واشنطن: صوت الهامش
نشرت مؤسسة (جيمس تاون) الأمريكية تقريرا للكاتب نيكولاس هيراس، حول مشاركة السودان في الحرب على اليمن، جاء فيه أنه وفي أواخر سبتمبر الماضي، أثار قائد قوات الدعم السريع، الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) -من دون أن يقصد- جدلا واسعا عبر إعلانه عن مقتل 412 جنديا سودانيا في حرب اليمن.
والتحقت قوات سودانية بحرب اليمن منذ عام 2015 إلى صفوف ائتلاف تقوده السعودية في مواجهة حركة الحوثي وحلفائها.
وتعتبر القوات السودانية بمثابة مكون برّي أساسي بقوات الائتلاف في اليمن. وتنتشر القوات السودانية في مناطق متعددة في اليمن.
وأفضت جهود السعودية مؤخرا على صعيد إقامة منطقة عازلة في شمال اليمن إلى زيادة نشر قوات الدعم السريع. لكن هذا الوجود لقوات الدعم السريع السودانية في اليمن صاحبته تبعات؛ ذلك أن حربا إعلامية شنتها جماعة الحوثي جراء ذلك لما تشتهر به قوات الدعم السريع من ماض سيء السمعة.
ونوه التقرير ان قوات الدعم السريع تم تشكيلها بالأساس للقيام بعمليات مكافحة التمرد. وهي تضم بين صفوفها عددا كبيرا من ميليشيات الجنجويد التي ارتبط اسمها بانتهاكات ممنهجة ضد حقوق الإنسان في منطقة دارفور، لا سيما في الفترة ما بين 2003 و2008؛ هذه القوات أيضا متورطة في المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة في السودان، بعض هذه الانتهاكات وقع حديثا في حملات لقمع التمرد.
وينظر البعض إلى قوة الدعم السريع باعتبارها نوعا من “الحرس الإمبراطوري” للرئيس السوداني عمر البشير المدان من لدن المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية بسبب أعمال قامت بها ميليشيات الجنجويد في دارفور.
ولفت التقرير إن قرار البشير إرسال قوات الدعم السريع إلى اليمن إنما يعكس طبيعة الحملة المكافحة للتمرد هنالك، لا سيما بالنسبة للسعودية التي رأت محافظاتها الجنوب غربية وقد باتت هدفا لغارات مدمرة عابرة للحدود يشنها الحوثيون وحلفاؤهم.
وبعد أن أحرزت قوات التحالف مكاسب في وسط وجنوب اليمن، تحت قيادة الإمارات العربية المتحدة، فإن الجيش السعودي قد سعى إلى تعزيز أوضاعه في الشمال، بإخلاء المناطق الحدودية والاستيلاء على موانئ البحر الأحمر المهمة من قبضة الحوثيين وحلفائهم.
وأوضح التقرير أن السعودية تتطلع الآن إلى إخلاء مناطق واسعة في شمال اليمن والسيطرة عليها؛ ومن ثم فإن الرياض عملت على تأمين استخدام قدرات قوات الدعم السريع في مضمار مكافحة التمرد لتنفيذ تلك الحملة السعودية.
فضلا عن ذلك، فإن البعض يربط بين مشاركة السودان في حملة ائتلاف الحرب في اليمن وبين جهود تبذلها السعودية والإمارات العربية المتحدة تستهدف اجتذاب البشير بعيدا عن علاقاته الوطيدة مع إيران في مقابل تقديم هاتين الدولتين دعما ماليا يعتبر ضروريا للبشير الذي تعاني حكومته من أعمال تمرد في الداخل إلى جانب ضياع عائدات النفط بعد استقلال جنوب السودان.
وقد دعمت قوات الدعم السريع عمليات التأمين الحدودي للسعودية؛ وقد استخدمت السعودية قوات الدعم السريع السودانية في الاستيلاء على العديد من المناطق الشمالية الغربية في اليمن، لا سيما محافظة “حجة”.
وقال التقرير في يناير، استولى الائتلاف على مدينة “ميدي” الاستراتيجية على البحر الأحمر والتي كانت تعتقد بمثابة إحدى مرافئ تسليح حركة الحوثي عبر خطوط الدعم البحرية التي كانت تؤمنها قوات الحرس الجمهوري الإيراني. هذا، ولا تزال محافظة “حجة” ساحة لمعارك ضارية بين قوات الائتلاف من ناحية والحوثيين وحلفائهم من ناحية أخرى.
