إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين
أضحى الفساد الأخلاقي والإداري صفة متلازمة للقيادي الإسلامي، واي عضو في حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وقد ضبط منتسبين كثر في أوضاع فاضحة، حتى في نهار رمضان وهم يمارسون الجنس واللواط داخل شقق مفروشة. واستشرت الظاهرة لتعكس عمق الإنحدار القيمي والأخلاقي، الذي وصل بالمجتمع السوداني في عهد حكم الحركة الإسلامية، لتشمل شيوخ الدين وخلاوى تحفيظ القرآن، هذا علاوة على إنتشار ظاهرة تجارة وإدمان المخدرات، بين الشباب وتجدر الإشارة هنا، إلى قضية الحاويات التي ضبطت بميناء بورتسودان فضلا عن ترويج الحشيش والخمور المستوردة، عبر البوابة الغربية في سوق ابرم طاقيتك بالجنينة داراندوكا.
إن كان ثمة ما يثير استغراب المستغربين، من خروقات الحركة الترابية، واعضاءها المفسدين، والتي تجاوزت في بعضها فواصل الجرائم الحدية في دينهم، فإن تاريخ الإسلاميين حافل بالخبث والمنكر، ابتداءً بسرقتهم السلطة في انقلاب 30 حزيران 1989ف، مرورا بتصفية الخصوم والمعارضين وانتهاءا بإبادة الملايين من السودانيين بجنوب السودان، النوبك، النيل الأزرق ودارفور، الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة، ان يعيشوا بكرامة في وطنهم.
ويرفض الجنرال البشير الذي يتحصن بالسلطة من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية له منذ صدور أمر القبض عليه في 4 آزار 2009ف، التنازل عنه منذ انقلاب الحركة الإسلامية عام 1989ف. وترشح أكثر من مرة في إنتخابات صورية، كان الفائز فيها دائما مرشح حزب المؤتمر الوطني بأغلبية ساحقة في تزوير لإرادة الشعب، وتبديد المال العام في انتخابات غير نزيهة ونتائجها معلومة مسبقا بفور الحزب الحاكم.
يدور الحديث هذه الأيام حول تورط الفريق طه، مدير مكاتب الجنرال الهارب من العدالة عمر البشير في فضيحة فساد الأمر، الذي أدى إلى إعتقاله من الطائرة التي كان يستغلها في محاولة منه، للهروب خارج البلاد عبر مطار الخرطوم. وقد إنشغل الشارع السوداني بالقضية التي تعتبر انصرافية مقارنة بجرائم الفساد التي فضحت من قبل، ولم يعرها قضاء النظام الذي بدوره غارق في الفساد أي اهتمام. بل تم ترقية المتورطين إلى رتب أعلى ومناصب رفيعة، وتجدر الإشارة هنا إلى الفريق عبدالرحيم محمد حسين والي الخرطوم الحالي، الذي إنهار في عهده عندما كان وزيراً للداخلية، مبنى جامعة الرباط الوطني فضلا عن فضيحة صفقة استيراد الدبابات الأوكرانية المضروبة.
وفي كل مرة يتم فيها فضح قضية فساد، كان المتورط فيها مسؤول إسلامي أو قيادي كبير بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، وأصبح الفساد من الظواهر المألوفة في السودان ولاسيما في عهد الحركة الإسلامية، التي أحالت البلاد إلى ضيعة خاصة بالتنظيم الإخواني والمنتسبين له، يسرقون المال العام في وضح النهار وخير دليل على ذلك عدم إعلان نتائج لجان التحقيق التي تشكل لتحديد المسؤولين وتقديمهم للعدالة.
ومازال ملف مايسمى طريق الإنقاذ الغربي يكتنفه الغموض، بالرغم من أصابع الإتهام تشير إلى رئيس حزب إسلامي كان ضمن قيادات المؤتمر الوطني قبل المفاصلة، ولم يتم اكتمال بناء الطريق الذي بدأ العمل فيه مطلع تسعينيات القرن المنصرم، وحتى الأجزاء التي اكتملت ومنها قطاع الجنينة زالنجي، وقطاع الفاشر الأبيض لم يتم حسب المواصفات الهندسية المعمول بها بدليل حوادث السير المتكررة نسبة لضيق الطريق، بينما أنجز مشروع طريق التحدي الذي يربط الولاية الشمالية بالعاصمة الخرطوم في فترة وجيزة.
وانتشر الفساد بالسودان إنتشار النار في الهشيم في كل مفاصل الدولة فأصبحت الوزارات والمؤسسات بما فيها وزارة الإرشاد والأوقاف حكرا لبعض القبائل، من الوزير إلى الخفير ولايسمح لغير المنحدرين من عرق او مناطق معينة بتبوء أي منصب رفيع في مؤسسات الجلابي السيادية من بينها جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الخارجية والدفاع، ووزارة الخزانة. ظلت هذه المؤسسات منذ قيام دولة الجلابي حكرا للقبائل النيلية او حلفاءها من الجمجويت وغيرهم ممن يعتبرون أنفسهم عربا في السودان.
واتضحت حقيقة المشروع الإسلامي الذي لا يعدو أن يكون محض شعارات فارغة، ومغرضة كرست لتضليل وحبس عقول السودانيين الذين يرزحون تحت وطأة حكم ديكتاتوري جائر والفقر المدقع بالمساجد يستجدون الفرج من السماء فيما العصابة تتحكر السلطة والمال منذ تأسيس دولتها العنصرية. وهكذا ظلت دولة الجلابي منذ نشأتها منهمكة في إشعال الفتنة وتقويض الإستقرار والتعايش السلمي بين السودانيين وإهدار المال العام في الإنفاق على الحروبات العبثية التي انتهت إلى فصل الجنوب وإبادة جماعية في دارفور، وهكذا سيظل المشروع الإسلامي الدموي يخوض في الدماء والدموع دون ان يطرح حلول للتحديات القاسية التي تواجه السودانيين منذ عقود.