بالرغم من الموقع الجغرافي الاستراتيجي والمهم الذي يحتله اقليم شرق السودان ومحاذته لعدد من الدول المجاورة ( أرتريا ، اثيوبيا ، مصر ) ووقعه إيضا” بمحاذة أهم ممر مائي في دول القرن الأفريقي وهو ( البحر اﻷحمر ) وايضا” احتوائه على ولايات تعتبر من اهم الولايات بعد التقسيم الذي تم للأقليم وتميز تلك الولايات من الناحية الاقتصاديه والثقافيه والسياحيه بالنسبة لبقية ولايات السودان المختلفه وهي ( البحر اﻷحمر ، كسلا ، القضارف )
ويعتبر الأقليم ايضا” من اهم الأقاليم التي تذخر بالكثير من الموارد والأمكانيات البشريه والاقتصاديه والسياحيه حيث نجد أن الأقليم يضم اهم منفذ بحري في السودان وهو الوحيد إيضا” في السودان حيث تعبر وتدخل من خلاله الصادارت والواردت من وإلى السودان وبعد انفصال الجنوب الأخير اصبح هو المورد الوحيد الذي يغذي الخزينة العامه للدوله ويضم ميناء البحر اﻷحمر منطقة للتجارة الحرة تعتبر من اهم مناطق التجارة الحرة في افريقيا بالأضافة الى ميناء بشائر الذي يصدر من خلاله البترول القادم من الجنوب إلى الخارج وميناء سواكن التاريخي الذي يعتبر البوابة الرئيسيه لشرق السودان وهو المنفذ البحري الوحيد الذي يسافر من خلاله الانسان السوداني إلى الخارج ..
ويتميز ويتفرد الأقليم ايضا” بأنه من اهم المناطق الغنيه بالمعادن مثال لذلك منطقة ( ارياب ) الغنية بالذهب .
إيضا” يضم الأقليم ولاية تعتبر من اهم الولايات التي تتمتع وتتميز بعنصر السياحة في السودان ألا وهي ولاية كسلا والتي تعتبر إيضا” غنيه بالحدائق والبساتين وتنوع الطبيعة ويشقها نهر القاش الذي يعتبر هبة الله لأنسان كسلا ..
كم يضم اﻷقليم اهم واغنى ولاية زراعيه وهي ولاية القضارف حيث تتميز بالمساحات الزراعيه الخصبة والواسعه وهي تعتبر مركزا” استراتيجيا” مهما” لتأمين الغذاء في السودان وافريقيا بشكل عام من خلال ماتنتجه اﻷرض المعطاه من محاصيل زراعيه تعتبر العنصر الغذائي الرئيسي المهم ﻹنسان شرق السودان والسودان بشكل عام .
وبالرغم من كل تلك الموارد والأمكانيات الهائله التي يذخر بها اقليم شرق السودان والتي يمكن أن تغير من حقيقة الاوضاع الاقتصاديه والاجتماعيه المترديه في اﻷقليم إلا أن أنسانه مازال يرزح تحت وطأة الفقر والمرض والجهل واﻷميه والتهميش المستمر من خلال غياب التنمية والعدالة اﻹجتماعية واقصائة وتغيبيه من المشاركة في مواقع اتخاذ القرار المركزية والولائيه وسلب حقوقه السياسيه التي كفلتها له المواثيق والمعاهدات الدوليه التي اقرت حقوق المكونات الأصيله ..
ونجد أن الحكومات المتعاقبة التي تولت سدة الحكم في البلاد منذ الأستقلال وحتى اﻵن كان ديدنها تجاه إنسان الشرق هو ممارسة مزيد من التهميش السياسي والاجتماعي والثقافي والفشل الذريع في ادارة موارد الأقليم ..
وبالرغم من مرور ( 10 ) سنوات على توقيع اتفاقية سلام شرق السودان والتي كانت قد وقعت في العاصمة الأرترية أسمرا في ( 14/10/2006 ) بين حكومة السودان وجبهة شرق السودان مازالت الأوضاع كما لم تبارح مكانها حيث لم يتغير شئ غير إجراء بعض الدهانات الفوقيه من خلال تمثيل ديكوري للقيادت الثلاث في المركز والذين التفتوا الى مصالحهم الخاصة وانشغلوا بمتعة وحلاوة السلطه ضاربين بي بنود الاتفاقيه عرض الحائط ..
