المجموعة السودانية للديمقراطية اولا
يشهد هذا الشهر الذكرى الخامسة على اندلاع الحرب مرة أخرى في مناطق جبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق. فقد شنت القوت الحكومية السودانية هجوما واسعاً على المنطقتين في أعقاب ارتفاع وتيرة التوتر السياسي بين حزب الموتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، والذي حوله الحزب الحاكم الى هجوم عسكري كثيف في السادس من يونيو 2011، تضمن انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان شملت الاعدامات والقتل العشوائي، والاعتقالات التعسفية وتعذيب المدنيين من مواطنيّ الاقليم، بالإضافة الى تدمير البنية التحتية والمنشئات الخدمية في المنطقتين. على مدى خمس سنوات، لا تزال هذه الجرائم مستمرة من يونيو 2011 وحتي اليوم في 13 يونيو 2016، شاهد عليها نحو مليونيّ من النازحين داخليا واللاجئين.
المجموعة السودانية للديمقراطية اولاً، كانت صاحبة المبادرة الاولي في التوثيق لحجم ومدى الانتهاكات التي تمت خلال الاسبوع الاول من بداية ارتكاب تلك الجرائم الجسيمة. حيث صدر التقرير المرفق ادناه عن حملات التطهير العرقي الجديدة : وثيقة حقائق الاسبوع الاول في 13 يونيو 2011.
تعيد المجموعة السودانية للديمقراطية أولا نشر هذا التقارير لتذكر الضمير الإنساني السوداني والعالمي بمدى اتساع واستمرار هذه الفظائع. ان الجرائم المستمرة في الحدوث هي وصمة عار على الإنسانية جمعاء ولا ينبغي السماح باستمرارها أكثر من ذلك.
كما نرفق مع هذا التقرير القديم، خارطة حديثة للاوضاع الإنسانية قامت باعدادها SKBNCU توضح مدى اتساع الجرائم المرتكبة وحجم المآسى الانسانية، كما توضح ما حدث منذ صدور تقرير الديمقراطية اولاً في يونيو 2011 وما يحدث الان في يونيو 2016 كما تبيين الخريطة ادناه.
حملات التطهير العِرقي مرة أُخرى: جنوب كردفان/ جبال النوبة
وثيقة حقائق الإسبوع الأول
الإثنين 13 يونيو 2011
إندلاع أعمال العنف واسعة النطاق الإثنين الماضي 6 يونيو 2011 وتصاعدها المستمر حتي اليوم ليست وليدة الصدفة أو غير متوقعة في ظل الإحتقان السياسي والأمني المستمر بولاية جنوب كردفان/ جبال النوبة. إن الجرائم المرتكبة خلال هذا الإسبوع، من تصفيات جسدية خارج نطاق القانون، وقتل وإعتقالات وحرق وتعذيب وإختفاءات قسرية وسرقة وتدمير للبني التحتية والخدمات بما فيها الكنائس، بالإضافة لعشرات الآلآف من حالات النزوح، كلها تمثل جرائم جسيمة وإنتهاك للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما يؤهل إتساع نطاقها في معظم مدن وقرى المنطقة والألآف من الضحايا المدنيين الى تصنيفها ضمن الجرائم الإنسانية وجرائم التطهير العرقي.
يؤثق هذا التقرير لعدد محدود من الجرائم وإنتهاكات حقوق الإنسان التي طالت المدنيين من مواطني المنطقة، والتي تمكنت المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً من توثيقها، وهي لا تشمل جرائم الحرب التي طالت العسكريين من القوى الأمنية لحزب المؤتمر الوطني أو قوى الجيش الشعبي لتحرير السودان بالولاية. لقد إستخدمت القوى الأمنية التابعة لحزب المؤتمر الوطني ممثلة في القوات المسلحة وشرطة الإحتياطي المركزي وقوات الدفاع الشعبي والمليشيات المنظمة من بعض قبائل المنطقة وما جاورها، إستخدمت هذه المجموعات القوى المفرطة بما فيها المدفعية الثقيلة والعشرات من الطلعات الجوية بطائرات الأنتنوف والطائرات المقاتلة في مواجهة المدنيين العزل مستهدفة بصورة رئيسية المنتمين سياسياً للحركة الشعبية لتحرير السودان والمنتمين عرقياً لقبائل النوبة، بما فيها إستهداف القرىّ والأحياء السكنية بالمدنية التي تقطنها مجموعات سكانية ممن ينتمون لقبائل النوبة، هذا فضلاً عن إستهداف دور العبادة المسيحية بما يحمل مؤشرات خطيرة للإستهداف القائم على التمييز العِرقي والديني. وتشمل حملات الإستهداف العرقي والسياسي، إضافة للحملات العسكرية، حملات تفتيش بالمنازل والطرقات ونقاط التفتيش بالطرق العامة مثل طريق الدبيبات الدلنج كادوقلي، إضافة للبحث في الوثائق الثبوتية وأماكن النزوح المؤقت مثل معسكرات الأمم المتحدة بمدينة كادوقلي والتي شهدت حالات اختطاف وتصفيات مباشرة امام مقر بعثة الأمم المتحدة، الأمر الذي خلق حالة عامة من الإرهاب وسط المواطنين(ات).
