ذَكَرَت وكالةُ السُّودانِ للأنباء (سُّونا) في 29 نوفمبر 2017، أنَّ وزير دفاع المُتأسلمين خَاطَبَ (مُرتزقتهم) بمدينة جازان السعوديَّة، وذلك عقب مُشاركته في اجتماع وزراء دفاع عاصِفَةُ (الشر)! ومن بين ما قاله لأُولئك المُرتزقة، أنَّ مُشاركتهم – باسم السُّودان – في ذلك التحالُف (الشيطاني)، تأتي من مُنطلقٍ (عقائدي) والتزام (أخلاقي)، و(نُصْرَةً) للدين، و(حمايةً) للمُقَدَّسات وبلاد الحرمين الشريفين، ودعاهم للـصبر و(الثبات) و(الاحتساب) حتى يتحقَّق النصر!
المُتأمِّل للواقع الماثل، لا يجد صعوبة في اكتشاف وإثبات كَذِب و(تدليس) البشير وعصابته الإسْلَامَوِيَّة، لأنَّ إجرام تحالُفهم الشيطاني ضد الشعب اليمني الآمن، لا علاقة له بعقيدةٍ أو أخلاق، وبعيدٌ عن الإنسانيَّة وقِيَمِهَا ومُثُلِها ومبادئها الرَّاسخة والمعلومة! بخلاف أنَّ السعوديَّة والإمارات، (مُحَرَّكتا) وراعيتا هذا الحِلف، أعلنتا و(اكَّدتا) في أكثر من مُناسبة، بأنَّهما تستهدفان تحجيم الحوثيين واستعادة (الشرعيَّة) لليمن، ولم تَتَطَرَّقا (إطلاقاً) لحماية الحرمين وخوفهما عليهما، لأنَّ كَسرْ إرادة اليمن ونهب مُقدَّراته وموارده، هو الهدف الحقيقي من عاصفة (الشر)! فالسعوديَّة بالدرجة الأولى، ومن بعدها الإمارات، تَسْعَيَان للسيطرة على اليمن والتهام موارده، خاصَّةً عقب مُقاومة الشعب اليمني لنفوذ السعوديَّة، وإصراره على الخروج من عباءتها، وفشل أزلامها في ترويض وتطويع اليمنيين! وحَتَّى لو افترضنا (صِدق) أهدافهم (المُعْلَنَة) من حملتهم، وعلى رأسها استرجاع الشرعيَّة التي يفتقدها حُكَّام السعوديَّة والإمارات على حدٍ سواء، فمن الذي منحهم الحق في (فَرْض) إرادتهم على دولةٍ مُسْتَقِلَّة وذات سيادة كاملة، وشَنْ حرب بشعة وإبادة شعبها الآمن؟! وبأي قانونٍ أو شريعةٍ أو عقيدة يُمارسون كل هذا الإجرام؟! أمَّا مسألة حِماية (الحَرَمَيْنِ)، فقد أقحمها المُتأسلمون إقحاماً، لتبرير(ارتزاقهم) وتصدير إجرامهم غير المسبوق خارج السُّودان، مُقابل بعض (الفِتَات) المُتساقط من موائد السعوديَّة والإمارات، والذي اتضح مُؤخَّراً أنَّهما (ضَنَّتا) به على البشير وعصابته الإسْلَامَوِيَّة المأفونة!
والمُدهِش، أنَّ عاصفة (الشر) لم تُحقِّق أهدافها حتَّى الآن، رغم غاراتها المُتزايدة و(هَلَاك) العشرات من (المُرتزقة) والمأجورين، إذ لم يَنَلْ عُدوانهم الغاشم إلا من الأطفال والنساء والشيوخ العُزَّل الذين كانوا آمنين! ويُمكن القول، بأنَّ حَمْلَتهُم (الشِرِّيْرَة) هذه فشلت، قِيَاساً باستطالة أمَدِهَا وضَخَامة تكاليفها وإنجازاتها الفعليَّة! فالواقع يُؤكِّد مُساهمة عاصفة (الشر) في تقسيم اليمن، وهَدْم الرَّوابط الاجتماعيَّة والإنسانيَّة للشعب اليمني، ونَشْر العُنف والجَهَوِيَّة/القَبَلِيَّة والصراعات الدِّينيَّة/الطائفيَّة وتَعَالِي النَزْعَة الانفصاليَّة، ونُشُوء الجماعات/المليشيات المُسلَّحة وسيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد ومُؤسَّساتها الحيويَّة، وفُقَدَان هادي عبدربه ومن معه لأي تعاطُف شعبي نتيجة لغارات التحالُف المُتكاثفة. فضلاً عن تَعَطُّل عَجَلَة الإنتاج اليمني بشكلٍ شبه كامل، حيث انسحبت العديد من الشركات العاملة في مجالات النفط والغاز، وتَوقَّفت غالبية المُؤسَّسات الوطنيَّة المَعْنِيَّة بالاستيراد والتصدير، بخلاف (شَلَلْ) المنافذ البحريَّة كموانئ المكلا في بحر العرب ورأس عيسى على البحر الأحمر تبعاً للحصار البحري!
