مايكل ريال كرستوفر
واحدة من الثقافات الدخيلة فى واقعنا السياسي والاجتماعى هو اسلوب التهديد والوعيد و لم اكن اتخيل بأن يستشري هذا السلوك وسط قادة العمل العام الذين يحتار المراقب فى امرهم بعدما احتار المواطن فيهم، منذ اكثر من سبعة اعوام وهاهم اليوم يتبعون اسلوب جديد يضاف الى اساليبهم السياسية الرديئة السابقة ليكونوا بذلك اول من ادخل نهج التهديد والوعيد و اسلوب (الملاكمة والضرب والشلاليت) فى مكاتب المؤسسات الحزبية فكيف بربكم يستقيم الظل وعودكم معوج يا ايها الساسة والقادة كما تسمون أنفسكم!، ومفاهيمكم الخاطئة بطرق ادارة الاختلاف فى الراى الذى يتحول عند ثلة من رموزنا الى خلاف حاد، يتخذون فيه اسلوب العنف( اللفظى و المادى ) بدلاً من الحوار الهادئ، ويبدو بأن هذه الثقافة الدخيلة مرتبطة بتركيبة الشخصية الجنوب سودانى العنيفة والحساسة، خاصة ذلك الجيل من التقليديين الذين تختلف تربيتهم عن الجيل الحالى الذى اكتسب وعى و مهارات وثقافة قبول الاخر المختلف عنهم ( سياسياً ، دينياً ، رياضياً ….الخ )
لم استوعب البتة بان تكون صفة التعصب والتشنج هو اسلوب يعمل به في اروقة الاحزاب السياسية التى تعتبر مفاتيح للتثقيف وتمليك الوعى للمواطن ولكن هنا فى جمهورية العجائب والغرائب اصبح لا مستحيل تحت شمس جنوب السودان، ومن السهل ان يتحول اى نقاش ثانوي الى خلاف كبير ينتقل من نفرين الى مجموعتين مختلفتين فى الحزب نفسه، ليزحف الى الشارع ويسقط كخلاف بين مجموعتين اجتماعيتين تتبع كل منهما الى احد الافراد الذين اختلفوا فى الراى فى الحزب الكيان الذي يجمعهما، كما شهدنا ذلك لدى بعض من قيادات الحركة الشعبية الذين اختلفوا فى وجهات النظر في اجتماع مجلس التحرير القومى وحدث ما حدث من تبعات اضرت بنسيجنا الاجتماعي، والمؤسف بأن من كانوا يتغنون بالديمقراطية هم من بادروا باستقطاب افراد من مجموعاتهم الاجتماعية ليزجوا بهم فى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ..حيث سفكت دماء الابرياء واهدرت ارواح البسطاء، من خلال تهديد داخل اجتماع حزبي ليمتد بعدها ليطال المواطنين فى الولايات المختلفة، وكان الحريق الكبير.
من الواضح اننا لا نمتلك احزاب بمعنى الكلمة، بل هى اشكال لاحزاب لم يكتمل تكوينها بالشكل السليم ويقال ما بنيي على خطـأ فهو خطأ، وتنطبق تلك المقوله على عدد من الاحزاب فى بلادي فما وقع داخل مكاتب حزب يوساب يوم اول أمس لهو تجسيد حقيقي لمفهوم الفقر الفكري والمعرفي لدى قيادات احزابنا التى تدار بتعصب وميول اثنية صرفة، واجزم انهم اذا استمروا فى اتباع العنف بنفس الطريقة فسوف نفقد نصف الشعب الجنوب سودانى المتبقي على قيد الحياة .
نافلة القول هو اننا نعلم تماماً بان اى انسان فى هذه الدنيا يكتسب مفاهيم متعددة ومتنوعة في مختلف مراحل حياته التى تبدأ من نشأته الاجتماعية في التقاط بعض المفاهيم البسيطة بحسب وعيه وإدراكه واستيعابه من خلال البيئة المحيطة به،وعندما ينمو و يكبر تلقائياً يكون قد تعلم من تلك المفاهيم بصورها ومفاهيمها المختلفة ( السلبية والإيجابية.) لانه بطبيعه الحال يكون الطفل ابن بيئته، فتتشكل لديه العديد من المفاهيم التي تؤثر فيه مباشرة أو غير مباشر( كمفهوم العنف ) وتدخل في وعيه وتحليله لكل مجريات الأمور الشخصية والحياتية ، لتصبح فيما بعد لدى الشخص تلقائيا واقعا يعيشه ويتعايش معه، وهذه التربية تختلف من فرد إلى آخر، بعضهم تجرعها كالماء وأصبحت جزءاً من شخصيته، وما يحدث من تهديد ووعيد من قيادات الاحزاب لبعضها البعض لهى واحدة من انماط التربية المشوهة والمريضة التى ربما اكتسبوها فى صغرهم، والتخلص منها يتطلب فترات طويلة و حتى تزول سوف يطول انتظارنا معها، ويستمر مسلسل التهديد والوعيد تعبيرا عن اننا واحزابنا وقياداتنا ما زلنا في مرحلة الطفولة السياسية..
يوم باكر احلى