لقد اصبحت مدنية كادوقلي عاصمة الولاية أشبه بمدينة الأشباح، خالية من المواطنين(ات) تنعدم فيها المياه والكهرباء والطعام ومن يعثر عليه ويشتبه به سياسياً أو اثنياً مصيره التصفية الجسدية أو الأختفاء. هذه الحالة أكدها رئيس الجمهورية عمر البشير ووالي الولاية أحمد هارون، وكيهما مطلوبان للعدالة بالمحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير العرقي، حيث صرحا خلال هذا الإسبوع عن قيام قواتهم الامنية ب ( تمشيط) الولاية عسكرياً ممن أسموهم بالأعداء، في إشارة غير مقصودة لحملات التفتيش الشخصية والتصفيات المستمرة المستندة على الهوية الإثنية والسياسية.
• حملات القصف الجوي
أشارت تقارير مختلفة، من ضمنها أفراد باللأمم المتحدة وشهود عيان من الناجين عن قيام القوات المسلحة بما يفوق الثلاثون (30 ) طلعة جوية مستخدمة طائرات الأنتنوف والطائرات المقاتلة من طراز ميج خلال الإسبوع الاول من حملة التطهير العرقي بجنوب كردفان/ جبال النوبة. فقد إستهدفت هذه العمليات العسكرية، إضافة للقوات التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان، إستهدفت المدنيين العزل في معظم القرى والمدن ذات الكثافة السكانية لقبائل النوبة. وقد إستهدفت الطلعات الجوية مناطق بلينجا، تافيري، كجا، دالوكا، حجر المك، كلولو. إضافة لذلك في يوم الأربعاء 8 يونيو قامت الطائرات المقاتلة بقذف مناطق دلامي، شات، كرنقو عبدالله، تالودي، تيسي وبرام. وفي نفس اليوم قصفت طائرات الانتنوف مناطق أم دورين، أم سردبا، سرف الجاموس، بالاضافة لمنطقة سلارا بالقرب من مدينة الدلنج. كما تعرضت مناطق تلودي، هيبان، كوالب وكاشاما لعمليات قصف جوي يوم الخميس 9 يونيو من قبل طائرات ميج المقاتلة، هذا إضافة للقصف الجوي لمنطقة جاو على الحدود بين ولايتي جنوب كردفان وولاية الوحدة بجنوب السودان. وقد خلفت حملات القصف الجوي العشرات من القتلي ومئات الجرحي من المواطنين، وتدمير الممتلكات، اضافة لإضطرار الألآف لهجر قراهم ومناطقهم، تاركين ممتلكاتهم ورائهم، والنزوح الى المدن والمناطق الأكثر أماناً نحو الشمال.