إن خبرة قوات الدعم السريع في مضمار مكافحة التمرد في السودان إلى جانب انخراطها كذلك في التصدي للمهربين، يجعلها مؤهلة تماما ومناسِبة (على الأقل في أعين السعوديين) في هذا الصدد. لكن مع ذلك، ثمة ما يشير إلى تعثّر قوات الدعم السريع ومواجهتها عقبات في تطبيق تكتيكاتها التي كانت تستخدمها بالسودان في مناطق اليمن ذات الطبيعة الجبلية التي يعرفها الحوثيون جيدا في المقابل.
ويقول الحوثيون إن غالبية الضحايا الذين أسقطوهم في صفوف قوات الدعم السريع خلال العام الجاري 2017 تم اصطيادهم عبر كمائن وأشراك نُصبت لهم في محافظة “حجة”.
وأكد التقرير أن مشاركة قوات الدعم السريع في حملة ائتلاف الحرب في اليمن – تثير مخاوف داخل منظمات دولية غير حكومية من إمكانية إقدام هذه القوات في اليمن على اقتراف انتهاكات مشابهة لتلك التي اقترفتها في السودان ضد مدنيين.
ولم تعلن الحكومة السودانية عن أيّ الوحدات من قوات الدعم السريع تلك التي تم إرسالها إلى اليمن، بحيث يتعذر الجزم بما إذا كانت الوحدات التي نفذت انتهاكات ضد حقوق الإنسان في دارفور هي ذات الوحدات التي تشارك الآن في حرب اليمن أم لا.
وشدد التقرير إن وجود قوات الدعم السريع السودانية في اليمن قد أمدّ خصوم الائتلاف الذي تقوده السعودية بذخيرة وفيرة من السهام الإعلامية الكفيلة بتحويل رأي المجتمع الدولي ضد السعودية والإمارات العربية المتحدة وشركائهما في التحالف.
وقد حاول الحوثيون وحلفاؤهم ربط اسم قوات الدعم السريع السودانية بعملية النزوح الجماعي المقدر بمئات الآلاف من المدنيين من محافظة “حجة”.
وعليه، فبدلا من أن تمثل تحديا أمام الحوثيين، فإن القوات السودانية قد تجعل من السعودية غرضًا لسهام حملات إعلامية يشنها الحوثيون وحلفاؤهم.
وتصوّر هذه الحملات الدعائية قوات الدعم السريع، التي هي مكون أساسي لمساهمة السودان عسكريا في الائتلاف في اليمن، باعتبارها “مرتزقة الجنجويد سيئة السمعة التي تميل إلى ارتكاب فظائع” وقد تم إعارتها إلى السعودية لحساب الرئيس السوداني مجرّم الحرب عمر البشير.
وأضاف التقرير أن للحملة الإعلامية تبعات إضافية على كل من الرئيس السوداني عمر البشير وقيادة الائتلاف؛ ذلك أن حركة الحوثي وحلفاءها يركزون عملياتهم الإعلامية على ما تتكبده قوات الدعم السريع وقوات سودانية أخرى في اليمن من خسائر فادحة.
تلك الخسائر تؤثر بشدة في الداخل السوداني، وليس أدل على ذلك مما أثاره تصريح حميدتي بمقتل نحو 500 سوداني في اليمن من غضب السودانيين ضد البشير وقراره الخاص بالمشاركة في تلك الحرب.
هذا وأكد التقرير إن نشر قوات الدعم السريع السودانية في اليمن يوّضح طبيعة المرحلة التالية من مراحل تطوّر القوة متعددة القوميات ذات القيادة الخليجية لمجابهة إيران وشريكها والقوات التي تحارب بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط.
وفي غضون ذلك، تمثل قوات الدعم السريع بالنسبة للرئيس السوداني عمر البشير مصدرا مُدّرًا للإيرادات يمكن استخدامه لدعم حلفاء في صراعات عبر أفريقيا، لا سيما في المنطقة العابرة للصحراء وفي منطقة الشرق الأوسط.