غير أنَّ أسوأ انعكاسات عاصفةُ (الشر)، يتمثَّل في الأوضاع الإنسانيَّة التي بلغت حدوداً حَرِجَة من السوء، نتيجة لحصار المُتحالفين الشامل لمطار صنعاء والموانئ البحريَّة ومحاور الطُرُق الرئيسيَّة اليمنيَّة، منذ 2 نوفمبر 2017، رداً من السعوديَّة على سقوط صاروخ باليستي بمدينة الرياض! وفي الوقت الذي تغيب فيه بوادر الانفراج، يحيا ملايين اليمنيين في أسوأ ظروف يمكن أن يحيا فيها الإنسان، نتيجة لتناقُص السلع الغذائيَّة والأدوية والوقود وارتفاع أسعارها، كارتفاع أسعار المياه المنقولة بالشاحنات بنحو 133%، وعَجَزْ كلٍ من تَعِز والحديدة وصَعدة عن ضخ المياه النظيفة، وإصابة الكوليرا لنحو 900 ألف مُواطن، تَوفَّى منهم فعلياً نحو 2200، واحتمالات انتشار الدفتيريا التي تَوفَّى بها فعلياً نحو 14، ووجود نحو 120 حالة يُشْتَبَه إصابتهم بها. وما يزيد الأوضاع سوءاً و(قَتَامَة)، فُقدان نحو 1.2 مليون مُوظَّف رواتبهم للعام الثاني على التوالي، ودخول نحو 8 ملايين يمني دائرة الجوع، وفق ما أوردت رويترز في 20 نوفمبر 2017. وكما مُتوقَّع، وقف العالم بجميع مُؤسَّساته (الدوليَّة والإقليميَّة)، موقف المُتفرِّج على مُعاناة اليمنيين! حتَّى بيانات (الشَجبِ) والإدانة اختفت، واستُبْدِلَت ببياناتٍ (وصفيَّةٍ) هُلامِيَّة وباهِتَة، مع تشديد السعوديَّة وأزلامها من قُوَّى (الشر) لحِصَارهم الغاشم، ومُباهاتهم بتجويع وتعذيب الأبرياء من شعب اليمن الطيب، بعيداً عن الاعتبارات الإنسانيَّة والأخلاقيَّة التي يَتَدَثَّرُ بها القَتَلَة والأوغاد.
إنَّ الصَلَف والتعدِّيات السُّعوديَّة والإمارات ليست جديدة، فَقْد كان دورهم مُتطاوِلاً في إشعال الصراعات بالعراق وسوريا ومصر وليبيا والسُّودان ولُبنان، والآن يُمارسون ذات أدوارهم القذرة في اليمن، بما يعكس حجم الشر والغرور والخِيَانَةِ والغدر لدى القائمين على أمر هاتين الدَّولتين، وتعاطيهما الخطير مع المُتغيِّرات والمُستجدَّات الدوليَّة والإقليميَّة، ودونكم – بجانب مأساة اليمن – ما قاموا به مُؤخَّراً (دَّاخلياً وخارجياً)! ونحنُ كسُّودانيين، نشعر بالأسف الشديد، لورود اسم بلادنا (الضَحِيَّة) ضمن عاصفة (الشر) ضد أحبابنا باليمن، وأقولها لأخوتنا اليمنيين بالفم المليان: أنَّ البشير وعصابته الإسْلَامَوِيَّة و(مُرتزقتهم) ليسوا مِنَّا، والسُّودان بريئٌ من إجرامهم الذي نِلْنَا منه نصيباً وافراً، كما طَالَتنا (شرور) و(مُغامرات) و(أطماع) رُعاة عاصفةُ (الشر) قبلكم في اليمن الحبيب! فبالنسبة للبشير وعصابته، فنحن نُواجه إجرامهم الذي شَمِلَ كافة مناحي الحياة منذ 30 سنةٍ مضت، عَمَلوا فيها على فصل جُنوبنا عن بقيَّة البلاد، وأشعلوا الصراعات الجَهَوِيَّة والعقائديَّة في ما تَبقَّى من أقاليمنا، وصَمَتوا على الاحتلالين الإثيوبي والمصري، وبَاعوا ورَهَنُوا أراضينا وأصولنا العقاريَّة، ودمَّروا الاقتصاد الوطني والناتج المحلي الذي قَارَبَ من التلاشي تماماً، وسَعُوا لتدمير مُستوانا الأكاديمي والأخلاقي والتربوي، والآن أدخلونا دائرة (الارتزاق) والعَمَالَةِ الدَّوليَّة والإقليميَّة! وبذات التآمر والقَسوَة المُمَارَسة