بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
الأمانة العامة
بيان حول التوقيع علي خريطة الطريق والحملة من أجل الخلاص
في خضم الأحداث المتواترة التي يشهدها السودان، والمستجدات التي أسفرت عن التوقيع علي خريطة الطريق كمدخل لعملية حل سياسي شاملة وذات مصداقية تحقق السلام العادل والشامل والديمقراطية المستدامة في السودان، فإن حزب الأمة القومي الذي تبنى الحل السياسي الشامل وقاد المقاومة ضد الاستبداد والطغيان، وسعى إلى إقامة أكبر تحالف سياسي لمجابهة أزمات البلاد، يستبشر بهذا التوقيع الذي جاء في الثامن من أغسطس 2016 بعد عامين من توقيعه في نفس اليوم من عام 2014م على إعلان باريس مع الجبهة الثورية؛ وهو الإعلان الذي كان رأس الرمح في تحريك راكد الحراك المعارض حيث تلته اتفاقية الخامس من سبتمبر 2014م بين قوى إعلان باريس والوسيط الأفريقي من جهة وبينه ولجنة السبعتين من جهة اخرى وهي الاتفاقية الإطارية التي شكلت المرجعية الأفريقية في شأن الحوار السوداني (قراري مجلس السلم والأمن الأفريقي 456 و539)؛:كما تبعه تكوين تحالف نداء السودان كخطوة عملاقة في تحقيق وحدة الصف المعارض.
إننا ننظر لهذه الخطوة ككوة امل وكفاتحة لعهد من تكثيف العمل لتحقيق خلاص الوطن؛ ونقول:
1. يأتي هذا التوقيع تعبيرا عن إرادة توازن قوي جديد وعن تماسك نداء السودان، وانتصاره لرؤية التغيير عبر وسيلتي الحوار باستحاقاته أو الانتفاضة المبوصلة وهو انتصار يضاف إلى تراكم المكتسبات في طريق الخلاص الوطني.
2. شهد حفل التوقيع مشاركة واسعة من الشخصيات القومية ورموز السياسة والثقافة والإعلام وقيادات حزبنا بالمركز والولايات والمهجر استجابة لدعوة الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب التي قدمها انابة عن قوي نداء السودان، مما اعطي الحفل زخما سياسيا ومعنويا ضخما جعل توقيع نداء السودان كرنفالا وطنيا، وبرغم تكبدهم المشاق لدعم ومساندة الخطوة فهم قد لبوا داعي الوطن ولا يرجون شكورا، ونشد على أيديهم مطالبين بتعاظم دورهم في بلورة آلية قومية لدعم الحوار المجدي باستحقاقاته.
3. لقد امتنعت قوى النداء في مارس 2016م عن التوقيع برغم إعلانها عن مكاسب كبيرة حققتها خريطة الطريق هي: الاعتراف بالجلوس مع الجبهة الثورية؛ وضم طرف من المقاومة المدنية؛ واولوية وقف إطلاق النار وفتح ممرات الإغاثة؛ والاعتراف باجتماع تحضيري بالخارج يسبق الحوار الوطني؛ وذلك لاسباب فصلتها قوى النداء في مذكرة تفاهم اقترحتها للوسيط الافريقي في يونيو 2016م تتمثل في تطوير نقاط البند (3) لتأكيد شمول الحوار والاجتماع التحضيري ومصداقيته؛ وقد أطمانت قوى النداء لما جاء في خطاب الوسيط الأفريقي بتاريخ 23 يونيو من اعتراف رسمي بحقها في إدراج نقاط التحفظ لنقاشها في الاجتماع التحضيري وهو ما أكدته لقاءات ومخاطبات لاحقة فجاء التوقيع مصحوبا بتصريح رسمي من قوى النداء ينص على التعديلات المطلوبة والتي اعتبرها خطاب الوسيط وبشكل رسمي جزء من أجندة اللقاء التحضيري.
4. طفق إعلام النظام يتحدث عن ضغوط إقليمية ودولية محاولا تصوير هذا الانتصار كانكسار. ليس في وسع الضغوط الدولية أن تحني قامة المقاومة بشقيها المدني والمسلح، ولا يخفى موقف كثير من اللاعبين الدوليين إلى جانب نظام مشلول معزول داخليا وملاحق دوليا؛ يقدم لهم كل التنازلات ويحقق كل المصالح الأجنبية في سبيل الإبقاء على كرسيه مهما كان مهزوزا متاكلا بانفصال واقع وانفصالات مطلة؛ هذه المقاومة لم تغنم دابة تعلف جزرة أو تخاف عصا؛ إنها تحمل تطلعات شعب بالانعتاق وتمتطي إرادته الصميمة نحو الخلاص.
