الفاشر ـــ صوت الهامش
قالت تقارير اعلامية ان الولايات المتحدة الأمريكية دفعت بمقترح للحكومة والحركات المسلحة للتشاور حوله يتعلق بالقتال في مدينة الفاشر شمال دارفور يرفض الهجوم على مدينة الفاشر واستهداف المدنيين والمرافق الصحية، يتضمن فتح مسارات لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر، وكانت الحكومة السودانية والقوة المشتركة ـــ لحركات المسلحة التى تقاتل بجانب الحكومة،رفضتا في وقت سابق مقترحاً أميركياً بالخروج من الفاشر.وعلى الرغم من ان الحرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع يتصاعد فى جبهات عديدة ـــ بينها ولايات كردفان والجزيرة التى شهدت مجازر عدة إرتكبتها قوات الدعم السريع، إلا انه يلاحظ ان الغرب بقيادة امريكا يركز على مدينة الفاشر،اذن لماذا الفاشر؟وهل تفلح واشنطن ومن تجره خلفها من المواقف الغربية فى الضغط على طرفى الحرب وقفها؟
المدينة المقدسة:
يستدعى الباحث فى الشؤون السياسية د. ادم احمد سليمان بداية ما حدث فى الخامس عشر من ابريل العام المنصرم حيث بدأت الحرب، ويقول لـ (صوت الهامش)، ان ما تم كان” مغامرة انقلاب” قادها زعيم الدعم السريع حميدتى ومن يقف معه ـــ شأنه شان الانقلابات التى تحدث فى افريقيا، وعندما فشل تحولت المليشيا والداعمين لها الى الخطة “ب “وهى الحرب الشاملة وتدمير البنية التحتية في المدن الرئيسية مثل العاصمة الخرطوم ومدنى وغيرها ، وعندما فشلت عملية احتلال الخرطوم انتقلوا الى الخطة “ج “وتتمثل هذه الخطة فى اعلان حكومة او دولة مستقلة يعترف بها العالم فى بقعة من السودان وهى” دارفور”، واعلان دولة فى دارفور لن يتم الا اذ اسقطت” الفاشر” واحتلالها بواسطة المليشيا، عندها سوف تعلن الدولة المزعومة وعاصمتها الفاشر.
تخطيط مبكر:
وتسيطر قوات الدعم السريع منذ وقت مبكر من بدء الحرب على اربعة ولايات فى دارفور من جملة الخمس ولايات، اذ، انها ومنذ، وقت مبكر تنشر قوات باعداد كبيرة في كافة المدن الكبرى فى دارفور وتنشر قوات فى ارتكازات ثابتة فى مداخل تلك الولايات مع دول الجوار مثل ولاية غرب دارفور حيث تنشر قوة فى الطريق الرابط بين الجنينة وــ ادرى فى تشاد على الرغم من وجود قوات مشتركة من الجيش السودانى والتشادى،واسهم هذا الانتشار فى سهولة سيطرتها على ولايات دارفور واعادة تموضعها فيها. وتبلغ مساحة ولاية شمال دارفور 296 ألف كيلومتر مربع، اى نحو 12 في المائة من مساحة السودان تقريباً، وتمثل أكثر من نصف مساحة إقليم دارفور.
دولة دارفور.
ويمضى الباحث فى الشؤون السياسية د. ادم فى الى ان مخطط اعلان الدولة بعد سقوط الفاشر يشمل كل دارفور، ولاحقا سوف تضم ولايتى شمال وغرب كردفان، لذلك كل الدوائر الاقليمية والدولية وحتى المحلية الداعمة المليشيا المتمردة ومعها مرتزقة غرب أفريقيا مركزين على الفاشر وانهاء المعركة لصالح المليشيا.
وحول المقترح الامريكي بشأن الفاشر، اوضح قائلا:” ليست لدى تفاصيل المقترح الذى دفع به الامريكان، ليست لدى تفاصيل الخطة، ولكن فى تصورى المقترح يقوم على خروج القوات المسلحة وشركائها واعتبار الفاشر منطقة محايدة منزوعة السلاح وهو ذات الاقتراح الذى دفعت به دول ايغاد فى بداية الحرب بان تكون الخرطوم منزوعة السلاح وهو ما رفضته الحكومة وقتذاك، ومن باب اولى ان ترفضه الان فى نهاية الحرب”. ومعركة الفاشر هى من تحدد مصير هذه المليشيا والداعمين لها، لذلك يحاولون و بكل السبل اسقاط الفاشر فى يد المليشيا وعندما فشلت اتوا بهذه الخطة التى دفعت بها الحكومة الامريكية وما اظن ان الحكومة كما قلت تقبل بهذه الخطة.