باليمن، تَحالَفَ البشير وعصابته مع سَادَته بالسعوديَّة والإمارات، وَوَجَّهوا ضرباتهم وطعناتهم (الغَادِرَة) للسُّودان وأهله، دون تقديرٍ للاعتبارات الإنسانيَّة أو الأخلاقيَّة التي يَتَدَثَّرون بها زوراً وبُهتاناً، فهم يهتمُّون فقط ببناء أمجادهم وإشباع أطماعهم ولو كان ذلك فوق (جماجمنا)، مُستغلِّين (انحطاط) البشير وعصابته المأفونة! وفي سبيل تلك المَرامي الخبيثة، التهمت كلٍ من السعوديَّة الإمارات أخصب أراضينا الزراعيَّة، ونَالُوا ثروتنا الحيوانيَّة والمعدنيَّة بأبخس الأثمان، واحتضنوا الأموال التي نهبها البشير وعصابته من بلادنا، حَتَّى ميناءنا الرئيسي/الأساسي لم يسلم من عبثهم وأطماعهم! والأسوأ من ذلك، أنَّهم (خَرَّبوا) أراضينا واستنزفوا مواردنا الطبيعيَّة وكأنَّهم (يستكثروها) علينا، على نحو إدخال الآفات والأمراض النباتيَّة وإفساد ثروتنا الحيوانيَّة والسَّمَكِيَّةِ (عَمداً)، والأخطر تمويلهم لسد النهضة الإثيوبي الذي يُعدُّ أكبر مُهَدِّد سيادي لكل ما هو سُّوداني، واختتموا تحالُفاتهم (الشِرِّيرة) بتشويه سُمعة السُّودان وأهله، حينما (استعانوا) بالفاجرين والمُرتزقة الذين نَبْرَأُ أن يكونوا مِنَّا.
إنَّنا وعلى مَرِّ التاريخ الإنساني، لم نسمع أو نقرأ عَمَّن (يَتَحَالَف) مع الآخرين لتدمير بلاده، على نحو ما فعل البشير وعصابته الإسْلَامَوِيَّةِ بالسُّودان، حَتَّى تاريخنا وسيرتنا وسُمعتنا العَطِرَة سَعَى البشير لتشويهها وإفسادها. فبصفةٍ عامَّةٍ، اشتهرت مُساهمات السُّودان على الصعيد العربي والإقليمي، بالمُمارسات المُشرِّفة والأخلاقيَّة في كافة المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة والإنسانيَّة، حَتَّى مُشاركاتنا العسكريَّة كانت لنُصرَة دول المنطقة وليس ضد الشعوب، والشواهد عديدة ومُوثَّقة. وبالنسبة لعلاقاتنا مع أحبابنا في اليمن، فأجزم بأنَّهم يعرفون السُّودانيين أكثر من بقيَّة شعوب المنطقة، حيث تَمَازجنا وتَزَاوَجَنا وتبادلنا المنافع، ولم ولن ننسى مُساهمة تُجَّار اليمن الحبيب، في إنعاش وتحريك الحركة التجاريَّة والاقتصاديَّة بالسُّودان، كما يصعُب نِسيَان مُساهمة السُّودانيين المشهودة، في رفد اليمن بالأساتذة والأطبَّاء وغيره من المجالات المهنيَّة. وأقولها لكم يا أهلنا وأخوتنا الطيبين باليمن، هؤلاء ليسوا مِنَّا ولا يُمثِّلون السُّودان وأهله الشُرفاء، ولقد عاشرتمونا من قبل سواء في السُّودان أو ببلادكم الحبيبة، ولم تجدوا مِنَّا ولم نَرَ منكم سوى الخير والحب والسلام، ويُؤسفني – كغيري من السُّودانيين – ما تشهدونه من ظُلمٍ وقهر وضيق، سبقناكم في (نَيْلِ) أقساط وافرة منه على أيدي ذات (الأشرار) والأزلام.
عُذراً أهل اليمن الأفاضل، وأسفٌ كبير أنقله لكم وأعرب عنه، نيابةً عن غالبيَّة السُّودانيين (الأصليين) والشرفاء، وحتماً ستنتصرون على المُغامرين الطَّامعين والمُتجبرين، ولقد لاحت نُذر النصر في الأُفُق وبدأت الأزهار تَتَفَتَّح من بين الأشواك، وحينما تكتمل الفرحة تَذَكَّروا بأنَّ أهل السُّودان أشرف وأطيب بكثير من البشير وعصابته ومُرتزقته، وسادتهم الأشرار وتحالُفاتهم الشيطانيَّة.