الشاهد والواقع أن اتفاقية الشرق لم تنفذ بنودها كامله كما كان يتطلع إليها أنسان شرق السودان وأن نفس الأسباب والدواعي التي اجبرت اهل الأقليم على حمل السلاح في وجه الحكومة المركزيه موجوده ومتوفرة والتي تتمثل في في التهميش والتغييب والاقصاء للمكونات الاصليه على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي من خلال تهميش دورها في المشاركة في السلطة والتوزيع العادل للثروة بما يكفل لأهل الأقليم حقوقهم كامله غير منقوصة ..
عمل الحزب الحاكم على مدار العشرة سنوات الماضية من توقيع الأتفاقيه على احتواء قيادات الشرق الثلاثة والذين اتت بهم الأتفاقيه في سدة الحكم حيث حققت لهم كل اطماعهم الشخصيه في سبيل أن يتناسوا وينسوا أنهم تولى تلك المناصب من اجل تحقيق التنمية الاقتصاديه والأجتماعيه ورفع الظلم عن اهل شرق السودان ..
أما الذين كانو في يقاتلون في صفوف جبهة الشرق نجد أن القليل منهم قد تم دمجهم في القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى اما السواد اﻷعظم منهم قد تم تسريحهم دون أن يتم اﻹيفاء حتى بحقوقهم مقابل التسريح الذي تم لهم مما خلق غبن في اوساط الكثير من المقاتلين والذين هم على حافة اﻷنفجار في اي وقت ..
ونجد أنه بالرغم من الترتيبات التي اعقبت توقيع الأتفاقيه وقيام صندوق إعمار الشرق إلا أن معظم الأموال التي خصصت له سواء اكان من الحكومة والتي لم تلتزم حتى بدفع المبلغ الذي وعدت به بعد توقيع الاتفاقيه وهو ( 600 مليون دولار ) حيث قامت بدفع ربع المبلغ وايضا” كانت هناك اموال من المانحين من الكويت والسعوديه كانت قد خصصت للصندوق حتى يقوم بدوره وذلك بصرفها من اجل تحقيق التنمية التي كان ينتظرها اهالي شرق السودان بعد توقيع الأتفاقيه لكن على العكس تماما” لم يتم تنفيذ إلا بعض المشاريع الرمزية هنا وهناك حيث شاب عمل الصندوق والقائمين على امره الكثير من الممارسات التي تدل على الفساد وسواء إدارة الموارد الخاصة بالصندوق ..
كل ذلك ادى الى تفاقم الاوضاع الاقتصاديه والأنسانيه وتجدد التهميش حيث تزايدت معدلات الفقر والهجرة غير الشرعيه وغياب العدالة الإجتماعية في تقديم الخدمات من تعليم وصحة وكهرباء وغيرها وارتفاع معدلات البطاله في أوساط الشباب والخريجين مما دعاهم الى الهجرة خارج السودان بنسبة تتزايد سنويا” ، وانتشار معدلات الأمراض والأوبئه ( الدرن / الكوليرا ) ..
إيضا” غياب التمثيل السياسي والثقافي لأنسان شرق السودان في المحافل السياسيه والثقافيه على مستوى اﻷقليم والمركز الشئ الذي خلق غبنا” إجتماعيا” الذي لامحالة سينفجر في يوما” من الإيام إذ لم تحل تلك اﻷزمه ..
ايضا” هناك تزايد مضطرد لمعدلات ظواهر الأتجار بالبشر وانتشار السلاح في إيدي بعض المكونات اﻹجتماعية والذين يتخذون من تهريب البشر تجارة لهم ..
بقي لنا أن نقول أن أزمة إنسان الشرق هي أزمة مستفحلة وأن هذه الأزمه لن تنطوي وتحل إلا بإعتراف المركز القابض على السلطه بحقيقة التهميش والأقصاء الذي يتعرض له ابناء شرق السودان وعليه أن يعطي أنسان الشرق حقوقه كاملة في السلطة والثروة ..
( هذا او الطوفان ) .
عبدالله يس