صلاح الدين مصطفى
الخرطوم ـ تعاني منطقة دارفور بالسودان من تدفق كبير للنازحين، بسبب النزاع الذي يدور منذ أكثر من عشر سنوات وزادت شدته مؤخرا بما يجري في منطقة جبل مَرَّة من معارك ضارية بين الحكومة السودانية وحاملي السلاح. وتضاعفت معاناة الإقليم بوصول لاجئين من دولة جنوب السودان أيضا.
ووﻓﻘﺎ لمفوضية اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة لشؤون اللاجئين وﺻﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 220 ألفا ﻣﻦ ﻣﻮاطﻨﻲ دوﻟﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان إﻟﻰ اﻟﺴﻮدان ﻓﻲ اﻟفترة بين كانون الأول / ديسمبر 2013 ونيسان /أبريل 2016.
وتسبب انعدام الأمن في ولايتي ﺷﻤﺎل ﺑﺤﺮ اﻟﻐﺰال وواراب في موجات نزوع واسعة، خاصة إلى ولايات ﺷﺮق وﺟﻨﻮب دارﻓﻮر. واﺳﺘﻘﺮ أغلبية الوافدين اﻟﺠﺪد ﻣﻦ دوﻟﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان ـ بنسبة 78 ٪ ـ ﻓﻲ ولاية ﺷﺮق دارﻓﻮر، وﺑﺼﻔﺔ رئيسية ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺧﻮر ﻋﻤﺮ.
[quote]وتتوقع الأمم المتحدة أن يستمر هذا اﻟﺘﺪﻓﻖ ﺣﺘﻰ بداية ﻣﻮﺳﻢ اﻷﻣﻄﺎر، ﻣﻊ ﺗﻮﻗﻊ أن يصل ﻋﺪد الوافدين إلى ولايتي شرق وجنوب دارفورإلى 120 ألفا ﺑﺤﻠﻮل نهاية شهر حزيران / يونيو.[/quote]
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد تم ﺗﺴﺠﯿلـ 24.944 ﻣﻦ أﺻﻞ 26,278 ﻣﻦ ﻣﻮاطﻨﻲ دوﻟﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان ﻓﻲ ﺧﻮر ﻋﻤﺮ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ الدولية للهجرة ﺣﺘﻰ تاريخ 10نيسان / أبريل.
وقالت معتمدية ﺷؤﻮن اللاجئين السودانية إنّ ﻋﺪد اللاجئين اﻟﺠﺪد ﻣﻦ دوﻟﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮ» بليل للنازحين» ﻓﻲ ولاية ﺟﻨﻮب دارﻓﻮر بلغ 4.125 شخص. وﻣﻦ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن يصل ﻧﺤﻮ 7.000 لاجىء ﻣﻦ دوﻟﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان إﻟﻰ ولاية ﺟﻨﻮب دارﻓﻮر. وتعاني المنظمات العامة في هذا المجال من نقص في التمويل يصل إلى 80٪. وتقدر الوكالات المبالغ الضرورية لتقديم الدعم للاجئي جنوب السودان بأكثر من 54 مليون دولار لم يصل منها حتى شهر نيسان / أبريل الجاري سوى 15٪.
ويعاني النازحون من مناطق جبل مرة من أوضاع سيئة، خاصة في المجال الصحي. ووفقا لنشرة إعلامية أصدرها ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة لتنسيق اﻟﺸﺆون الإنسانية (أوﺗﺸﺎ)، ﻓﻘﺪ إزداد ﻋﺪد ﺣﺎﻻت الإﺻﺎﺑﺔ ﺑﺴﻮء التغذية اﻟﺤﺎد في الاسبوع الماضي من 191 إلى 261 حالة.
وأﺷﺎرت «ﻣﻨﻈﻤﺔ أنهار الوطنية» غير الحكومية إﻟﻰ زيادة ﺣﺎﻻت اﻻﺻﺎﺑﺔ ﺑﺴﻮء التغذية اﻟﺤﺎد الوخيم إﻟﻰ 394 ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻼل الأسبوعين الماضيين. ووفقا لتقرير «أوتشا»، ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻊ ﻋﺪد ﺣﺎﻻت الإﺻﺎﺑﺔ ﺑﺴﻮء التغذية اﻟﺤﺎد الوخيم اﻟﺘﻲ ﺟﺮى إدخالها إﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ تحقيق اﻻﺳﺘﻘﺮار ﺣﺘﻰ تاريخ 12نيسان / أبريل الجاري.
