الحرية – العدل – السلام – الديمقراطية
حركة / جيش تحرير السودان – المجلس الإنتقالي
ذكرى شهداء الكرامة ٢٢ مايو ٢٠١٨م
خطاب رئيس الحركة
جماهير شعبنا الكريم
في مثل هذا اليوم، و كما درجة العادة، فإننا نحظى بدقيقة من الصمت لتعانق أرواحنا أرواح رفاقنا الذين بسببهم لا نزال على قيد الحياة، أو وقفة إجلال لهم لتعيد للأذهان عظم هؤلاء الأبطال، و لكن هذا اليوم أكبر من أي من أيام حياتنا الماضية. إنه اليوم الذي فيه قال رفاقنا، إن الحياة كرامة و دونها لا يليق بالإنسان السوي. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، بدأ التغير الفعلي في مسيرة العمل السياسي و النضالي و الثوري، و كذا مسيرة المقاومة السودانية التي اتخذت مسارها و مسلكها الطبيعي الذي خط أبجدياته رفاقنا الثوار بدماءهم و أرواحهم الذكية. هذا اليوم، الموافق الثاني و العشرين من مايو جعل منا أن نكون حيث نحن الآن، إنه الدرس القاسي الذي تعلمنا عنوة هو إن القضية السودانية أكبر بكثير من مجرد التداول في الاعلام و البيانات الصحفية و ردات الفعل السياسي، و أعظم من المنابر التي يخلد إليها من يشار إليهم بالأطراف أملا في الحصول على تسويات تحقق بعض الطموح المحدود، في مثل هذا اليوم من العام الماضي علمنا رفاقنا أن وطن الكرامة الذي ننشده لا يمكن أن يتحقق بالخطب و المؤتمرات و الفرقة و الشتات، و إنما يمكن تحقيقه بالعمل الجاد، و التضحيات غير المحدودة، التضحيات التي تجعلنا نضع كل المسائل الأولية جانبا، و أن نجعل أولويتنا الأولى و الأخيرة هي مواجهة النظام بالعرق و الدم و النار، علمنا رفاقنا إن الكرامة ليست عبارات تردد على مسامع الناس و إنما هي مجموع القيم التي حملنا السلاح لأجلها، و لا يمكن تحقيقها إلا بإبقاء السلاح مرفوعا. و هنا يجب نعلن بوضوح، أن الحديث عن وضع السلاح جانبا من خلال الدعوات الجارية الآن، يعتبر خيانة لشهداءنا، و هذا ما لم و لن يحدث من طرفنا أبدا حتى نحقق النصر الأكيد.
الثوار الأحرار
في هذا اليوم العظيم نقول لرفاقنا في الأعالي، كل يوم تشرق فيه الشمس يتأكد للناس في السودان و العالم أجمع أنكم وحدكم على حق، أن الطريق الذي خضتوه وضع المسئولية على عاتق الجميع و بصورة أكبر على رقابنا، إن الثمن الذي قدمتموه لأجل بناء وطن الكرامة يكبر كل المحاولات التي تكون نتائجها دون أملنا جميعا في التغيير الشامل لم تكن تأخذ حيز في تفكير رفاق اليوم. الرفاق الأماجد، محمد آدم عبدالسلام طرادة، جمعة مندي، صالح عبدالرحمن تبن، رجب أرجب جو و الرفيق ودعلان و الرفيق محمد سليمان ركونا الذي مات تحت التعذيب داخل بيوت أشباح النظام و كل الرفاق الميامين الذين سنفرد لهم مساحات أوسع في دفاتر و ذاكرة الثورة السودانية، واقع السودان اليوم يؤكد كل كلمة نبثتموها و خطوة مشيتوها لحين أن سلمتم هذه الرسالة كاملة بمحتواها حيث مقاومة الظلم و الإستعمار و الإستعباد و الفقر و الجهل و الفساد و الدمار المستمر بسبب سياسات النظام. واقع اليوم، و الذي يتمظهر في أزمات مالية و إنعكاساتها و صراعات سياسية باهتة حول أجندة النظام، تؤكد أن السودان في حوجة إلى عمل كبير يتجاوز الحديث عن إسقاط النظام إلى مرحلة التخطيط السليم لبناء دولة مستقرة. الفوضى القائمة اليوم وحدها باتت تفسر لشعب السودان و للعالم لماذا كان يجب أن تقدموا أرواحكم رخيصة لأجل بناء وطن حر ديمقراطي، الفوضى الماثلة اليوم جعلت الشعب السوداني يعي معنى المقاومة و الثورة. حالة الإستعباد للأهالي في دارفور وجبال النوبة و النيل الأزرق و إسترقاقهم و نزع أراضيهم و ممتلكاتهم و تهجيرهم المستمر و مواصلة إستهدافهم في مخيمات النزوح و إصرار السلطة على إحداث تغيير ديموغرافي في هذه المناطق، أكدت للجميع أن المقاومة التي قدتموها و بقيت متقدة بسببكم و أرواحكم لهي السبيل الأوحد لإسترداد كرامة الشعب و سيادته. إننا لا نعزي أنفسنا و أسركم التي هي أسرنا في فقدنا الذي هو فقدهم، و إنما عزاءكم سيكون بحرصنا جميعا في المضي قدما فيما أسلفتم، و التمسك بالمبادئ التي أرسيتم دعائمها بدماءكم و القيم التي رضيتم الموت دونها، و دفعتم لأجلها أرواحكم عن رضى تام و دون تردد، كما فعل رفاقنا الشهداء قبلكم.