استهداف عرقي:
وقال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إن التقارير الواردة من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان مروعة من حيث الهجمات على المدنيين والاستهداف العرقي، داعيا لوقف “العنف المتعمد ضد المدنيين” ووقف إطلاق النار فورا.
وكتب عبر منصة “إكس”: “التقارير الواردة من الفاشر في السودان مروعة، هجمات دموية على المدنيين وروايات مروعة عن الاستهداف العرقي، الناس يخافون من نقاط التفتيش لدرجة تمنعهم من محاولة الفرار”.
مصير الطرفين:
ويوضح مصدر حكومى رفيع فضل حجب هويته لـ (صوت الهامش)، اان اهمية الفاشر تكمن فى انها المدينة الأخيرة فى دارفور التي لا تزال خارج السيطرة الكاملة لقوات الدعم، كما انها بالمقابل المدينة الوحيدة التى لا يزال الجيش يسيطر عليها، اضف لذلك فإن رمزية الفاشر ـــ كونها عاصمة حكومة دارفور وكونها ايضا مهمة لحركات الكفاح المسلح، اذا انها تمثل مركز ادارى لكل محليات قبيلة الزغاوة وسقوطها يعنى بانهم سيواجهون ذات ما حدث لقبيلة المساليت بولاية غرب دارفور، فيما تنبع اهميتها للمجتمع الدولى كونها اصبحت مركز ايواء، لنازحين من ولايات دارفور الاخرى التى سقطت فى يد الدعم وظل يمارس انتهاكات جسيمة فى حق المدنيين، مما دفعهم للخروج منها، لذلك اصبحت مقرا رئيسياً للمساعدات في كل دارفور حيث شرعت الامم المتحدة فى ذلك ، فضلاً عن أن موقعها الجغرافي يجعل منها ذات أهمية لخطوط الاتصال لقوات الدعم السريع مع تشاد ومصر وليبيا، والطريق المؤدية من غرب إلى شرق السودان.
استنزاف وتدمير ممنهج :
ومضى ذات المصدر الى ان قوات الدعم السريع سيناريو يقوم على قطع اوصال عاصمة شمال دارفور الفاشر ،منذ اشهر عديدة، على الرغم من انها اصبحت اكبر مركز يضم النازحين الذين فروا من مدنهم بعد سيطرة الدعم عليها خاصة سكان ولاية جنوب وشرق داغ،بدا السيناريو بقطع طرق الامدادات الغذائية والدوائية بالسيطرة على مدينة مليط التجارية ، ومهاجمة القرى حول المدينة وحرقها وطرد سكانها ومن ثم مرحلة الهجوم الممنهج لكنه متقطع على مراكز الخدمات الحيوية مثل محطة الكهرباء التى دمر جزء،كبير،منها ومحطة المياه فضلا عن استهداف المستشفيات مثل المستشفى التركى الذى خرج عن الخدمة ومن ثم قسم النساء والتوليد ومستشفى الاطفال، ولاحقا عند تكثيف القصف اجلى المواطنين مرضاهم من المستشفى الجنوبى الوحيد الذى ظل يقدم الرعاية لضحايا الهجوم على الفاشر.
تحذير امريكي:
ومنذ،وقت مبكر ابدت واشنطن اهتماما بما يجرى فى الفاشر،اذ انه ولاول مرة يصدر،وزير خارجيتها أنتوني بلينكن تحذّيرا قوى لقوات الدعم السريع بشأن بوجود مؤشرات على هجوم لها وشيك وواسع النطاق على عاصمة ولاية شمال دارفور الفاشر وقال في بيانه التحذيرى ، ان بلاده تشعر بقلق بالغ من التقارير التي تتحدث عن هجوم وشيك واسع النطاق من قِبل قوات لدعم السريع على الفاشر في شمال دارفور؛ ما من شأنه أن يعرّض لخطر كبير مدنيين بينهم مئات آلاف النازحين فرّ الكثير منهم مؤخراً إلى الفاشر من مناطق أخرى.