بقلم : زينب كباشي
مدخل :
(هل لديك حل لقضيتنا….
هل لديك حل لهذه السفينة المثقوبة التي لا تستطيع ان تطفو ولا تستطيع ان تغرق …. )
(1 )
لا زال الوطن يعيش في ازمة مزمنة لم تبدأ منذ انقلاب الانقاذ المشئوم 899 . ظهرت بوادرها منذ استقلال الوطن 1956 ولكن جيل الاستقلال لم تكن له رؤية مستقبلية ليعبر الي الضفة الأخرى ويضع الحصان امام العربة لنكن شعبا حرا ينعم بالديمقراطية والتنمية المتوازنة والمواطنة الحقة . وكان هم هذا الجيل السياسي الاول السلطة ومن يحكم ؟؟ولذلك اختارت تلك النخبة الطريق السهل منذ مؤتمر الخريجين بتحالفها مع الطائفية والكيانات الدينية وتركت اسئلة كثيرة مسكوت عنها بدون اجابة . منها التنمية المتوازنة لكل الشعوب السودانية واشكالية الهوية . والمشاركة الفعلية في الثروة والسلطة لكل الشعوب .وترسيخ مبدأ تداول الديمقراطية المستدامة في الوطن الكبير . وصياغة مستقبل وطن حر ديمقراطي للأجيال القادمة . وظلت ترحل كل القضايا الملحة الاساسية وتتهرب منها الي ان اتي انقلاب الانقاذ بليل حالك ليكمل هذا التيه الي يومنا هذا.
(2 )
المخرج من الازمة والحلقة الشريرة التي يقبع فيها الوطن يوجد في عدد من المناظير الأساسية التي يمكننا النظر من خلالها للتمحيص ولألقاء الضوء علي (الوضع الراهن) والحل الشامل للقضية السودانية الشاملة
منها المنظور التشخيصي للقضية السودانية بمعني تحديد مدى ارتباط مفهوم الحل الشامل للقضية السودانية بالقناعات الراسخة لدى القوى السياسية السودانية وتباين ذلك واختلافه عن ما يحدث من حراك سياسي لدى القوى المعارضة بشكل عام , ومدى ملائمة مخرجات ذلك الحراك لقواعد حلول القضية السودانية الكلية .
ومنها المنظور النقدي لهذا الحراك بمعنى كيفيته والظروف المحيطة به والدوافع المؤديه اليه ومدى شموله واحاطته وما ينبغي ان يلازمه ويعقبه من مواقف سياسيه حتميه .
والمنظور الاخير منظار شرق السودان للقضيتين معا القضية الكلية . والوضع الراهن أي الازمة ضمن محور القضية الكلية : بخصوص القضية الكلية للسودان فقد توصلنا لقناعه حتميه بأن هنالك خلل كبير في تشخيص القضية الكليه بالبلاد مما يؤدى دائما الى حلول غير متكاملة او بها اخطاء قد تؤدي لواقع متردي من القضية نفسها ( التفتيت) الجنوب مثالا . حيث يقال ان مشكلة السودان هي عدم الاعتراف بالتنوع وليس الفشل في ادارته وكلاهما يضيف الي الاخر فشل ، كما ان كل الوسائل والطرق والاليات القديمة التي اتتهجت ولا تزال تتبع حتى الان لمعالجة القضية السودانية لم تسفر الا عن تغيير طفيف وديكوري في اشكال الحكومات ولكنها لم تفضي الى حلول حقيقيه ومواجهة اصل المشكلة الاساسية والكلام المسكوت عنه والاجابة علي السؤال الرئيسي كيف يحكم الوطن ؟؟ وليس من يحكم ؟
بالتالي أي تهرب من الاجابة سيكون مجرد هدر للوقت ومجرد جدل عقيم وتنظير لا فائدة منه . بل علينا الان اعادة بناء منظمات المجتمع المدني برؤية وفهم جديد وقوانا السياسية من ناحية إشاعة روح الديمقراطية والدستور في بنيتها الداخلية وتداول السلطة وتجديد الخطاب الفكري بما يجعلها اكثر تأهيلا لحل القضية السودانية . فالديمقراطية ليست نظرة احادية لذا من جانبنا نرى انه للوصول لحل شامل علينا اولا اعادة تشخيص القضيه السودانيه بكل شجاعة ونرجع لمنصة التأسيسس الاولي لوطن تتوفر فيه اولا مقومات العدالة الحقة. والإرادة السياسية الجادة لتغير هذا الواقع المهين . فلو اتبعنا نفس الوسائل فسنحصد ذات النتائج وسيظل دائما هنالك ندور في الحلقة الشريرة بالتالي ستظل دائما الحرب مشتعلة بين السودانيين وهذا سيقود الى تفتيت البلاد.
