عثمان نواي
ان استمرار المظاهرات فى نيالا لليوم الرابع وخروج عشرات الالاف دون اى استجابة معلنة من الحكومة الانتقالية سوى القمع المفرط تجاه المواطنين ،هو مؤشر واضح على انعدام القدرة الى اتخاذ قرارات فعالة وخطوات سريعة للاستجابة للازمات فى ظل حكومة انتقالية يفترض انها حكومة أزمة فى الأساس. هذه الاستجابات البطيئة والمنعدمة سوف تقود الوضع المحتقن هناك الى وضع كارثى خاصة وان المنطقة مشحونة بعدد كبيرمن العوامل التى قد تعمل فى اتجاهات معاكسة مما قد يقود الأمور الى انفجار حقيقي فى دارفور كلها اذا لم يتم القيام بخطوات عاجلة اقلها اقالة الوالى كمطلب اساسي إضافة الى توفير الخبز والاحتياجات الأساسية. اهم تلك العوامل هو الوجود القوى للكيزان فى كل المجالات. الوضع الامنى فى دارفور قابل للانزلاق الى عنف مفرط اذا لم تتحرك الحكومة بجدية وسرعة وفاعلية للقيام بمهامها الثورية في نزع الكيزان من كل مؤسسات الدولة بقرارات ثورية سريعة. فان ما جرى من تخريب اليوم فى نيالا، هو جىس إنذار بتدهور امنى يتطور كل لحظة.
شمال دارفور أيضا تعانى من وباء الملاريا بشكل غير مسبوق حيث تعجز المستشفيات هناك عن استقبال مئات الحالات التى تسجل يوميا حيث هناك كارثة صحية حقيقية فى الفاشر. ان ما يحدث فى دارفور هو فقط وكالعادة مجرد جرس الانذار للانهيار الذى تشهده الدولة ،وهذا الجرس دائما ما كان يأتى من الأطراف ومناطق النزاعات لأنها تشعر به اولا بحكم اوضاع الإهمال المتراكمة والمعاناة المتفاقمة. وعلينا ان لا ننسي ان شرارة ثورة ديسمبر بدأت فى الدمازين بطلاب المدارس الجائعين الباحثين عن الخبز فتبعهم بقية السودان. حيث ان خطوات الإصلاح البطيئة والتى لا تشبه الفعل الثورى الذى يطالب به الجماهير ينبئ بشكل سريع بحكومة غير قادرة على تلبية ابسط احتياجات الشعب من الخبز والمواصلات. ويجب على الجميع النظر الى الأمور على حقيقتها وعدم تعليق كل شيء على أكتاف الدولة العميقة والكيزان. ما يجب ان يحدث من خطوات ثورية اتجاه إصلاح المؤسسات وتطهيرها من النظام القديم بما فى ذلك الولاة ،إضافة الى العمل بشكل إسعافى لتوفير احتياجات الناس من الأموال التى يجب مصادرتها من الكيزان وبقرارات ثورية هو ما لم يحدث، والذى لم يحدث من قبل الحكومة الانتقالية البطيئة الحركة هو ما يقود البلاد الى الهاوية الان وليس فقط ما قام به الكيزان او يقومون به ،ترك الثغرات مفتوحة للعدو لاستغلالها ضدنا يعد من الغباء فى إدارة الصراع وليس بسبب قوة الخصم . البناء الهش جدا للنظام الحالى مهدد من جهات عديدة وعدم التحرك السريع وتقديم معالجات ثورية وعاجلة سوف يقود الأمور فى مناطق كثيرة للانهيار ،شرق السودان يغلى، ودارفور تغلى، والايام المقبلة ستحمل تحديات اكبر. الغياب الكامل للتحركات الفعالة من الحكومة الانتقالية ينم على انعدام واضح للرؤية والتخطيط العملى، رغم الخطب الرنانة وهذه هى الثغرات التى تنبئ بأن الوضع السياسي السودانى كله يمكن ان يكون فى مهب الريح اذا لم يتغير إيقاع العمل من الحكومة الانتقالية الى الاستجابة السريعة .
nawayosman@gmail.com