• التصفيات خارج نطاق القانون والقتل
بناءً على الإشتباه بالإنتماء السياسي أو الإثني، تعرض العشرات من المواطنين للتصفية الجسدية خارج نطاق القانون وللقتل بواسطة القوات الامنية التابعة للمؤتمر الوطني. ومن الأمثلة لحالات القتل والتصفية الجسدية التي تمكنت المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً من توثيقها:
– جمعة باري، مواطن معاق تم إختطافه ومن ثم إلقاء جثته أمام بعثة الأمم المتحدة بكادوقلي
– نميري سلك، موظف بالأمم المتحدة تم إغتياله امام بوابة الأمم المتحدة بكادوقلي
– نميري فليب مضوي، من أبناء هيبان أغتيل بكادوقلي
– النذير بشير الفيل، أغتيل بعد هجوم مليشيات الدفاع الشعبي على قرية الفيض أم عبدالله
– عبدالرحيم محمد احمد، تاجر وتم أغتياله بعد هجوم مليشيات الدفاع الشعبي على قرية الفيض أم عبدالله
– محمد عبدالرحمن عبدالرحيم، طالب بجامعة الجزيرة
– عبدالرحمن محمد محمود، استاذ بالمدارس الثانوية
– ادم محمد محمود، يعمل بالاعمال الحرة تم اغتياله بقرية الفيض أم عبدالله
– ادم ابوسن، أغتيل بعد هجوم مليشيات الدفاع الشعبي على قرية الفيض أم عبدالله
– ادم محمد احمد، أغتيل بعد هجوم مليشيات الدفاع الشعبي على قرية الفيض أم عبدالله
– شريف عبدالتام، مساعد طبي
– فضل جمعة، سائق
– القس موسى عريبات
– الطيب السر، أغتيل اثناء قيامة بدفن احد أقاربه بمقابر قعر حجر
– في منطقة تلودي لقى 10 مواطنين مصرعهم بسبب القصف الجوي لطائرات الانتنوف
– في منطقة البرام لقى 6 مواطنين مصرعهم بسبب القصف الجوي لطائرات الانتنوف
– في منطقة الدلنج لقى 28 مواطن(ة) مصرعهم بسبب القصف الجوي لطائرات الانتنوف
– في منطقة كرنقو عبدالله لقى 5 مواطنين مصرعهم بسبب القصف الجوي لطائرات الانتنوف
– في منطقة شات لقى 13 مواطن(ة) مصرعهم بسبب القصف الجوي لطائرات الانتنوف
– في منطقة كيقا لقى 4 مواطنين مصرعهم بسبب القصف الجوي لطائرات الانتنوف
– في قرية الفيض أم عبدالله وجدت جثث 6 مواطنين لم يتعرف على هويتهم بعد
– أغتيل الناشط نائل درك بمنطقة الكويك
– الدكتور داؤد كودي، طبيب بمستشفي كادوقلي
– مهنا كنو، أغتيل بحي كليمو
– فضل العظيم جمعة أسو، أغتيل في حي قعر الحجر
– فرح فليب كالو، معلم أغتيل في حي الرديف
– لويس عاوجى، موظف ببعثة الأمم المتحدة أغتيل بواسطة الإستخبارات العسكرية
– جمعة بحر، ضابط أمن بعثة الأمم المتحدة
• الإعتقالات الإختفاءات القسرية والتعذيب
إستهدفت نماذج الإعتقالات والإختفاءت القسرية الناشطين(ات) سياسياً وإجتماعياً من أبناء وبنات المنطقة، خاصة في المدن الكبرى. وأُستخدمت حملات تفتيش المنازل والطرقات وتجمعات النازحين أمام مقر بعثة الأمم المتحدة بغرض إعتقال من وتعذيب من يشتبه في ولائهم السياسي وإنتمائهم الإثني، نفذتها قوات من الأمن ومليشيات الدفاع الشعبي، وبارشاد من أعضاء حزب المؤتمر الموطني في العديد من الحالات. ومن ضمن حالات الإختفاء والإعتقال والتعذيب التي تمكنت المجموعة السودانية من تأكيدها الآتي:
– تم إعتقال ما يزيد عن التسعون مواطناً من حي الموظفين بكادقلي، ووردت معلومات عن تعرضهم للتعذيب ونقلهم الى الخرطوم.