ويقوم الفريق اﻟﻘﻄﺮي اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻟﻤﻨﻈﻤﺔ الدولية للهجرة بمواصلة أﻧﺸﻄﺔ تسجيل النازجين اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم بها المنظمة الدولية للهجرة في ولاية شمال دارفور. ووفقا لتقارير صدرت الشهر الماضي، فقد تجاوزعدد الفارين من المعارك التي دارت مؤخراً بين القوات الحكومية والحركات المسلحة في منطقة جبل مرة، مئة ألف شخص «غالبيتهم من الأطفال والنساء» الذين لجأوا إلى معسكرات الإيواء في ولايات شمال ووسط وجنوب دارفور. لكن الحكومة السودانية شكّكت في هذا الأرقام وقالت إنها تتجاوز السبعين ألف شخص بقليل. وتقول «أوتشا» إن بعثة «اليوناميد» ﺑﺪأت عميات ﺣﻔﺮ بئرين لتوفير المياه. و ﻗﺎﻣﺖ اليونيسيف، وﻣﻨﻈﻤﺔ أوﻛﺴﻔﺎم الدولية أيضا ﺑﺈرﺳﺎل ماكينات ﺣﻔﺮ إضافية إﻟﻰ منطقة ﺳﻮرﺗﻮﻧﻲ بشمال دارفور.
وتعتبر حالات الإسهال واﺣﺪة ﻣﻦ أهم القضايا الصحية ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ويعود ذﻟﻚ ﻓﻲ الإﺳﺎس إﻟﻰ ﺗﻠﻮث المياه. ووﻓﻘﺎ ﻟﻮزارة اﻟﺼﺤﺔ بالولاية ﻓﻘﺪ ﺟﺮى اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ عينة مياه ملوثة مأخوذة من نقاط المياه ومن المنازل.
ويقول ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة لتنسيق اﻟﺸﺆون الإنسانية: «ﺣﺘﻰ السادس عشر من هذا، اﺳﺘﻤﺮت عملية توفير مياه الشرب من خلال إمداد يومي بالشاحنات ﺑﻮاﺳﻄﺔ العاملين ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ويقوم النازحون ﺑﺠﻠب كميات أخرى إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﺳﻮرﺗﻮﻧﻲ، في ﻮﻻيﺔ ﺷﻤﺎل دارﻓﻮر».
وﻓﻲ أﻋﻘﺎب تقرير ﻣﻦ مفوضية اﻟﻌﻮن اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ الحكومية ﻋﻦ ﻋﻮدة الناحين ﻣﻦ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﻣﻮرﻧﻲ للنازحين ﻓﻲ ولاية ﻏﺮب دارﻓﻮر إﻟﻰ روﻧﻘﺎﺗﺎس ﻓﻲ ولاية وﺳﻂ دارﻓﻮر، زارت ﺑﻌﺜﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ بين اﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ تاريخ 14نيسان / ابريل الحالي. وﺣﺪدت اﻟﺒﻌﺜﺔ 5.750 شخص ﻣﻦ الذين ﻗﺪﻣﻮا إﻟﻰ هناك، ﻣﻊ ﺗﻮﻗﻊ ﺑﻮﺻﻮل المزيد ﻓﻲ وﻗﺖ قريب.
ووﻓﻘﺎ ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺒﻌﺜﺔ، ﺗﻔﺘﻘﺮ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ إﻟﻰ المراحيض، وإﻣﺪادات المياه المأمونة واﻟﺨﺪﻣﺎت الصحية، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ الاحتياجات ذات الأولوية لهؤلاء اﻷﺷﺨﺎص من المياه واﻟﻤﺮاﻓﻖ الصحية، واﻟﻤﺂوى.
وأعلن الجيش السوداني رسميا، في الثاني عشر من هذا الشهر، انتهاء التمرد في جميع ولايات دارفور، لكن الحركات المسلحة نفت ذلك رغم اعترافها بالهزائم الأخيرة وانضمام مجموعات منها للحكومة.
القدس العربي