا التحالف الوثيق العري لحزب خصمه العلمانية، ومع نظام التشادي؟ وأن يكون الراعي الرسمي لقائم مقام تشاد في أفريقيا التي تنادي بالعلمانية وسيده دبي الذي وإن لبس الزي العسكري والكدمول يقوم بمحاربة المنظمات الارهابية التي تدعمه النظام السوداني، فقد عرته الثورة الشعبية الدارفورية، فأظهر مرغما مواقفه المخزية من شعب يتعرض لأبشع أصناف التقتيل والتعذيب.
الشعب الدارفوري قدم ملحمة باسلة علي الثري السوداني مع أن أمد ثورته طال، وتحمل من دموية النظام وقسوته وجبروته ما لو وضع علي جبل لا تصهر، ولا يلام لأن التراجع في هذه المرحلة معناه أن يستفرد الجزار بالضحية، فليس ثمة طريق سالك غير المواصلة، لكن هذا لا يكفي وحده، الشعب الدارفوري هذه الأيام في أشد الحاجة إلي السند الإقليمي والدولي، والثاني لن يتحرك حتي ينطق الأول، كما حصل في ثورة الشعب الليبي ضد جلاده المعتوه.. “صمتكم يقتلنا” صرخة استغاثة مدوية وبليغة أطلقها الطلاب الدارفوري لم تجد لها في العالم أذانا صاغية، آن الأوان لتحرك دولي يجبر النظام علي الصيام من دماء شعبه وأن يصفد شياطينه في الشهر الكريم وإلي الأبد.
احمد قارديا خميس
mod.moto@yahoo.com