كمّا تعونا دوماً في سابق الزمان يأتي العيد ويجلب معه الفرحة والسُّرور وواجب علينا كمسلمين أنَّ نفرح ونبتهج بالعيد ولكّن أحياناً يأتى العيد ويجلب معه الحزن والغّم والكآبة والمَرارة عندما تعصف بالنفس الذكريات حزينة ومكتئبة وإحياء ذكرى بائس وتعيس بِفقد أعزاء كانوا معنا دائماً في كُل عيد أو بفقد الوطن بِأكملهِ أو غيرها من الأحزان فالعيد الحقيقي بالألتفاف حول الأهل والأحباء والوطن وبدون كل هذه لا يوجد عيد ! .
عيد اُخرى في دارفور وقد تبدلت الأحوال من سَيِّئُ إلى أسوأ وكسى الوجوم وجوه البُساط والضُعاف والعبرات تنساب وتتدفق حرِي من جفون الأرامل والتيامى والآهات والأنين تعتمل الصدور والجراح النازفة الراعفة ما زالت مفتوحة على المزيد والآلام تقض مضاجع الموجوعين والمكلومين والغلابة والتعابة .
عيد اُخرى في دارفور كسابِقه لمّ يتغير في شيء بطعم الدموع التي سالت مدراراً وتكراراً لفقد أعزاء قضوا نحبهم تحت نيران الجنجويد .
عيد اُخرى في دارفور كأعياد الماضية بطعم الدم النازف من أجساد الأبناء والبنات والأخوة والأخوات والأباء والأمهات والأجداد والجدات في هذه البُقعة المنكوبة بالنار والدخان والدمار والخراب .
عيد اُخرى في دارفور وقد غاب أعز الناس عنا إلى الأبد بالأمس القريب بدمٍ بارد بعد أنَّ زرعوا فينا كُل أنواع الفِتن والإغراءات وأصحبنا نقتل أنفسنا بأنفسنا ونتصارع مع بعضنا البعض كـ.”الأسماك في البحر” .
عيد اُخرى في دارفور ولا بيت لإستقبال الزائرين ولا أطفال بإنتظار المعيدين ولا من يكفكف دموع اليتامى والكثالى والمغلُوبين على اُمرهم من الأعمام والأخوال والخالات والعمات والأجداد والجدات.
عيد اُخرى في دارفور لمّ يعد أحد في البيت يشعل البخور ولا من يقدم كعك العيد المحشو بالتمور وغاب أطفال الجيران الذين طالما سمعت ضحكاتهم والتمع الفرح في عيونهم بهجة بملابس العيد في الأزقة والشوارع الضيقة .
عيد اُخرى في دارفور يبحث الأطفال عن آبائهم وأمهاتهم والأباء والأمهات عن أبنائهم .
عيد اُخرى في دارفور يتبادل المقهورون الآهات والمكلومون الدموع والنازفة جراحهم تتجافي جنوبهم عن المضاجع ألماً من تباريح الظلم وأوجاع الفقد والتشريد واللُجؤ والنُزوح .. حسبى الله ونعم الوكيل .