5. جاء التوقيع على خريطة الطريق بصورة تحول فيها من حدث معزول إلى عملية تعبيد الطريق نحو حوار قومي شامل ذي مصداقية. عملية تبدأ بوقف العدائيات وإيصال الاغاثات للمدنيين المطحونين بالقصف والمسغبة؛ وتمر باجتماع تحضيري يتفق على الإجراءات اللازمة لتهيئة المناخ للحوار والتي تشمل كفالة الحريات وكف يد الأمن الباطش وتسريح المعتقلين والمحكومين السياسيين. وها قد بدأ التفاوض حول خطوة وقف العدائيات وفتح ممرات الإغاثة؛ وهي خطوة نباركها ونشارك فيها دعما لحلفائنا من المقاومة المسلحة بما تقتضي المشورة أو المشاركة الفعلية في بعض الملفات.
6. لقد افتتح التوقيع عهدا من التشمير يتطلب وعيا ومشاركة شعبية واسعة تقطع الطريق على الإعلام الحكومي المضلل الذي يحاول تصوير الخطوة كالتحاق بحوار الوثبة في الطريق للمشاركة في (كيكة) السلطة. إن واقع البلاد الممزق والمأزوم وتجارب الجميع المرة مع نظام الاستغفال والخداع والمراوغة لا يتيح لمشارك في التوقيع أن يلتحق بحوار النظام المعيب ذي الرئاسة المتهمة بجرائم الإبادة المشهود لها بالانحياز؛ كما انه لا مجال للحديث عن اقتسام سلطة؛ والطريق الوحيد الممكن هو برمجة الانتقال إلى نظام يبني السلام العادل الشامل ويحقق التحول الديمقراطي الكامل. كل اتفاقيات النظام ومحاصصاته الثنائية السابقة اطفات نارا هنا واججت نيرانا أعظم تلاحمت ألسنتها من هنا وهناك. لن يلتحق أحد بحوار الوثبة؛ ولن يبحث أحد عن كراسي في نظام الإبادة والفساد والاستبداد ولا هدف أقل من سلام شامل عادل ودمقرطة حقيقية.
7. ان إنجاح هذه العملية التحولية تقتضي إعلاء وتيرة التعبئة الشعبية خاصة بعد تهيئة مناخ الحوار وما يجلبه من حريات مفقودة؛ ونناشد كافة قطاعات شعبنا الانتظام في مسيرة دعم بارقة الأمل هذه ومساندة مطلوبات السلام والدمقرطة؛ وتفويت الفرصة على محاولات الإجهاض المستمرة بوضع العراقيل ونثر غبار التضليل. إن هذه التعبئة ربما افلحت في طرق آذان وقلوب جهات فاعلة داخل النظام المعزول والمازوم تدفعه لينضم الى خطة التحول، أو إن أصر واستكبر تشكل رصيدا يتنامى نحو الانتفاضة المبوصلة. فإما أن يدفع الشعب النظام ليسترد له حقوقه أو أن ينتزعها انتزاعا.
8. إننا نؤكد المضي قدما ضمن تحالف نداء السودان في مسار الحل السلمي برؤية موحدة من أجل الخلاص والتغيير دون الالتفات لدعاية التكسير والتأخير الحكومية ولا دعاة التنظير والتشهير من المشككين. وبرغم حقيقة انتظام القوى السياسية والمسلحة التي قدمت أكبر التضحيات والتي تقود المقاومة الحقيقية في نداء السودان ومشاركتها أو مباركتها لخطوة التوقيع؛ إلا أننا نؤكد على سعينا المتصل لضم كل قطاعات المقاومة وتوسيع مظلة تحركنا بدون حزازات إزاء المتحفظين؛ فما بيننا مصير وطن يذبح ولا مجال للانجرار وراء صيحات التخوين قصيرة النظر.
ختاما نحن امام مرحلة جديدة من العمل الوطني محفوفة بالتحديات في ظل نظام جبل علي تفويت الفرص، فهيا يا أبناء الوطن جميعا وبناته لاختطاف هذه الفرصة ومنع نظام التسويف والغفلة من قبر السودان وتمزيقه شذر مذر.
12 أغسطس 2016