الخرطوم – صوت الهامش
قال وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، إن الإختلالات الهيكلية المزمنة في الاقتصاد الوطني المتمثلة في العجز الكبير للموازنة العامة والعجز المستمر في ميزان المدفوعات أدت إلى إرتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم وتآكل مريع في سعر العملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية.
وأوضحت أنه بهذا الوضع الذي وصفه بالمزري، أصبح ليس بالموقف المسئول التفرج على إنهيار الاقتصاد الوطني دون تدخل.
وقررت الحكومة الإنتقالية، اليوم الأحد، توحيد سعر الصرف الجينه السوداني أمام العملات الوطنية، وذكر جبريل إن لهذا القرار أثارا تضخمية إلا ان حكومته أخذت كافة التحوطات التي ستؤدي الى إستقرار وتحسن سعر صرف العملة الوطنية والقضاء على العجز في الموازنة العامة.
وأضاف أن القرار توحيد سعر الصرف، يؤدي إلى استقرار سعر صرف العملة الوطنية، واستقطاب تحويلات المغتربين السودانيين، واستقطاب تدفقات الاستثمار الاجنبي، وتحفيز الصادر والحصول على عائداته عبر القنوات الرسمية، واعفاء ديون السودان الخارجية من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون.
وناشد جبريل، المؤسسات والمتعاملين بسوق العملات الاجنبية التحلي بالروح الوطنية الخالصة، والابعاد عن المضاربة في سوق العملات سعياً لتحقيق مكاسب آنية.
أكد جبريل، إستعداد الحكومة لمواجهة الآثار المترتبة على تعويم الجنيه، وأشار وفقاً لوكالة السودان للأنباء، إلى أن الأجراءات التي اتخذتها الحكومة تمت وفق خطة وضعت لهذا الأمر وشارك فيها عدد من الجهات ذات الصلة.
وقال في مؤتمر صحفي صباح الأحد، حول حزمة الإجراءات الإقتصادية الإخيرة، إن تلك القرارات تمثلت في تحسين سعر الصرف واستقطاب تحويلات المغتربين والحد من تهريب السلع والإسهام في العمل على إعفاء ديون السودان، مشيرا الى أن تلك الاجراءات ستسهم في دفع العملية الإقتصادية في البلاد.
من جهته، قال وزير المالية السوداني السابق، إبراهيم البدوى، إن نظام سعر الصرف ”المعوَم“ هو أفضل خيارٍ متاحٍ لإعادة التوازن للعملة الوطنية وتقليص العجز الهيكلى في الحساب الجارى، وتوحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازى للنقد الأجنبي في ظل قلة الاحتياطى المتاح للبنك المركزى.
ونبه إلى أن نجاح التعويم مرهوناً بتوفر شرطين أساسيين، يتمثلان في منع تمويل المصروفات وعجز الموازنة بصورة عامة عن طريق الاستدانة من بنك السودان بصورة عشوائية وغير مبرمجة، وتحويل الدولة إلى بائع صافٍ للنقد الأجنبي لتمويل واردات السلع الاستراتيجية بواسطة القطاع الخاص.
وأشار البدوي، إلى أن هذين الشرطين بالغا الأهمية لنجاح التعويم حسب النماذج النظرية لاقتصاد سعر الصرف وتجارب الدول التي نجحت في برامج إصلاح اقتصادى مشابهة.
وشدد في تديونه له على صفحته بـ ”الفايسبوك“ على ضرورة العمل على تحقيق هذين الشرطين بالتوازى مع إنفاذ تعويم سعر الصرف وهناك إمكانية كبيرة لاستيفاء هذين الشرطين في حالة السودان عن طريق إصلاحات مؤسسية ناجزة يمكن البحث فيها في مجال آخر.
وأوضحت أن تركيبة الواردات السودانية، تجعل من الصعوبة بمكان معالجة العجز الهيكلى في الميزان التجارى باللجوء لحظر الواردات، بالنظر لأن أكثر من 85 في المئة، من هذه الواردات إما سلع استراتيجية أو مدخلات إنتاج ضرورية.
ونوه إلى أنه لا يمكن معالجة أزمة شح النقد الأجنبي ووضع حد لتدهور قيمة العملة الوطنية عن طريق هذه المقاربة ”الهيكلية“، وأن الخيار الوحيد المتاح هو تعويم سعر الصرف لتصفية السوق الموازى وتحريك ”سعر الصرف الحقيقى“ لإنعاش الصادرات وإحلال الواردات لجسر هوة تقدر بحوالى 5 مليار دولاراً يتم تمويلها حالياً من السوق الموازى.
وحذر بأن التعويم سوف لن يحقق هذه الأهداف، بل قد يحمل معه مخاطر السقوط الحر لسعر الصرف والتضخم الانفجارى إذا لم يتم دعمه باستيفاء الشرطين المذكورين، مضيفا بأن تبنى نظام سعر الصرف المدار، سيوفر هدفاً مثالياً للمضاربين الذين سيعملون على وأده في مهده تماماً كما حدث في عهد النظام السابق في العام 2018.