– أعتقل المدير التنفيذي لمحلية العباسية تقلي الاستاذ محمد رضوان
– أعتقل شقيق الوزيرة عن الحركة الشعبية بثينة دينار بواسطة قوة امنية
– ابراهام مرادة توتو، موظف بالامم المتحدة تم إعتقاله ووردت معلومات عن ارساله الى مدينة الابيض بشمال كردفان
– أدم جبريل، موظف بالامم المتحدة تم إعتقاله ووردت معلومات عن ارساله الى مدينة الابيض بشمال كردفان
– كباشي تية كباشي، معلم
– عبدالله جمعة، ملاحظ صحة
– بدرالدين بخيت ناتو
– حمدان حسين حميدان، عسكري بالمعاش
– محمد كرتديلا عطرون، عسكري بالمعاش
– محمد عبدالرحمن، عسكري بالمعاش
– بابو انديا، عسكري بالمعاش
– المحامي يعقوب التجاني، أطلق النار عليه واصيب في رجله أقتيد الى حامية كادوقلي
– مختار حسن بدوي وزوجته مني تم إعتقالهم عند مدينة أم روابه
– بشير الفيل، تم اعتقاله بعد الهجوم على قرية الفيض أم عبدالله واقتيد لمكان مجهول
– محمد ادريس، امام مسجد الفيض، تم اعتقاله بعد الهجوم على قرية الفيض أم عبدالله واقتيد لمكان مجهول
– عبدالرحمن بابكر الشامبي، وردت معلومات عن إقتيادة لمقر القوات المسلحة
– شاذلي جعفر بابكر، وردت معلومات عن اقتياده لمقر القوات المسلحة
– احمد بابكر الامير، أمير قبيلة تقوى، تمت مطاردته ولا توجد معلومات بعد إختفائه
– حواء مندو، عضوة المجلس التشريعي بالولاية، تم إختطافها من منزلها بكادوقلي
– المهندس أبوعبيدة على حمد، نائب مدير صندوق التمويل الأصغر، أعتقل من داخل منزله
– اخرش البدوي، معلم تم إعتقاله من كادوقلي
– أحمد صباحي، أعتقل في منطقة أبوجبيهة
– فضل المولى عبدالعزيز، أعتقل في منطقة أبوجبيهة
– مسعود عزالدين، ناشط أعتقل في منطقة ابوجبيهة
– عبدالعزيز كيماوي، ناشط أعتقل بأبوجبيهة
• التدمير والسرقة والحرق
إضافة لحالات التدمير والسرقة والحرق التي طالت العديد من قرى المنطقة، مثل قرية الفيض أم عبدالله وقرية كلولو، وحي كلمو وحي قعر الحجر بمدينة كادوقلي، فقد طال التدمير والنهب ممتلكات المواطنين الفارين من أحداث العنف بمدينة كادقلي. جرائم التدمير والسلب والحرق إستهدفت ايضاً ممتلكات الكنائس بمدينة كادوقلي وما حولها. فقد داهمت القوات الامنية ومليشيات الدفاع الشعبي كنيسة أبرشية كادوقلي وكنيسة المسيح والكنيسة القبطية والمنازل الخاصة بالكنائس، وعملت على حرق الوثائق والملفات ونهبت الممتلكات من معدات الكترونية واثاثات، إضافة الى تدمير مكاتب مطران الكنيسة.
كما طالت أعمال التدمير والنهب والحرق منازل الدستوريين والاعضاء المعروفيين من الحركة الشعبية لتحرير السودان بكادوقلي، إضافة لنهب وحرق مكاتب الحركة الشعبية في مناطق كادوقلي والفولة وبابنوسة والمجلد وأبوجبيهة، والقوز ورشاد والعباسية. وإستهدفت القوات الأمنية ممتلكات المواطنين الأبرياء في قرية الفيض أم عبدالله بزعم انها مسقط رأس رئيس الحركة الشعبية بجبال النوبة/ جنوب كردفان.
• الوضع الإنساني والنزوح
في تقارير رسمية قدرت اعداد النازحين(ات) من مواطنيّ جبال النوبة/ جنوب كردفان بنحو مائة الف (100000) نازح(ة) خلال إسبوع فقط من بدء أعمال العنف والحملات العسكرية والقصف الجوي من قبل القوات الأمنية للمؤتمر الوطني. وفي مدينة كادوقلي وحدها، عاصمة الولاية، تجمع نحو عشرة ألآف (1000) من المواطنين حول مقر بعثة الأمم المتحدة طلباً للأمن والحماية من قبل بعثة حفظ السلام. وقد شهدت مدينة كادوقلي وحدها هجر معظم مواطنيّ أحياء كليمو، قعر الحجر، الرديف، أم بطاح، البان جديد، حجر الملك مساكنهم بعد مشاهدتهم لأعمال العنف والقتل والاعتقال والتدمير وحملات التفتيش الشخصية. وإنتشرت نقاط التفتيش طيلة الطريق السريع المؤدي من مدينة كادوقلي الى مدينة الأبيض بشمال كردفان، والذي شهد حركة نزوح واسعة بما فيها السير على الأقدام لعشرات الألآف من المواطنين ولمئات الكيلومترات من المسافات.
