الحرية – العدل – السلام – الديمقراطية
حركة / جيش تحرير السودان – المجلس الإنتقالي
خطاب رئيس الحركة إلى شباب السودان بذكرى إنتفاضة مارس – أبريل
الشباب السوداني الحر
نوجه إليكم خطابنا اليوم بذكرى إنتفاضة مارس أبريل المجيدة في عامها الثالث و الثلاثون و السودان يشهد تراجعا غير محدود في جميع نواحي الحياة بعد أن كادت إنتفاضة مارس أبريل و غيرها من الحراك الشعبي الجماهيري أن تضع حدا للعبث الذي لازم السودان عقودا من الزمان. إنتفاضة مارس-أبريل ١٩٨٥م كانت لتضع اللبنات الأساسية لبناء وطن حر معافى ما لم يتم التغول عليها بواسطة القوى التي ظلت تدعي الديمقراطية مختزلة بذلك جميع الحراك الشعبي و واقع السودان الحالي و ماضيه في إجراءات شكلية لتتربع هذه القوى على صدر الشعب السوداني دون أدنى إهتمام لقضايا الشعب السوداني و سعيه في بناء دولة سودانية حديثة تتوفر فيها أسباب العيش الكريم، و هذا ما يعكس عجز هذه القوى في حماية هذه الديمقراطيات الشكلية و مقدرات الشعب السوداني بوجه عام و التبرير لذلك بأعذار تكاد تكون أسوأ من واقع الحياة في السودان حيث لا حياة و لا أمل في حياة كريمة دون معالجة الإختلالات القائمة.
إذ نخص الشباب السوداني في خطابنا اليوم، فإننا لا نقلل من الدور الذي ستلعبه الفئات العمرية الأخرى في مجتمعنا، و لكننا ندرك أن عظم المسئولية يقع على عاتق شباب اليوم بقدر المسئولية التي كانت على عاتق شباب إنتفاضة مارس-أبريل قبل أكثر من ثلاثين عام، كما أننا نحفظ و نقدر الدور المتعاظم لشباب الإنتفاضة المتواصل في مقاومة الإستبداد و الظلم و الفساد القائم في السودان بجانب مقاومته المستميتة في إعادة الديمقراطية بغرض إرساء نظام حكم راشد في السودان. نخصص خطابنا هذا لشباب اليوم و نحن ندرك حجم التحديات التي تواجه مستقبل شباب اليوم، بدءا من نشاطه اليومي و البطالة المستقرة التي يعيشها و إنتهاء بالفوضى التي تنتظره حال إستمرار الوضع على ما هو عليه الآن. المسئولية العامة التي تقع على عاتق شباب اليوم لهي أكبر بكثير من المسئولية العامة التي واجهت شباب السودان في أي وقت مضى. إن طاقات شباب اليوم أغلى بكثير من ان تبدد في قضايا بسيطة مفتعلة كالوقود و الدقيق و البصل و ثقاب الكبريت و غيرها من القضايا التي لا تمثل أولويات العصر الحاضر. وقف تفتيت ما تبقى من الوطن و وقف إنحلال شعبه و مجتمعه و قتل و تشريد الملايين منه بواسطة آلة الدولة الحربية و حياة الإنسان فيه، و بناء مجتمع و وطن معافى يجب أن تكون الأولوية التي تستحق كل ثمن يمكن أن يدفعه جيل اليوم.
شباب السودان الكريم
المستقبل الذي ننشده و نعمل لأجله لا يمكن ان يتحقق قريبا ما لم يقوم كل منا بواجبه. إن حالة الهجرة المستمرة و الهرب و الفرار و البحث عن الحلول الفردية التي فرضتها سياسات السلطة لا يمكن أن تكون بديلا بأي حال من الأحوال من السودان الحديث الذي تسعى الحركة لبناءه على أنقاض الدولة الحالية. بناء دولة حديثة لا يمكن أن يتأتى بالتمني و الفرجة على واقع اليوم المتدهور، و إنما بمواجهة هذا الواقع الأليم، مواجهة هذه المعاناة التي أصبحت حال الحياة في السودان، مواجهة سياسات الظلم و القتل و التشريد التي ظلت تنتهجها السلطة ضد الشعوب السودانية منذ أمد ليس بالقريب، مواجهة سياسات التمييز العنصري التي تتبناها الدولة، مواجهة جميع أشكال التمييز و التعدي على الناس لسبب إنتماءاتهم الطبيعية و الآيديولوجية و المناطقية، مواجهة سياسة التغيير الديمغرافي في دارفور و النيل الأزرق و كردفان، مواجهة و صد التعدي على سيادة و كرامة الشعب السوداني بواسطة السلطة اللصوصية و سياساتها الإستعمارية من خلال تعديها المباشر على الناس و حياتهم و الإستيلاء على مقدرات الشعب و ممتلكاته و جعل السودان عرضة للبيع في المزاد و السوق العالمي أو تعديها غير المباشر من وضع وسيادة الشعب و الأرض موضع الإنتهاك بالتغاضي عن حدوده و وحدة شعبه فضلا عن إتباع سياسة فرق تسد التي تبقي السلطة الحالية على سدة الحكم أطول فترة ممكنة.
