أقرب قراءة لما تقوم به قوات الجنجويد من انتهاكات في حق المواطنين بأحياء الخرطوم ، وذلك باستهداف الشباب بالضرب وحلاقة الشعر ، هو أن هذه القوات قد كُلِّفت بمهمة إثارة الرعب في الشوارع ، في أوساط الشباب ، تزامناً مع الذكرى الخامسة لثورة سبتمبر ، فصانع القرار بالخرطوم وأجهزته الأمنية ما فتئوا يذكرون المظاهرات الهادرة في هذا الوقت من العام 2013 م ، ولا يستطيعوا نسيان عجزهم في أول الأمر في السيطرة على الوضع ، فاستخدموا الرصاص الحي الذي حصد أرواح المئات من الشباب والشابات ، واستعانوا بذات قوات الجنجويد ، والتي ، ولأول مرة ، على الأرجح ، في تاريخ التعامل مع المظاهرات ، قد تسوَّروا المنازل ، وحطموا الأبواب بحثاً عن المتظاهرون ، بامتداد ناصر وبري وجبرة ، وغيرها من أحياء الخرطوم .
تعود الذكرى ، وتبدأ أُسر شهداء سبتمبر في إحياءها ، ويعود معها الرعب القديم من ثورةٍ أُخرى تغذيها الضائقة المعيشية ، وعجز النظام حيالها ، وإن أعاد تشكيل الحكومة . فواقع الأمر يقول أن الحال ياهو نفس الحال ، خزائن خاوية على عروشها ، ونظامُ تأكله الصراعات الداخلية ، مقروءٌ مع قلاقل في صفوف الجيش ، بعد أيامٍ من مجزرةٍ للإحالة للمعاش ، استهدفت ما تبقى من الإسلاميين في رتبٍ رفيعة .
ما يحدث من فوضى في شوارع الخرطوم على يد الجنجويد ، يعكس مخاوف النظام من لحظةٍ ، ربما يعلم علم اليقين ، أكثر من أي جهةٍ أخرى ، أنها آتية . لذلك فإنه يسعى لتأجيلها ، بالطريقة التي يجيد ؛ ثارة الرعب وسط المواطنين ، ليذكرهم بأنه هنا ، وأنه لا يزال يحكم بالسلاح الذي أتى به ، وظل ي يرفعه في وجه الشعب متى ما أحس بالخوف .
سلمى التجاني