واشنطن – صوت الهامش
رصدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، استشراء العنف وسوء التغذية وانعدام التعليم النظامي بين الأطفال وتعرّض السيدات للاغتصاب في دولة جنوب السودان الوليدة.
ونبهت هيلي -في مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست– عن انزلاق جنوب السودان إلى مستنقع الحرب الأهلية منذ خمس سنوات.
وقالت المسؤولة الأمريكية إنها لطالما سمعت أصواتا تنادي بالتحلي بالصبر حتى تشرع النخبة الجنوب السودانية في إطفاء نار الحرب التي أوقدوها بأنفسهم.
وأكدت هيلي أن الأطفال في جنوب السودان لا يمكنهم الصبر.
ونوهت عن أن العنف قد شرد أكثر من 4 ملايين نسمة في جنوب السودان، فيما نزح مليونان ونصف المليون إلى دول أخرى.
وأشارت هيلي إلى أن نحو ثلثي اللاجئين هم من الأطفال، وأن عشرات الآلاف قد سقطوا قتلى، وأن سبعة ملايين جنوب سوداني في حاجة لمساعدات إنسانية.
وقالت المسؤولة الأمريكية إنها استمعت إلى قصص من ضحايا العنف المفرط عندما زارت جنوب السودان العام الماضي لرؤية أكبر بعثة أممية لحفظ السلام وعمليات الإغاثة.
وقالت هيلي إنها لم تستطع إحصاء عدد السيدات اللواتي أخبرنها أنهن تعرضن للاغتصاب وأن أزواجهن قُتلوا بينما أطفالهن سُرقوا قبل أن تنزح هؤلاء النسوة إلى معسكرات حماية المدنيين.
لكن أكثر ما أزعجني رؤيته، تقول هيلي، هو رؤية بذور الكراهية يتم غرسها في قلوب أطفال جنوب السودان. لقد فصل المسلحون آلاف الصبيان عن آبائهم وأجبروهم على القتال كأطفال مجندين. وحتى هؤلاء الأطفال المجندين الذين تمكنوا من الهروب قد لا يتعافون بشكل تام مما رأوه وأُجبروا على فعله.
وسردت هيلي قصة كانت سمعتها أثناء زيارتها جنوب السودان، تقول إن أخوين أُجبرا على مشاهدة عصابة من المقاتلين يغتصبون أمهما، وبعد ذلك أمرت تلك العصابة هذين الأخوين بإطلاق الرصاص على أمهما وألا يتوقفا عن إطلاق الرصاص ريثما تتوقف الحياة في جسدها. لقد قُتلت الأم بأيدي أبنائها.
وعلقت هيلي قائلة إنها قصة صعبة السرد، لكن عدم سردها يخون واقعا يعيشه جيل من الأطفال بينما رحى الصراع مستمرة في الدوران.
ولفتت إلى أنه وفي عام 2015، بعد عامين تقريبا من نشوب الحرب الأهلية، وقع رئيس جنوب السودان سالفا كير اتفاقية مع رياك مشار، قائد المعارضة المسلحة الذي كان نائبا لسالفا كير. وقد انهارت الاتفاقية في غضون أشهر من توقيعها.
وعلى مدى العام الماضي، أشارت هيلي، قدم منتدى إقليمي بقيادة إثيوبيا فرصة لتدشين سلام في جنوب السودان. وقد اتفق الطرفان المتقاتلان على وقف إطلاق النار في ديسمبر ولم يستمر الاتفاق سوى ساعات حتى تعرض لخروقات.
وانعقدت آخر جولة محادثات في 23 مايو المنصرم لكن بلا التوصل لاتفاق. وبعد عمل شاق من جانب إثيوبيا ونية طيبة من جانب المجتمع الدولي، لا يزال الصراع مستمرا.
وقالت المسؤولة الأمريكية إن شيئا ما يجب أن يتغير. ويجب أن يحدث هذا التغيير الآن.
ونبهت هيلي إلى أن ا”لولايات المتحدة دعمت جنوب السودان منذ البداية. وقد استثمر دافعو الضرائب الأمريكيون أكثر من 11 مليار دولار في جنوب السودان منذ استقلاله. لكننا فقدنا الصبر إزاء استمرار الوضع الراهن. يجب علينا تغيير المسار إذا كنا نسعى لحماية جيل من الجنوب سودانيين وإعطائهم آملا في مستقبل أفضل.”
وأكدت هيلي أن فرض مجلس الأمن الدولي حظرا على بيع الأسلحة لجنوب السودان هو تدبير قادر على حماية الأرواح هنالك. وبدلا من عقد اجتماعات، فإن الولايات المتحدة تدعو زملاءها في مجلس الأمن وشركاءها في المنطقة باتخاذ إجراء على صعيد حظر التسلح.
وأوضحت هيلي أنه عبر حرمان المقاتلين من السلاح والذخيرة اللازمة لشن الحرب، فإن الأطراف المتقاتلة ستقتنع بأنه لا حل عسكري لهذا الصراع. وفوق كل ذلك، فإن حظر التسلح يعتبر إجراءً إنسانيا: إذ سيتمخض عنه نقص السلاح وبالتالي نقص معدلات العنف ومن ثم تخفيف حجم المعاناة.
وفضلا عن حظر التسلح، فإن فرض عقوبات على هؤلاء المستمرين في تقويض استقرار جنوب السودان، يمثل أداة أخرى فعالة في يد مجلس الأمن الدولي.
وقالت هيلي إنه وعبر فرض قيود مالية وقيود على سفر الأفراد المسؤولين عن تهديد السلام في جنوب السودان، فإنه يمكن ضمان أنهم يدفعون ثمن استمرار العنف، وعندئذ فقط يمكننا البدء في تغيير حسابات أولئك المتربحين من الحرب.
وأكدت المسؤولة الأمريكية أن ما شاهدته من أحوال الأطفال في جنوب السودان إبان زيارتها للبلد أثار غضبها وقلقها، قائلة إن هذا يجب أن يثير غضب وقلق الجميع.
واختتمت هيلي قائلة إن “قادة جنوب السودان مسؤولون عن حماية هؤلاء الأطفال، وقد خذلوهم. وليس لدينا مزيدا من الوقت لتضييعه في وعود جوفاء. إن المجتمع الدولي يجب أن يتكاتف للقيام بما لن يقم به قادة جنوب السودان: التحرك لإعادة الأمل لأحدث دولة في العالم.”