مواجهة التحديات أعلاه و غيرها يتطلب تحمل المسئولية كاملة، و تحمل المسئولية كاملة يبدأ بالإعتراف بهذه القضايا، و هي ذات القضايا التي أدت الى إستقلال جنوب السودان و فصله عن السودان من قبل السلطة المركزية ٢٠١١م، و لا تزال تهدد مستقبل ما تبقى من سودان. تحمل المسئولية يبدأ من إتخاذ مواقف فردية تجاه كل المظالم و المعاناة التي يعانيها الشعب قبل ان تتبلور هذه المواقف الى موقف جماعي. يجب ان نضع أنفسنا موضع الضحايا و نحس بكل ما يواجه الشعب السوداني فرادى و جماعات. يجب أن نضع أنفسنا موضع النازحين و اللاجئين و ضحايا الإغتصاب و الإبادات الجماعية في المناطق التي تشن الدولة حربا على المواطنين، و ضحايا سياسات التمييز العنصري في مؤسسات الدولة و الخدمة العامة بوجه عام، و لا سيما الأكاديمية العسكرية و الشرطية و الإستهداف الممنهج للطلاب السودانيين بالمؤسسات التعليمية المختلفة. علينا أن نوقف سياسات تقسيم المجتمع بغرض كسب ولاء بعضه. علينا وقف سياسه زرع الكراهية التي ورطت المجتمع السوداني في معاداته لبعضه و عدم التردد في الإنخراض في حروب الدولة على المواطنين الآخرين بدلا من مقاومة هذه الجرائم ليصبح بذلك التعدي على المواطن الآخر جزء من ثقافة الشارع العام و دونكم التعدي على مواطني قرية أرتالا بغرب دارفور و ضرب جميع أهالي القرية – شيبا و شبابا و أطفالا و نساء أمام بعضهم – من قبل منسوبي الحكومة و مليشياتها و نشر ذلك على مواقع التواصل الإجتماعي دون ان يحرك لنا جفن أو يهتز لنا ضمير. هذه الحادثة تجدد طرح السؤال القائم حول ما الذي يحرك الوجدان السوداني – أو قل ضمير الفرد السوداني – تجاه ما يحدث حوله؟ هل سننتظر إلى ان تحل الكوارث بكل بيت و كل شخص لننتفض ضد هذا الواقع الأليم ؟ .. نقول: عندما تدخل هذه الأحداث كل البيوت و تمس كل الشخوص، حينها لن يتبقى من ضمير لينتفض.
تحمل المسئولية لمواجهة التحديات الماثلة يبدأ من الوعي بضرورة وحدة الشعب السوداني و بناء وجدانه المشترك، و هذا يجعل رابطنا القومي فوق كل الروابط البسيطة – المنطقة و الجهة و الدين و الطائفة و اللون و القبيلة و الإثنية و غير ذلك من الروابط – التي لم نكن لنختارها من الأصل. يجب علينا نحن الشباب ان ندرك اننا وحدنا المعنيين بمستقبلنا لا أحد غيرنا، و هذا المستقبل يمكننا أن نجعله يليق بنا و الأجيال القادمة أو دون ذلك. و بناء مستقبل واعد يبدأ من العمل لأجل التغيير الشامل، و التغيير الشامل يبدأ بنا كأشخاص، أفرادا و مؤسسات، و ذلك يتطلب منا عدم التعصب و التمسك بالولاءات غير المبررة، و ترك التقليد و التبعية العمياء، و بناء شخصيات و مؤسسات مستقلة تعمل من واقع مسئوليتها الأخلاقية و مبادئها و قيمها الإنسانية التي هي مبادئ و قيم العالم الإنساني أجمع. إننا في حركة تحرير السودان نعلن تحملنا المسئولية كاملة في قيادة التغيير الشامل دون أن نكابر أو نزايد على أحد، و يتجلى هذا في الوضوح الذي يتسم به خطابنا السياسى. لا يمكن لنا ان نجامل أو نهادن في الحقوق و القيم التي يستحيل تحقيق السلام دونها، الحقوق التي تمثل الحرية أعلى هرمها و القيم التي تتصدرها قيم العدل و المساواة والديمقراطية ليشكل مجموعها شرطا للسلام، و هي ذات الأسس التي ترتكز عليها حركة تحرير السودان و قدمت لأجلها خيرة ابناء السودان شهداءا في معارك الكرامة على رأسهم الشهيد محمد عبدالسلام طرادة.
شبابنا الحر
تعتقد السلطة أنها و من خلال الحملة الإعلامية الضخمة التي تقودها أجهزة الدولة ضد حقيقة الواقع السوداني و وضعه الراهن، يمكنها من أن تعيد الأمور على ما كانت عليه في السابق قبل العام ١٩٨٩م، فيما يتوهم الآخرون عودة الأوضاع إلى وضعها قبل إنفجار ثورة تحرير السودان و ذلك من خلال الدعاية للعودة القسرية – عبر الضغط على الأهالي بقطع الدعم الإنساني عنهم في مخيماتهم الحالية – و التكسب باسم الاهالي تحت دعاوي مشروعات إعمار دارفور و التغاضي عن جميع المظالم الواقعة على المواطنين و جعل التغيير الديمغرافي أمرا واقعا بالإعتماد على مساومات جزئية تعود بالنفع لأصحابها، الأمر الذي سوف لن يحدث ما بقي آخر ثوري على قيد الحياة، و أن الحركة ستقاوم سياسة تغيير الخارطة السكانية هذه بكل طاقاتها و تدعو الشباب في كل مكان بالتحرك لوقف هذه السياسات. لا يمكن أن تعود الأمور كما في السابق ما لم تعالج جميع المظالم التاريخية و إجراء العدالة الشاملة و إرساء قيم العدل، لا بد من إرجاع الحقوق إلى أهلها و مواساة ضحايا النظام المجرم، و لا بد من محاكمة المجرمين و على رأسهم عمر البشير و أعوانه. الدعاية الإعلامية الحكومية لا تغرض إلا لتخويف الشعب السوداني من المطالبة بحقوقه، و إلهاءه عن المقاومة و عن الجرائم التي ترتكبها مليشيات و منسوبي السلطة في أطراف السودان، إذ لا تزال الحرب مستعرة في أجزاء متفرقة من جبل مرة هذه الأيام بين المليشيات الحكومية و أبطال جيش تحرير السودان في كل من فينا و ربكونا و دووه و غيرها من المناطق التي أحرقتها المليشيات الحكومية من الجنجويد و المستسلمين من أبناء هذه المناطق الذين إنضموا لصف النظام.
الشباب السوداني الحر
آن الأوان لأن يتحد الجميع ضمن جبهة مقاومة وطنية وفق مبادرة حركة تحرير السودان التي أطلقتها في العشرين من ديسمبر من العام الماضي. آن الأوان لكي يصطف الشباب في حدود دنيا للم جهوده و حزم طاقاته لوقف العبث السياسي في السودان و إنهاء المتاجرة بحياة الناس و معاناتهم و إنهاء المظالم و محاربة الجهل و الفقر و الأمية و المرض. إننا في حركة تحرير السودان نجدد نداءنا لجميع الشباب و كل فئات الشعب السوداني بالتحرك الفوري و الإلتحاق بصفوف المقاومة، ندعو الشباب في المدن و البوادي و في مخيمات النازحين واللاجئين لعدم الإستكانة و الخضوع و الخوف من الأجهزة الحكومية و مليشياتها. ان حياة الخوف و السكون و الإستكانة و الخضوع لا يمكن أن توصف على أنها حياة، و أن الموت لاجل الحياة الكريمة أشرف من حياة الذل و المهانة. إن حركتكم، حركة تحرير السودان سوف تعمل بكل ما أوتيت من قوة لإنهاء الإستعباد و الإستعمار القائم و إنهاء كافة أشكال المظالم بما يؤسس لبناء دولة سودانية حديثة قوامها القيم الإنسانية النبيلة، دولة الحرية و العدل والسلام و الديمقراطية.
د. الهادي إدريس يحي
رئيس الحركة
٥ / أبريل / ٢٠١٨م