رفاقنا الأماجد،
إن الدعائم المبدئية التي أرساها شهداءنا بأرواحهم، يظل المئآت منا يدفع ثمنها لحظة بلحظة من دماءهم و عرقهم و صحتهم و أهلهم و ولدهم، إنهم شرفاؤنا في زنازين النظام، الرفاق الأسرى بقيادة عميد الأسرى الرفيق نمر محمد عبدالرحمن رئيس المجلس الإنتقالي لحركة جيش تحرير السودان والجنرال ابراهيم بهلول من حركة وجيش تحرير السودان قيادة الرفيق مناوى وبقية الشرفاء. نقول لهم إننا ندرك حجم الألم و المعاناة و العزلة و التعذيب النفسي و الجسدي و الإنتهاكات المستمرة بواسطة زبانية النظام. رسالتنا إلي رفاقنا في الأسر هي أن عليكم أن تعلموا بأن مشروع الإصلاح الذي قدتموه لهو الآن قد أصبح رائد التغيير في السودان، و إنه لا يزال يتقدم الصفوف الثورية بين القوى الثورية الحية، و أن المشوار في هذا الطريق سيبلغ مبتغاه النهائي في المستقبل القريب. مشروع الإصلاح الآن شمل كل مؤسسات الحركة المختلفة و جوانب العمل التنظمي و السياسي و الخطاب السياسي للحركة، مشروع الإصلاح المبتدأ سيكون عملية متكاملة تقود إلى تغيير جذري شامل في صفوف الثورة و إدارتها، و يتعدى ذلك المسائل الإجرائية ليشمل مراجعات عامة، تقوم بإصحاح ما هو موجود و إبتكار ما يتطلب وجوده بما يمكن الثورة من إحداث التغيير الشامل الشامل في السودان و بناء الوطن المنشود وفق أسس قانونية و دستورية سليمة، بناء وطن القانون و المساواة، وطن الحرية و العدل و السلام و الديمقراطية.
شعبنا الأوفياء
واقع البلاد اليوم، يؤكد أن الحديث عن ممارسات ديمقراطية في ظل ظروف الإختلالات الأمنية التي تشهدها البلاد بدءا من قتل الناس و تشريدهم و إبادتهم و تهجيرهم في جبل مرة، و ملاحقتهم داخل مخيمات النازحين كما حدث صباح أمس في هجوم مليشيات الدعم السريع على مخيم خمسة دقائق بزالنجي و قتل و جرح و إعتقال عدد من النازحين، مرورا بالإغتيالات و التصفيات الجسدية التي شهدتها الخرطوم في الأول من رمضان الجاري كما في إغتيال الطالب عوض الله أبكر آدم رئيس رابطة طلاب وادي صالح بالجامعات و المعاهد و العليا السودانية و غيرها من الإغتيالات و الممارسات الأمنية المتعدية على الأبرياء الغزل في مختلف أنحاء السودان، و موت الناس في الأصقاع بسبب الجوع و العطش و المرض و القهر. هذا الواقع يدحض الحديث عن أي ممارسات ديمقراطية في ظل النظام القائم. إذ لا يمكن الحديث عن إنتخابات في واقع يعجز فيه المواطن عن الحصول على لقمة العيش في المدن، و يعجز فيه المواطن في القرى عن الحصول على الماء و النوم، و يعجز فيه المواطن النازح من الحصول على حطب النار. لا يمكن الحديث عن أي ممارسات ديمقراطية و الناس لا يستطيعون التعبير عن واقعهم خوفا من التنكيل بهم و قتلهم كما يحدث كل يوم، و فوق كل ذلك لا يمكن الحديث عن ممارسات ديمقراطية و الصحافة في بلادنا عاجزة كل العجز من عكس واقع حياة الناس المعطل تماما لما تحيط بها من إجراءات – يقال أنها قانونية – قمعية إجرامية مكبلة و مقيدة لحريات التعبير و حرية الصحافة و الإعلام و الفكر. الصحافة اليوم لا تستطيع أن تقول أن ارباب السلطة يقتلون أنفسهم كما حدث في إغتيال السيد عكاشة محمد أحمد يوم الخميس الأول من رمضان داخل معتقلات جهاز الأمن. الصحافة اليوم لا تستطيع أن تقول أن الحكومة تكذب حول الأزمة المالية و أزمة الوقود و أنه ليس هناك من فرج قريب. الصحافة اليوم لا يمكن أن تنشر أو تذيع أو تحقق في صراعات البشير و أسرته من جهة و الرافضون إستمراره في السلطة من أعوانه السابقين من جهة أخرى. الصحافة اليوم لا تستطيع نشر الحقيقة أبدا، ليس لأن القائمين