سيدني – صوت الهامش
نشر منظمة (جلوبال بيس إندكس) ومقرها سيدني باستراليا، تقريرا عن أثر الإنفاق العسكري ببذخ في دارفور، مؤكدا أن الأولويات الاقتصادية للسودان مشتتة بالصراع.
ونوه التقرير عن أن السودان بلد فقير ينفق ببذخ على الأسلحة أكثر مما ينفق على الأغذية الأساسية.
وشدد على أن تكاليف الحرب في دارفور هي قضية سياسية خطيرة واستنزاف لا يمكن احتماله لموارد السودان.
ونبه إلى أن المعارضة المسلحة في دارفور في بداية مناهضتها للتهميش لم تطالب الحكومة المركزية في الخرطوم بأكثر من العمل على تحقيق تنمية محلية وإيجاد فرص عمل في دارفور، إلا أن الحكومة رفضت الطلب وشنت في المقابل حملة عسكرية في المنطقة تكلفت على مدى 13 عاما في الفترة منذ 2003 وحتى 2017 نحو 7ر88 مليار دولار أمريكي (بمعدل 9ر5 مليار دولار في السنة الواحدة)، فضلا عن تدمير البنية التحتية وحرق القرى وتردي الاقتصاد وخسارة الأرواح، إضافة إلى تكاليف عمليات حفظ السلام.
وتسببت الهجمات العشوائية على القرى الدارفورية في نزوح فيض من اللاجئين صوب شرقي تشاد فيما بقي الآلاف مشردين محليا في دارفور.
كما أن استمرار الحكومة المركزية في استخدام ميليشيا الجنجويد أو قوات الدعم السريع والتي نفذت هجمات مكثفة ضد قبائل الزغاوة والفور والمساليت (أفريقية الأصل) – هذا الاستمرار قد تمخض عن أعمال قتل جماعي واغتصاب وتدمير لما لا يقل عن 500ر3 قرية.
ومع العام الحالي 2018، دقت طبول الحرب في دارفور من جديد بشروع حكومة السودان في تكتيكات متنكرة لمكافحة التمرد في صورة تدابير لجمع السلاح، وقد تكلفت هذه التكتيكات المتنكرة تكاليف باهظة على الصعيدين البشري والاقتصادي.
ولحد عام 2017، تمخض الدمار عن مقتل أكثر من 300 ألف إنسان وتشريد أكثر من 3 ملايين آخرين يعيشون الآن مشردين محليا وعن حرق 300 ألف قرية ومحاصيل تقدر قيمتها بملايين الدولارات ومواشي تمت سرقتها بأيدي الحكومة وميليشياتها – وفوق كل ذلك، فإن الأثر النفسي وتمزيق النسيج الاجتماعي الوطني هي خسائر لا يمكن حصرها في قيمة بالدولار.
وأكد التقرير أن الأولويات الاقتصادية للسودان تم تشويهها بالصراع؛ فعلى مدى أكثر من عقدين وبينما تنفق الحكومة بسخاء على التسليح، فإنها لم تنفق سوى نسبة 2ر1% وأقل من نسبة 1% من ناتجها المحلي الإجمالي على الصحة والتعليم على الترتيب.
إن استنزاف الحرب في دارفور اقتصاديا لموارد السودان لا يمكن احتماله؛ ويتزايد الإنفاق العسكري في السودان؛ وقبل اندلاع الصراع في دارفور عام 2003، كانت الحكومة تنفق متوسط 845 مليون دولار سنويا على الجيش؛ لكن منذ اندلاع الصراع، فإن الحكومة باتت تنفق أكثر من ضعف هذا الرقم.
وتساءل التقرير عما كان يمكن أن يصبح عليه الحال لو أن الحكومة وجهت الـ 8ر23 مليار دولار الإضافي التي أنفقتها على مدى 13 عاما في ميزانية التسليح للصراع في دارفور – لو أن الحكومة وجهت هذه الأموال في التنمية الاقتصادية، أية معجزات كان يمكن تحقيقها؟ إن توقف الأعمال العدائية لمدة عام واحد كفيل بادّخار نحو 9ر5 مليار دولار.
ولكن غطرسة القوة تحجب الأفق أمام أعين النخبة الحاكمة عن وضع نهاية لهذه الحرب المكلفة. وقد كان من الممكن تسوية الأمر برمتّه عام 2003 بتلبية مطالب المعارضة المسلحة الخاصة بتوفير فرص عمل في دارفور وعدم تهميشه وهي مطالب لم تكن قيمتها تتجاوز 60 مليون دولار.
وفي ظل تقاعس المجتمع الدولي عن وضع نهاية للصراع في دارفور، فإن هذه الحرب كبدت السودان والمجتمع الدولي حتى الآن ما قيمته 7ر88 مليار دولار ولا يزال الرقم في تصاعد.
ورأى التقرير أنه لا شيء غير الثورة في وجه الطغيان يمكن أن تنقذ السودان من مسار الدمار؛ وتمثل الوحدة السودانية بما فيها الحركات المسلحة وأحزاب المعارضة والتي تجسدت في حركة (نداء السودان) خطوة البداية على طريق هذا الهدف.
ونوه التقرير أنه ثمة حاجة إلى مجتمع مدني فاعل يتضمن شبابا ومشردين محليا ونشطاء من كافة أحزاب السودان – جميعهم بحاجة إلى الانضمام إلى قوى (نداء السودان) لتضييق الخناق على نظام البشير الفاشل وجحافل الماضي