وترتب على هذا النزوح الواسع من مختلف مناطق الولاية، وفي ظل إستمرار العنف المنظم من قوات ومليشيات المؤتمر الوطني، ترتب عليها تدهور كبير في الوضع الإنساني لمواطنيّ المنطقة. فمن ناحية فقد شلت عجلة الحياة تماماً خلال إسبوع واحد وفقد معظم مواطنيّ المنطقة موارد عيشهم ودمرت محصولاتهم الغذائية، كما تعطلت خدمات المياه والكهرباء والمواصلات وتوقفت الخدمات الصحية بالمستشفيات والمراكز الصحية، حيث بدأت أعراض سوء التغذية وسط الأطفال حول معسكر الامم المتحدة في ظل غياب الأدوية والكوادر الطبية. تدهور الوضع الإنساني السريع بسبب العنف والنزوح الواسع قوبل ايضاً بإنعدام وإنسداد كامل لتدفق المعونات الإنسانية العاجلة للمواطنين النازحين. حيث وضعت القيود الأمنية أمام المنظمات الدولية المحدودة الموجودة بالمنطقة ومُنعت من تقديم الدعم الإنساني للمواطنين، وبدأت العديد منها في إجلاء العاملين بها من المنطقة بما ينذر بكارثة إنسانية قادمة وبسرعة.
• موقف بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام بالمنطقة
لا يقتصر موقف بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام بمنطقة جبال النوبة/ جنوب كردفان على إفتقارها للدور الإيجابي والمطلوب بشدة في حماية المدنيين وتقديم العون الإنساني لهم(ن)، بل طالت البعثة العديد من الشبهات والإتهامات إما بتعاونها غير المباشر مع القوات الأمنية لحزب المؤتمر الوطني أو بصدها لتوسلات المدنيين لحمايتهم. فحالات الإختطاف والإختفاء والتصفية الجسدية التي طالت العديد من المدنيين، بما فيها عدد من موظفيّ البعثة المحليين، من داخل ومن أمام مقر البعثة تقف شاخصة على حالة الشلل شبه الكامل للبعثة. إضافة لذلك توجد إتهامات متكررة للقوة المصرية المكونة لقوات البعثة بعدم تعاونها مع المواطنيين وإستجاباتها لأوامر وتهديدات القوات الأمنية التابعة لحزب المؤتمر الوطني، بل وتعاونها معها، إضافة لإرتباك أفرادها وإظهارهم للخوف وعدم المسؤلية. وفي العديد من الأمثلة طُلب من البعثة إجلاء عدد من الحالات الخطرة من المواطنيين لإستهدافهم المباشر، الإ ان كل هذه الطلبات قوبلت إما بالصمت أوالرفض بحجة ان تفويض البعثة لا يسمح، هذا إضافة الى صمت البعثة في تقديم العون الإنساني العاجل وتعتيمها على نشر وإيصال المعلومات حول الجرائم المغترفة بالمنطقة والوضع الإنساني المتردي الذي يواجهه المواطنيين.
• حرية النشر والتعبير
مع بداية أعمال العنف المنظم خلال الإسبوع الجاري عمدت الأجهزة الأمنية لحزب المؤتمر الوطني على وضع ستار مانع لتدفق المعلومات والنشر والتعليق وإخفاء الجرائم الواسعة التي ترتكبها في منطقة جنوب كردفان/ جبال النوبة. فقد منعت وسائل الإعلام المحلية والعالمية من التواجد في المنطقة، وعادت الرقابة على الصحف المحلية بمصادرة الصحف التي تنشر عن الوضع الإنساني والإنتهاكات الممارسة ضد المدنيين. ومن الأمثلة لحجب وسائل الإعلام من الوصول للمنطقة إحتجاز وتعذيب فريق قناة الجزيرة ومنعه من الوصول الى مناطق إرتكاب جرائم التصفيات، وهو ما إنطبق على طاقم قناة العربية والتي منع فريقها من الوصول الى المنطقة بعد توجيه الأوامر العسكرية له بالعودة الى الخرطوم وعدم دخول المنطقة. وفي الخرطوم تعرضت صحف الصحافة وأجراس الحرية للمصادرة بعد طباعتها لإحتوائها على تقارير وأخبار تتعلق بالأوضاع بجنوب كردفان/ جبال النوبة، الأمر الذي تكرر لأكثر من مرة مع صحيفة أجراس الحرية. وفي المقابل لذلك نشطت الصحف الموالية لحزب المؤتمر الوطني وتم مدها بالمعلومات الإستخبارية والتحليلات العنصرية للعمل ضمن إعلام الحرب والتطهير العرقي الذي تقوم به القوات الأمنية والمليشيات التابعة للمؤتمر الوطني، ويشمل ذلك إضافة للصحف وسائل الإعلام الإذاعية والتلفزيونية المملوكة للحزب الحاكم والتي دشنت حملاتها الدعائية للحرب والتعبئة ضد مواطنيّ المنطقة.
