عندما نفدت قريحة عصابة المؤتمر الوطني من كل وسائل التضليل والضحك علي عقول الشعب السوداني الصادق الصدوق ، عادت إلي أساليب دأبت علي اللجوء اليها كل ما تعرضت إلي (زنقة مفاجئة ) من قبل المواطن الذي سرعان ما يطيب خاطره ببضع كلمات لينات حتي لو كانت محض افتراء ، سيما تلك الكلمات التي تحمل مدلولات المؤامرة علي الدين والوطن اللذين اتخذهما النظام الحاكم شماعة لتعليق كل إخفاقاته عليهما ، بهدف استحلاب العواطف من المواطن البسيط وإعادته إلي صف المصفقين للجلاد ، حفاظاً علي سيادة الأرض !
ولكي تصبح الكذبة مقبولة وقابلة للحضم ، فلا بأس من فبركة شيئ وإلزام وسائل الإعلام الحكومية لجعلها قريب من الواقع ، لإكساب العنف المقرر سلفاً جانباً من الشرعية من جهة ، وتبرئة الجناة من جهة أخري ..
كتلك المسرحية التي أهدرت دم تسعة من أبناء دارفور الذين قتلوا ظلماً شنقاً حتي الموت بعد إلباسهم جريمة اغتيال رئيس تحرير صحيفة الوفاق محمد أحمد محمد طه قبل بضع سنوات ، مع العلم أن عصابة النظام الحاكم هي من خططت ونفذت تلك العملية الدموية ، وهو ذات السيناريو الذي نشاهده هذه الايام مع طلاب دارفور بجامعة سنار .
* لا أدري لم كل هذه الكراهية واللا مبالاة اللتان تكنهما عصابة المؤتمر الوطني تجاه الشعب السوداني وشعب دارفور بوجه أخض !
وعلي الرغم من إنتماء الكثير من أبناء دارفور إليها منذ ظهورها المشؤوم ، وفي جميع مراحلها _ الإخوان المسلمين ، الجبهة القومية الإسلامية ، جبهة الميثاق الاسلام ، المؤتمر الوطني …الخ _ إلا أن ذلك لم يكن كافياً للحيلولة دون إستهداف أبناءها وجعلهم كباش فداء كل ما دعت الحاجة إلي ذلك .
* عندما أحس الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري بالعزلة داخلياً بعد مقاطعته من جل الأحزاب ذات الثقل الجماهيري لإرتكابه المجازر ضد خصومه في الجزيرة أبا ، وعقب المحاولات الإنقلابية المتكررة وتحديداً هجوم أمدرمان في 1977 ، قرر إشراك جماعة الإخوان المسلمين في السلطة ، وسرعان ما تبوأ حسن الترابي موقعاً جعله قريباً من رئيس الجمهورية ، لتقوم الجماعة عبره بدورها بتدشين أولي عملياتها الإجرامية الرامية إلي إضعاف نظام نميري وتحريض الشعب ضده بغية إسقاطه ، فطفقوا يضغطون علي نميري بهدف تطبيق ما أسموها ب(أحكام الشريعة الإسلامية) حتي أوقعوه في فخاخهم ، فأعلن الرئيس نميري تطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983 والتي إتضحت فيما بعد أنها كانت مجرد أحد الكروت التي استخدمتها جماعة الإخوان المسلمين لأغراض تكتيكية بحته و لا علاقة لها بالدين أو العدالة البتة ، وهو ما يؤكده عرابهم حسن الترابي في تعليقه حول مشاركة جماعته في حكومة نميري : (إن مشاركتنا معه في السلطة لم تكن تحالفاً إستراتيجياً ولكنه كان تكتيكياً لتحقيق أهدافنا) .
* وإذا ما ألقينا نظرة فاحصة في عمق بئر أدبيات المؤتمر الوطني نجد أن كلمة (التكتيك ) لا تحمل معني غير السعي لإضاف الشريك والخصم عن طريق التضحية بأقرب كبش فداء ، وبالتالي ردم الجثث وجعلها سلماً للإرتقاء والوصول به إلي سدة الحكم أو المحافظة عليها بعد إستلامها بلا إكتراث بعدد الأرواح التي ستزهق .
ومن هذا المبدأ انطلقت فكرة تطبيق الشريعة الاسلامية ، لكن في من ؟
لم يذهبوا بعيداً للبحث عن (حيطة قصيرة ) حتي استقر الرأي علي الإشارة الي نميري بتطبيقها إبتداءً علي شابين من إقليم دارفور هما محمد صالح حامد ، و محمد يحي الفاضل اللذين لم يتجاوز عمر كل منهما الحادية والعشرين عاماً وقد حضرا الي العاصمة للعمل في الأعمال الهامشية بأسواق الخرطوم كبقية رصفاءهما .
فقد نفذت فيهما أول تطبيق لحد قطع اليد بعد أن أتهما زوراً بسرقة عربة (تويوتا بوكس) من أمام بوسطة الخرطوم في 25 من أكتوبر 1983 ، ولم تمضي سوي 20 يوم فقط علي تقديمهم للمحاكمة تحت المادة 321 بمحكمة الخرطوم وسط ، ومن ثم تنفيذ الحكم عليهما في صبيحة الجمعة التاسع من ديسمبر 1983 بسجن كوبر وسط حضور جماهيري وإعلامي كبيرين حسبما أورده صلاح عبد اللطيف في كتابه (عشرة أيام هزت السودان ) .
وقد تكررت تلك الأحكام لمئات المرات ، ثلاث أرباعها علي مواطنين وأطفال قصر من دارفور .
ورغم تعدد الحكومات إلا أن الملاحظ في الأمر هو أن الفاعل واحد ، سواء كان ذلك في حكومة مايو أو الفترة الحكومة الإئتلافية الإنتقالية ، أو حتي الديموقراطية الثالثة ، وأخيراً حكومة الإنقاذ التي لم تأبه لحظة لحرمة دم المواطن السودانى ، حتى بلغ لها أن حاول ضرب صف الشعب السوداني الذي أعاد البطش والجوع وحدته من جديد ، ولا يعني ذلك بحال تبرير ساحة الحكومات والأنظمة الأخرى من استهداف إنسان دارفور ، كما لا أعني بذلك أن مواطن دارفور وحده عاني ويلات الإستهداف المتكرر على إمتداد مشاركة عصابة المؤتمر الوطني في الحكومات المتعاقبة .
لكن الذى لم يتنبه إليه تلك العصابة أن مثل هذه المسرحيات (المسيخة) ما عادت تثير حافز المواطن الذي حفظ ودرس وفهم كل طرق الخبث والمكر السيء الذي لا يحيق إلا بصانعيه .
وقد أدرك الشعب السودانى أن إسرائيل التي لطالما تغنت بعداوتها الحناجر ما هي إلا وهمة كبري لتحقيق الأهداف سالفة الذكر .
فهلا إستسلمتم وأسلمتم السلطة للشعب ، ولتذهبوا الى الجحيم أو إلي جناتكم التي فتحت لكم نظير معاداتكم لدولة إسرائيل .
كسرة :
ما قلتو لي ، السيارات اللي أوصلت عملاء إسرائيل دي كانت طافية أنوارها ، ودخلت السودان في زمن الصلاة مش كدا !! ؟
amom1834@gmail.com