تراجع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه الأول ريك مشار (زعيم الحركة الشعبية في المعارضة)، عن تنفيذ بعض نصوص اتفاقية السلام الموقعة بينهما، في أغسطس 2015، المتعلقة ببند المحاسبة، ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في البلاد.
وطالب الرئيس ونائبه، في مقال مشترك لهما بعنوان (جنوب السودان يحتاج للحقيقة وليس المحاكمات) نشر بصحيفة نيويرك تايمز الأمريكية، الثلاثاء، المجتمع الدولي بتجاوز بند المحاسبة والعدالة الوارد في المادة (5) من اتفاقية السلام، وعدم تفعيل البند الخاص بانشاء محكمة “هجين” لمحاكمة جرائم الحرب التي تم ارتكابها خلال الصراع في البلاد.
وقال كير ومشار الثلاثاء، إنه “يجب الاستعاضة عن المحكمة (الهجين) بمفوضية الحقيقة والمصالحة التي ستقوم بإجراء التحقيق في الانتهاكات التي وقعت خلال فترة الحرب ، على أن يتم العفو عن كل شخص اعترف بارتكابه لتلك الجرائم”.
ونصت اتفاقية السلام في جنوب السودان علي إنشاء محكمة “هجين” لجرائم الحرب، مكونة من قضاة وطنيين وأفارقة يتم اختيارهم بواسطة الاتحاد الافريقي لإجراء محاكمات لجرائم الابادة الجماعية، والجرائم الموجهة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والعنف الجنسي.
وقال الزعيمان في مقالهما “جنوب السودان يحتاج للحقيقة وليس للمحاكمات، فالمحكمة ستقود الي زعزعة الجهود المبذولة من أجل توحيد أمتنا، من خلال إبقائها على روح الغضب والكراهية بين مكونات الشعب، لذلك نناشد المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، إعادة النظر في مناصرتهما لإنشاء محكمة هجين، باعتبارهما من الشهود الموقعين على اتفاقية السلام، و السعي لاستقطاب دعم دولي لعملية السلام والمصالحة”.
واقترح الزعيمان أن “تقوم مفوضية المصالحة بإعفاء كل من يقول الحقيقة”، وزاد بالقول “نحن نخشى أن يقود الأمر (المحاكمات) إلى مزيد من الاضطراب خاصة اذا وجد البعض ممن شاركوا في الحرب أنفسهم أمام المحكمة فانهم سيفسرونه كاستهداف لهم بالقانون ويفضلون العودة الي ميادين القتال على الوقوف أمام محكمة أجنبية”.
هذا ولم يتم حتى الآن تكوين المحكمة الهجين بعد، اذ تقع مسؤولية تحديد مقرها على رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وأدانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” (دولية معنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك) في بيان لها أمس، المقترح الذي تقدم به أطراف الصراع في جنوب السودان باعتباره تجاوزاً لموضوع الإنصاف والعدالة في البلاد، مطالبة الاتحاد الافريقي بالإسراع في انشاء المحكمة لتقديم المتورطين في الانتهاكات للعدالة.
وفي 25 مايو/أيار الماضي، نشرت المنظمة الدولية، تقريراً استندت فيه إلى شهادات من مدنيين، تضمن مزاعم بشأن قيام قوات الجيش التابعة للحكومة في البلاد بـ”شن هجمات مميتة” على المدنيين داخل وفي محيط مدينة “واو”، غربي إقليم “بحر الغزال” (شمال غرب)، و”اغتصاب وتعذيب واعتقال مدنيين، إلى جانب نهب ممتلكاتهم، وحرق بيوتهم”.
وقالت المنظمة إن هذه “الانتهاكات” جرت أثناء عمليات شنتها القوات الحكومية لقمع التمرد في الإقليم، وتكثفت هذه الانتهاكات عقب توقيع اتفاق السلام مع المعارضة المسلحة في أغسطس 2015.