(3 )
محور القضية من منظور البجا والشرق : من المعروف ان اقليم شرف السودان دوما يتم تجاهله من قبل الاستقلال وظل يعاني من الفقر والمرض وعدم التعليم ولايزال اقليم مهمش أهله فقراء مدن وريفه لم يعرف الخدمات الاساسية يوما ما . من ناحيتنا فهنالك العديد من التساؤلات التي تطرح من جماهيرنا في الشرق من اهمها ما يدور حول محاولات البعض في المعارضة لممارسة ذات الذي تمارسه الحكومات من اقصاء للشرق ورغم ان البعض يرجع ذلك الى مخاوف ربما ترتبط (بتقسيم السلطة والثروة) كجق اساسي واصيل لأهله و التي يتوقع ان تسفر عنها المباحثات (رغم موقفنا الراسخ والمبدئي بعدم التفاوض اصلا) مما قد يطالب به الشرق من عموم المكاسب بالرغم ان الجميع يحذر من ان ذلك سيقود حتما الى انعزال الرأي العام في الشرق وربما جنوحه للمطالبة بحلول بمعزل عن القضية الكلية وهذا ما ظللنا نحذر منه لأعوام مضت ومن المعروف ان قضية الشرق وكل قضايا الاقاليم هي المكونات التي تصيغ المشكل السوداني ككل لأنها ترتبط اصلا بقضية الحكم في السودان وما السودان الا اقاليم وشعوب تسعى للمشاركة في تقسيم الثروة والسلطة بالتساوي وذلك بمبدأ العدالة لجماهيرها وتحقيق التنمية المتوازنة والرفاهية لها لذا يجب ان يقوم اي حل سوداني شامل على ضرورة تضمينها كقضايا اساسيه يصيغ مجموعها القضية الكلية بالتالي يقوم الحل الشامل على تفكيكها جميعا والنظر اليها ضمن الحل الكلي مع خصوصية أي اقليم ومظالمة التاريخية وليس بحل كل واحده على حده مما سيقود كل الاقاليم الى نفس مصير الجنوب ، حيث تم التعامل مع قضية الجنوب كمشكلة بين اقليمين (جنوب/شمال) بينما لم يكن الشمال اقليما واحدا انما خمس اقاليم اخرى , وهذا هو الذي يجعلنا مؤمنين بأن قضية الشرق وقضية دارفور وكردفان والنيل الازرق جميعها لا يمكن ابدا حلها الا في الاطار الكلي وسبق ان حذرنا في بياناتنا ومقالاتنا بأن الحلول الجزئية ستقود الى تمزيق البلاد واستدامه الحروب مادام هناك مظالم مستمرة وغبن. ولذا لابد من اراده حقيقيه لتغيير النظام من الجذور .
هنالك اتفاق من الجميع برحيل هذا النظام الجاثم في صدر الوطن تعززه درجة تأييد كبيره والتفاف من الشعب السوداني الذي مازال ثائرا في كل بقعه من السودان هذا غير ان الكل متفق مع القوى السودانية المعارضة (السياسية /والمدنية /و المسلحة / التقليدية والحديثة ..الخ) على هدف واحد هو اسقاط النظام وبناء الدوله المدنيه الحديثة علي اسس جديدة .
زينب كباشي عيسي