على أمرها لا يرغبون في ذلك، و لكن لأن السلطة تتبع إجراءات تأديبية بعد الطبع تكلفها الملايين من الجنيهات دون أي تعويضات، فضلا عن الإجراءات القبلية للطبع. و إذا كانت الصحافة التي هي الناطق باسم الحقيقة و الشعب لا تستطيع أن تقول إلا ما تقوله السلطة التي هي عدوة الشعب الأول، فكيف يمكن للناس الحديث عن إنتخابات و عن ممارسات ديمقراطية، كيف للشعب أن يتخذ قراره السليم إذا كان الناس و الأحزاب لا يستطيعون طرح أفكارهم و برامجهم و رؤاهم. و في هكذا واقع نقول، إن الحديث عن ممارسات ديمقراطية في ظل النظام القائم ما هو إلا ترف سياسي لا يعني المواطن الفرد و الشعب أجمع بأي حال من الأحوال. الناس اليوم، بحوجة للأمن و الأمان و الماء و الغذاء و الصحة و التعليم و المواصلات / النقل و الطاقة و كل الخدمات الأساسية التي تعطي معنى الحياة الكريمة، و هذا لا يتحقق من خلال أي ترف سياسي – كما أسلفنا – و إنما بالعمل و المقاومة المستمرة بكافة الوسائل و هي الحقيقة التي أدركها رفاقنا و قالوا كلمتهم في إما أن نحيا بكرامة أو الموت دون ذلك، و نحن نقول لهم اليوم – رفاقنا الشهداء في الأعالي – أنكم أشرف و أنبل منا جميعا و نبكلم هذا سيظل رايتنا الأبدية في الحياة بكرامة أو الحياة بكرامة.
شعبنا الكريم
نذكركم، بأن الواقع الذي أوردناه هو واقعنا الذي نعيشه اليوم و تعيشه كل أسرة من عدم الأمن و الأمان و الخوف و الفقر و الجوع و العطش و العوز و النزوح و اللجوء، و لكن نحن وحدنا، نحن الشعب السوداني وحدنا المعنيون بهذا الواقع لا أحد غيرنا، هذا الواقع يتطلب منا جميعا الترفع عن الصغائر، الترفع عن ذواتنا، الترفع عن التعصب الحزبي و القبلي و العرقي و الديني، هذا الواقع يتطلب أن ندرك أنه آن الأوان لأن ندرك أن أهمية الإتحاد و الإصطفاف كأمة واحدة و شعب موحد يجب أن يكون الأولوية القصوى، و هذه هي الخطوة الأولى في بناء دولة حقيقية تتوفر فيها الحياة الكريمة. وقوفنا كشعب موحد، يطوي مرحلة الإنقسام المجتمعي و يفسد قاعدة النظام – فرق تسد – التي تبقيه أطول فترة ممكنة على صدورنا، وحدتنا كشعب واحد هي ما تمكننا من إقتلاع هذا النظام العنصري الجهوي المتخلف، و العمل نحو بناء وطن مستقر تتوفر فيه أسباب العيش الكريم.
جماهير شعبنا الكريم
إن شهداء الثورة الذين بسببهم بقي الملايين من الشعب السوداني على قيد الحياة، قد وضعوا على عاتقنا و على عاتق كل مواطن سوداني مسئولية كبيرة، مسئولية وقف المعاناة القائمة و الظلم المؤسس و إنهاء العنصرية و بناء دولة حديثة حرة مستقلة، و بهذه المناسبة، نجدد عهدنا لهم بأننا في طريقهم ماضون دون الحيد أبدا. عهدنا مع الشهداء هو المضي قدما في طريق المقاومة المسلحة دون إسقاط الخيارات و الوسائل الأخرى غير آبهين بدعوات وضع البندقية التي يروج لها هذه الأيام و التي تأتي إستجابة لشروط النظام كصك غفران لخوض سباق إنتخابات ٢٠٢٠م. شهداؤنا قدموا أرواحهم رخيصة لإيمانهم التام بالعمل المسلح و أي حياد عن هذا الطريق يعتبر خيانة لدماءهم و أوراحهم و مبادءهم. و نذكركم جميعا، بأن الخيار الأحد هو وحدة المقاومة، و ندعو من هذا المنطلق، مجددا، الشعب السوداني فرادى و جماعات، قوى مدنية و مجتمعية، قوى سياسية، قوى الثورة و المقاومة، بضرورة بناء جبهة مقاومة وطنية موحدة لإنهاء وقف العبث الحكومي، و العمل معا لأجل بناء وطن تسوده القيم الإنسانية النبيلة، وطن يكون الولاء له و الكرامة لشعبه.
المجد و الخلود للشهداء و عاجل الشفاء للجرحى و الحرية للأسرى
و سننتصر
د. الهادي إدريس يحيى
رئيس الحركة
٢٢ / مايو / ٢٠١٨م