• توصيات عامة
الشروع في عملية شاملة لوضع ترتيبات سياسية ودستورية وأمنية جديدة تشمل كل السودان الشمالي، وبصورة خاصة منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان/ جبال النوبة.
دعوة مجلس الأمن الدولي للتدخل الفوري وإصدلر قرار بحظر الطيران بمنطقة جنوب كردفان/ جبال النوبة لإيقاف القصف الجوي ضد المدنيين.
إعلان منطقة جنوب كردفان/ جبال النوبة منطقة كوارث وتوفير ممرات آمنه لتوفير وإيصال المعونات الإنسانية العاجلة للمدنيين والنازحين.
تغيير مجال تفويض بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام بالمنطقة ليشمل حماية المدنيين وتوفير المعينات اللوجستية العاجلة، بما فيها تغيير القوات المصرية الموجودة حالياً بقوات أكثر فاعلية وتنال ثقة الضحايا والناجيين.
تكوين بعثة لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمنطقة، يشمل مجال إختصاصها التقصي عن الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم التطهير العرقي بالمنطقة.
تنشيط أوامر القبض السابقة الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة والي ولاية جنوب كردفان الحالي أحمد هارون والرئيس عمر البشير عن الجرائم المغترفة بدارفور وذلك لتأكيد ثقة ضحايا الأنتهاكات الحالية في جبال النوبة/ جنوب كردفان في آليات المحاسبة والعدالة الدولية.
خلفية سياسية:
تعيش منطقة جبال النوبة/ جنوب كردفان خصوصية سياسية وأمنية تعود الى بداية التسعينات حيث شهدت المنطقة جرائم وإنتهاكات مماثلة لما يحدث اليوم إرتقت الى جرائم التطهير العرقي مارستها الحكومة المركزية في الخرطوم على مواطنيّ المنطقة، وبصورة خاصة على شعب النوبة، وبإدارة ومسؤلية مباشرة لوالي الولاية الحالي أحمد هارون، المطلوب في جرائم مماثلة من قبل محكمة الجزاء الدولية.
توصلت المنطقة الى تسوية سياسية ضمن برتكولات إتفاقية السلام الشامل في العام 2005 منحت المنطقة بموجبة الحق في إجراء مشورة شعبية يحدد عبرها المواطنيين ديمقراطياً، عبر مجلسهم المنتخب، عن مواقفهم وعلاقتهم بالحكومة المركزية فيما يتعلق بقضايا السلام والمشاركة السياسية والترتيبات الأمنية والتنمية. وقد عمد حزب المؤتمر الوطني طيلة الفترة الإنتقالية لعملية السلام على تفريغ عملية المشورة الشعبية من محتواها السياسي والأمني قبل قيامها بوضع ترتيبات لتحويلها فقط الى عملية إستطلاع للرأي العام.
تم تأجيل العملية الإنتخابية في المنطقة من مايو 2010 لوجود دلائل بتزويرها من قبل الحزب الحاكم، المؤتمر الوطني، وأصدرت مفوضية الإنتخابات قرارها بالتأجيل حفظاً للأمن والإستقرار بالمنطقة. وكان أن اجريت الإنتخابات في بقية مناطق السودان إتصفت بعمليات تزوير واسعة في شمال السودان وتمت مقاطعتها من كافة القوى السياسية، وهو ما ترتب عليه الهيمنة الكاملة لحزب المؤتمر الوطني على الأجهزة التشريعية والتنفيذية بالسودان.
أُجريت العملية الإنتخابية بمنطقة جبال النوبة/ جنوب كردفان في مايو 2011 وشهدت أيضاً عمليات تزوير واسعة أدت الى رفض الحركة الشعبية لتحرير السودان بشمال السودان لنتائجها والتمسك بالنضال السلمي ضد تلك النتائج، خاصة وإن الحملة الإنتخابية لمرشحيّ المؤتمر الوطني تضمنت تهديدات مباشرة بالعودة للحرب من قبل رئيس الجمهورية، رئيس الحزب، ومرشح الوالي. شرع بعدها مباشرة حزب المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم، في عملية نزع أسلحة الجيش الشعبي وإنتهاك بنود الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة.