في الثامن من أغسطس 2016، وبعد تعثر طويل امتد منذ من مارس الماضي لجهود الوساطة الافريقية في الأزمة السودانية، وافقت قوى نداء السودان على التوقيع على خارطة الطريق المطروحة من قبل الوساطة. جاء توقيع المعارضة بعد قبول الألية الافريقية اعتماد ومعالجة تحفظات المعارضة على الوثيقة. وأدى هذا التوقيع الي انطلاق التفاوض حول وقف عدائيات بغرض توصيل المساعدات الإنسانية في مسارى المنطقتين ودارفور بالتزامن كما تنص خارطة الطريق قبل انعقاد المؤتمر التحضيري والذي من المؤمل أن تشارك فيه الحكومة السودانية و قوى نداء السودان و مجموعة (7+7)، وذلك لمناقشة و الإتفاق على أجندة وشكل الحوار الوطني للوصول عملية حوار حقيقية وشاملة وفعالة تساهم في حل المشكلة السودانية.
أدى تعنت الحكومة السودانية في جولة التفاوض التي تلت التوقيع على خارطة الطريق ، مع حركتي العدل والمساواة و تحرير السودان- مني مناوي فىما يلى مسار دارفور ومع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال في مسار المنطقتين ، الي انهيار المفاوضات وتعطيل تحقيق أي تقدم على صعيد إنفاذ بقية بنود خارطة الطريق. ولقد بدا جلياً لكل المتابعين أن الحكومة السودانية غير جادة وغير مستعدة لعملية حوار وطني حقيقي يتطلب تقديم تنازلات من جانبها لتحقيق السلام، وذلك من خلال مواقفها التفاوضية الرامية لتحقيق مكاسب عسكرية و سياسية من خلال التفاوض بعد أن فشلت عبر عدد من السنوات فى تحقيقها ميدانيآ . ومن البديهي ان مثل هذه المواقف من قبل الحكومة تعكس عدم ثقتها في العملية التفاوضية برمتها والتي يرعاها الاتحاد الافريقي وعدم جديتها في الوصول لحل سلمي عبرها مما يجعل انخراطها في العملية التفاوضية مجرد تكتيك تهدف عبره لتعزيز موقفها العسكري عبر محاولة الحصول على معلومات تساعدها في فرض واقع عسكري جديد في المناطق الثلاثة.
من المتوقع، ان تقوم الوساطة الافريقية بالدعوة لجولة جديده من المفاوضات لإنقاذ مصفوفة تنفيذ خارطة الطريق في مطلع سبتمبر القادم.
إيمانآ من المجموعة السودانية للديمقراطية أولا بأهمية الحوار، تتقدم لكافة الأطراف بالتوصيات التالية للمساهمة فى الجهود الحسيسة والمحاولات التي تهدف للبحث عن ضوء في أخر نفق (خارطة الطريق).
على الحكومة السودانية: إظهار قدر أكبر من الإلتزام و الإقتناع أن السلام عبر التفاوض هو الحل الوحيد المتاح لكل الأطراف في المفاوضات بما يساهم في خلق الثقة بين الأطراف المتفاوضة ويبرهن على وجود إرادة حقيقية للسلام من قبل الحكومة وذلك عبر:
التوقف عن طرح مواقف تفاوضية متعسفة تعطل الوصول الي وقف عدائيات للأغراض الإنسانية، وتفهم أن التدابير التي يتم اتخاذها لوقف الحرب هي تدابير متدرجة حتى الوصول لاتفاق شامل ودائم عبر هذه العملية.
إرسال مفاوضين جادين ومؤهلين للتوصل الي حل تفاوضي دون السعي لفرض أجندة سياسية وأيدولوجية ذات طابع إقصائي وعنصري كما يحدث على مسار التفاوض لوقف العدائيات في دارفور.
البدء في إجراءات بناء الثقة عبر إتاحة وصول المساعدات الإنسانية بشكل فعال، وقف القصف الجوي على المدنيين في المناطق الثلاثة، إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين السياسيين، إتاحة قدر كافي من الحريات السياسية والمدنية التي تسمح لعملية الحوار بالمضي قدماً ويشمل ذلك وقف الاعتقالات التعسفية المستمرة والمحاكمات غير المنصفة ضد النشطاء والطلاب، ووقف التضييق على الحريات الصحفية والرقابة على الصحف.
على المعارضة السودانية وقوى نداء السودان:
العمل على ضبط وتنسيق المواقف التفاوضية بين مساري التفاوض لوقف العدائيات من جهة والمسار السياسي من جهة اخرى، كما نصت على ذلك خارطة الطريق ، بما يضمن تزامن عملية وقف العدائيات و الترتيبات السياسية و الأمنية لدارفور و المنطقتين والعملية السياسية القومية للتوصل الي حل شامل وعادل يخاطب الجذور الكلية للأزمة السودانية.
زيادة التمثيل الشعبي والمنظومات القاعدية للمتضررين والمجتمع المدني واشراكهم بشكل مباشر في مسارات التفاوض المختلفة والتشاور المستمر معهم لطرح قضاياهم وإدراجها ضمن اجندة استحقاقات الحوار قبل المؤتمر التحضيري.
البدء وبشكل عاجل في حوار عميق بين مختلف مكونات المعارضة المنخرطة والرافضة للوساطة التي ترعاها الألية الإفريقية لتحديد نقاط الاتفاق والاختلاف للوصول لتفاهمات تدفع فى إتجاه العملية السلمية في السودان.
على ألية الوساطة الأفريقية:
قبل الدعوة لجولة جديدة للتفاوض ، يجب على الألية الإفريقية إعادة النظر في سلبيات جولات التفاوض السابقة ، والعمل على تقريب وجهات نظر الفرقاء قبل الدعوة لجولة جديدة. وكذلك فان على الألية الأفريقية إلزام الأطراف المتفاوضة ببنود الأجندة التفاوضية المتفقة عليها مسبقا وعدم قبول طرح مواضيع جديدة في مطلع كل جولة.
على الوساطة الافريقية وضع اعتبار كافي لمطالب المتضررين في مناطق الحرب الثلاثة، والاستماع لمواقفهم واستصحاب قضاياهم بشكل مباشر، ويشمل ذلك قيام الألية الإفريقية بزيارتها المؤجلة الي معسكرات النازحين في المناطق المتأثرة بالحرب.
يتوجب على الألية الافريقية استصحاب والاستعانة بآراء الخبراء السودانيين –الأكاديميين ومن المجتمع المدني-بشكل دائم، فيما تطرحه من مقترحات لضمان فعالية مقترحاتها، وكما أن على الألية التوصل لصيغة عمل تضمن التشاور مع طيف متنوع من القوى السياسية والمدنية السودانية –المنخرطة والرافضة للعملية الحالية و الأستعانة بأراء هذه المجموعات للوصول لحل شامل ودائم للازمة السودانية.
على الوساطة والمجتمع الدولي بذل المزيد من الجهد مع الحكومة السودانية ليس فقط للنظر للأثار المدمرة لأستمرار الحرب ،بل ايضآ لتداعيات الوضع السياسي و الأقتصا\ى المحتقن فى السودان قبل بداية جولة المفاوضات القادمة. كما يتحتم على المجتمع الدولي أيضآ ربط حزم المساعدات والحوافز التي يقدمها للحكومة بإحراز تقدم حقيقي على مسارات وقف العدائيات وإجراءات بناء الثقة .
على كافة الأطراف مراعاة أن التوصل الي حل شامل وعادل ودائم للازمة في السودان لابد وان يتضمن إجراءات عملية لتحقيق العدالة والمحاسبة لضمان عدم تكرار الانتهاكات البشعة التي شهدها السودان على مدى العقود الماضية. لذا توجب على الجميع العمل والتوصل لمعادلة حكم تضمن استقرار السودان والمنطقة، و البحث عن ألية سودانية فاعلة للحقيقة والمصالحة بالاستعانة بالتجارب والخبرات العالمية في هذا المجال، و يكون هذا التحدى على رأس أولويات أي حل يتم التوصل اليه عبر عملية الحوار الوطني الحقيقي.
تقنين قتل الطلاب، جرائم قتل لا تسقط بالتقادم
صرح رئيس مجلس أمناء جامعة الخرطوم بروفسير الأمين دفع الله للبرلمان السوداني في الأسبوع الماضى، عن استئناف الدراسة في جامعة الخرطوم بشكل جزئي في 18 سبتمبر المقبل. ولكن الأمر المثير للقلق في تصريحاته هو ما كشفه عن إنشاء وزارة الداخلية لما تم تسميته بقوة حماية الجامعات، والتي تم تكوينها من عناصر تتميز ببنية جسمانية عالية ومصرح لها باستخدام القوة النارية ضد طلاب الجامعات على حسب تصريحه.
وكانت الدراسة في جامعة الخرطوم قد توقفت منذ مايو الماضي بعد احتجاجات طلابية واسعة على قرار بيع أراضي الجامعة، وتلى ذلك اعتقال عدد من قادة الحركة الطلابية من قبل جهاز الأمن ثم فصلهم لاحقاً من الجامعة. المثير للقلق في قرار تكوين قوة حماية الجامعات هو ان الحكومة الحالية تحاول تقنين وتشريع استعمال العنف والأسلحة النارية ضد الطلاب وقتلهم، وهي ممارسة اعتادت عليها في مواجهة الاحتجاجات الطلابية. حيث شهد هذا العام 2016، مقتل اثنين من طلاب الجامعات على يد عناصر تابعة للحكومة (محمد الصادق ويو في جامعة امدرمان الأهلية، وابوبكر الصديق حسن في جامعة كردفان)، وشهد العام 2014، حادثة قتل الطالب علي ابكر موسى داخل اروقة جامعة الخرطوم بطلق ناري مباشر من قبل عناصر امنية تابعة للحكومة خلال نشاط طلابي داخل الحرم الجامعى . كما شهد عام 2013 مقتل 200 من الطلاب والشباب خلال مظاهرات سبتمبر وشهد عام 2012 مقتل 12 من طلاب المرحلة الثانوية على يد الشرطة. ويعتبر العنف القاتل ضد الطلاب من قبل الأجهزة الموالية للنظام سمة مميزة لهذه الحكومة في تعاملها مع الحركة الطلابية. حيث بدأت الإنقاذ حكمها بقتل طلاب جامعة الخرطوم( سليم وطارق والتاية بين 1989 و1991) ثم جريمة قتل أكثر من 120 من طلاب المرحلة الثانوية في العيلفون في عام 1998، ثم قتل طالب جامعة الخرطوم محمد عبد السلام في نفس العام، وميرغني النعمان (سوميت) في جامعة سنار عام 1999. وغيرهم من شهداء الحركة الطلابية الذين تجاوز عددهم العشرات خلال حكم الرئيس البشير.ومما يزيد من القلق أن كل جرائم القتل السابقة لم يتم التحقيق فيها بشكل قانوني الأمر الذي يدعو للتوجس من توجه الحكومة الجديد لإنشاء هذه القوة ومنحها صلاحيات استخدام السلاح الناري ضد الطلاب.
المؤتمر الوطني وانعدام الإرادة السياسية لوقف الحرب
في مطلع يونيو الماضي، قامت الحركة الشعبية وبعد مفاوضات غير مباشرة عبر الصليب الأحمر وجهات أخرى، بإطلاق سراح عدد 20 من أسري القوات الحكومية الذين تم أسرهم خلال العمليات العسكرية في منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق. وكان الاتفاق الذى تم بموجبه الإفراج عن الأسرى ، قد نص على أن يتم نقلهم عبر طائرات الصليب الأحمر من مناطق الحركة الشعبية الي إثيوبيا ثم الي الخرطوم خلال يومي 23 و24 يونيوالماضيين. الغريب في الأمر أن الحكومة السودانية ظلت تعرقل وصول هؤلاء الأسرى الي الخرطوم منذ ذاك الحينوقد أعلن الصليب الأحمر تأجيل عملية إجلاء الأسرى الي اجل غير مسمى نسبة لامتناع النظام الحاكم في الخرطوم عن منح طائراته الإذن بالإقلاع حتى الآن. وفى سياق ذى صلة، رفضت الحكومة السودانية خلال المفاوضات التي جرت في أديس أبابا في مطلع أغسطس 2016 مع حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان – مني مناوي، أي حديث عن اطلاق سراح الأسرى والمعتقلين السياسيين كإحدى مطلوبات بناء الثقة.
ان الحكومة السودانية لا تزال تعتقد في قدرتها على حسم الصراع السياسي في المنطقتين ودارفور عسكريا دون مخاطبة الجذور والأسباب الحقيقية التي قادت لاندلاع هذه النزاعات. وتستند لتدعيم هذا التوجه بإنشاء وتكوين المليشيات الغير نظامية (مثل قوات الدعم السريع) وضمها الي قواتها المقاتلة في مناطق الحرب المختلفة باعتبارها قوى ضاربة لا تلتزم باي قوانين او أخلاقيات للجندية او الحرب. ولكن ما يغيب عن الحكومة ان الحرب في المناطق الثلاثة لها جذور وأسباب سياسية ينبغي معالجتها بشكل عادل وشامل للوصول الي سلام دائم في السودان، وان ما ترتكبه قوات الدعم السريع وبقية المليشيات الموالية للحكومة من جرائم يعطل عملية السلام ويعقد الوضع أكثر ويهدد الدولة السودانية بالانهيار و التفكك ، حيث ان وجود وبقاء هذه المليشيات وتزايد نفوذها مرتبط باستمرار الحرب، وهو الأمر الذي يحرص عليه قادة هذه المليشيات خصوصا بعد انخراطهم في أنشطة واعمال اقتصادية كبيرة (مثل اللواء محمد حمدان دقلو “حميدتي” القائد الميداني لقوات الدعم السريع). وتبقى الحقيقة ان العقبة الأكبر في طريق تحقيق سلام دائم وعادل في السودان هو انعدام الإرادة السياسية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان.
طالب جامعي يواجه خطر الإعدام في السودان
في 26 يونيو 2016، أصدرت محكمة سودانية حكماً بالإعدام على الطالب الجامعي بجامعة شرق النيل (محمد بقاري عبد الله)، بعد اتهامه في قضية مقتل الطالب (محمد عوض) والذي كان يشغل منصب الأمين العام لتنظيم طلاب الحزب الحاكم بنفس الجامعة في أبريل 2015. وقعت الاحداث إثر هجوم طلاب التنظيم الطلابي التابع للحزب الحاكم في جامعة شرق النيل على اجتماع لرابطة طلاب دارفور كان قد عقد بغرض الترتيب ليوم احتفالي عن ثقافة دارفور. راح ضحية العنف الطلابي الذي نتج عن هذا الهجوم الطالب محمد عوض من طلاب الحزب الحاكم بالإضافة الي إصابات متعددة وسط الطلاب الدارفوريين.
تلي ذلك بعدة أيام اعتقال الطالب محمد بقاري خارج الجامعة من قبل جهاز الأمن، دون إعلان ذلك. بعد عدة أسابيع، اكتشف أحد المحامين بمحض الصدفة إحضار متهم تبدو عليه أثار التعذيب الي قاعة المحكمة لإجباره على توقيع اعتراف قضائي بالقتل دون أن يتمتع المتهم باي شكل من أشكال المساعدة القانونية ليتضح لاحقاً انه الطالب المختفي محمد بقاري.
استعانت أسرة بقاري بمحامي قدم نصحآ للأسرة بأن يقوع المتهم على الاعتراف بالجريمة فى مقابل حكم مخفف – رغم وجود عدد من الشهود لصالح براءة بقاري وعدم تواجده في مكان الأحداث وقت وقوع الجريمة – و بناءآ على تلك النصيحة من المحامى ، حكمت المحكمة بالسجن خمسة أعوام والدية في المرحلة الأولى ثم شددت حكمها بعد الاستئناف ليصبح الإعدام . ولقد انتقدت عدة جهات عدلية وحقوقية إجراءات المحاكمة التي تعرض لها بقاري ومخالفتها لكافة أسس العدالة وإجراءات القانون السوداني التي تنص على أصدار حكم الإعدام فقط في حالات القتل العمد و التى لم تثبت فى هذه القضية حتى من روايات طلاب الحزب الحاكم.
بقاري – المولود فى عام 1986و المعروف عنه عدم نشاطه السياسى – تعيش أسرته في معسكر عطاش للنازحين بعد ان احرق الجنجويد لقريتهم في بداية اندلاع الحرب في دارفور في 2003 . إلا أن الراجح أن علاقة الصداقة الوطيدة التي ربطته بالطالب الطيب صالح – عضو حزب الأمة القومي والطالب بنفس الجامعة – والذي قتلته مليشيات طلابية تابعة لتنظيم الحزب الحاكم في وقت سابق في نفس العام ، هو السبب وراء اعتقاله واتهامه بهذه الجريمة. وشهدت العديد من الجامعات السودانية مقتل عدد كبير من الطلاب المعارضين والناشطين سياسياً دون أي تحقيقات أو محاكمات في حوادث قتلهم كما ذكر سابقآ. ويتعرض الطلاب القادمين من دارفور في الجامعات السودانية لحملة استهداف ممنهجة على مدى الأعوام السابقة تضمنت الاعتقالات العشوائية والطرد من الداخليات، خاصة ضد الطلاب المنحدرين من اسر تعيش في معسكرات النازحين، حيث يعتبر جهاز امن الحكومة والحزب الحاكم أن وجودهم في الخرطوم والمناطق الحضرية يشكل تهديد أمني و يوفر معلومات للطلاب عن الفظائع التي تحدث في دارفور.
تستمر الحكومة السودانية في استغلال النظام العدلي والقضائي في السوداني لخدمة أهدافها السياسية. فبينما تم الحكم بالاعدام في يونيو الماضي على الطالب الدارفوري محمد بقاري في محاكمة افتقرت لابسط اوليات العدالة، تستمر محاكمة طالب جامعة الخرطوم عاصم عمر بتهمة قتل ضابط شرطة خلال احداث جامعة الخرطوم في مايو 2016. وبينما لم تكشف السلطات عن هوية ضابط الشرطة القتيل، كشفت مجريات الجلسة الأولى للمحاكمة عن وجود بلاغين ضد عاصم : الأول بتهمة القتل العمد وهو البلاغ مدون برقم تسلسلى لمدونة البلاغات، البلاغ الثانى بتهمة التسبب فى الاذى الجسيم. والمدهش في الأمر ان بلاغ الأذى الجسيم قد جاء فى تسلسه الرقمى و تاريخه حسب مدونة البلاغات بعد بلاغ القتل العمد مما يثير الكثير من علامات الأستفهام و يطعن فى مهنية و حيادية أجهزة تحقيق العدالة فى السودان .
في سياق آخر ذى صلة ، رفع طلاب جامعة الخرطوم المفصولين قضية إدارية ضد إدارة الجامعة للطعن في قرار فصلهم من الجامعة والذي لم تصاحبه أي إجراءات تحقيق حسب ما تنص لوائح الجامعة. وخلال جلسات القضية تم إبلاغ الطلاب بأن جهاز الأمن قد رفع فى مواجهتهم قضية جنائية يتهمهم فيها باختطاف احد افراد الجهاز وتعذيبه. الجدير بالذكر ان نفس هولاء الطلاب قد تم اعتقالهم من داخل مكتب محاميهم نبيل اديب واعتقالهم لدى جهاز الامن لفترة قاربت الشهرين دون أي مبرر قانوني.
محاكمة موظفي مركز تراكس
على صعيد أخر، بدأت يوم الأربعاء 24 أغسطس 2016، جلسات محاكمة موظفي مركز تراكس للتدريب المهني، والذي كان جهاز الأمن قد اعتقل العاملين فيه ووجه اليهم تهم تصل عقوبتها الي الإعدام. وفيما تم إطلاق سراح بعض العاملين بالمركز،لا يزال خلف الله العفيف (مدير المركز) مدحت عفيفي ومصطفى ادم رهن الاعتقال مع تحويلهم لسجن الهدى ومنع الزيارة عنهم تماما. وقد تم تأجيل الجلسة الأولى نسبة لغياب المتحري في القضية بالرغم من ان القضية مرفوعة ضد موظفي تراكس من قبل الدولة. الأمر الذي يعكس مماطلة الحكومة للإطالة أمد الجلسات ومعاقبة موظفي تراكس بالسجن دون مبرر قانوني. وهذه هي القضية الثانية ضد موظفي مركز تراكس، حيث أن جهاز الامن كان قد اعتقل مدير المركز خلف الله العفيف والناشط عادل بخيت ووجه لهم تهم التأمر الجنائي واسقاط النظام الدستوري في ابريل 2015 وذلك على خلفية نشاطهم في المجتمع المدني ثم اطلق سراحهم بعد عدة أسابيع ليعيد تحريك القضية وتوجيه هذه التهم في 15 مايو 2016. وفي 22 مايو 2016، قام جهاز الأمن بمداهمة مركز تراكس واعتقال كافة العاملين والمتواجدين فيه. ومنذ ذاك التاريخ ظل كل من خلف الله العفيف، ومدحت عفيفي ومصطفى ادم رهن الاعتقال.
تمثل الهجمة على مركز تراكس احد مظاهر التضييق المستمر على أنشطة المؤسسات المدنية من قبل النظام السوداني، والتي يسخر فيها جهاز الامن الجهاز القضائي لمطاردة واعتقال الناشطين لفترات طويلة دون وجود اساس لتهم حقيقية ضدهم. ويمثل هذا النهج الجديد لاستغلال النظام العدلي بتوجيه تهم جزافية ضد المعتقلين، مدى استهانة النظام السوداني بحكم القانون ومحاولة استخدام أدواته لفرض مزيد من القيود والقمع ضد المواطنين السودانيين.