جوهانسبرج: صوت الهامش
نشر موقع ذَا كونفرشن تقريرا للكاتب صموئيل توتين، رصد فيه قيام حكومة الخرطوم، منذ اندلاع الحرب بينها وبين الحركة الشعبية قطاع الشمال في يونيو2011، بتنفيذ عمليات إغارة جوية بشكل يومي ضد مدنيين يعيشون في جبال النوبة؛ وإذا لم يمُتْ هؤلاء المدنيون جرّاء القصف فإنهم يعيشون الموت بأطراف مبتورة وأمراض باطنية خطيرة.
وتطالب حركة التحرير بالحصول على حق تقرير المصير لشعب النوبة الذي يستوطن المنطقة منذ آلاف السنين وقد قاتل أبناؤه مع الجنوب في خندق واحد إبان الحرب الأهلية الثانية (1983-2005)؛ لكنهم حُرموا من الانفصال مع باقي الجنوب عن السودان الشمالي؛ وعندما استمر تهديد شعب النوبة من جانب الخرطوم، حمل النوبيون السلاح وشكلوا الحركة الشعبية قطاع الشمال.
وتتعرض مزارع النوبة ومخازن حبوبها للتدمير المستمر جراء الغارات الجوية، ويخشى شعبها العمل في المزارع، حتى استوطن الجوع وتراوحت معاناة الكثيرين بين حالات سوء تغذية عادية وأخرى حادّة، حتى أن مناطق أمثال “كاو نيارو” باتت فيها حالات سوء التغذية الحادة والمجاعة من الثوابت.
وعلى الرغم من الحاجة الماسة للغذاء، إلا أن أيا من المنظمات المعنية بإغاثة المنكوبين لم تحاول توصيل إغاثات لجبال النوبة؛ ومن بين تلك المنظمات “مفوضية شئون اللاجئين” و”برنامج الغذاء العالمي” و”التعاونية من أجل المساعدة والإغاثة في كل مكان” و”ميرسي كوربس”(فوج الرحمة) و”الصليب الأحمر الدولي” و”أوكسفام”.
وفي ظل غياب المساعدات الدولية، نهضت قنوات غير رسمية بأعباء المسئولية؛ وثمة أربع منظمات متنوعة اضطلعت بتوصيل الأغذية لجبال النوبة منذ بدايات عام 2012؛ وتسلك معظم هذه المنظمات الطرقَ الموجودة بالمناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية قطاع الشمال.
وأسهمت تلك الجهود في توصيل مئات الأطنان من الأغذية والأدوية والمعدات الطبية؛ كل هذا تم إنجازه عبر السفر على طرق ترابية وَعِرَة في ظل قصف جوي يومي من جانب الحكومة السودانية؛ ولا تزال النوبة تعاني غائلة الجوع.
ولا يزال من غير الواضح سبب تقاعس المنظمات الدولية والدول الأفراد عن إغاثة النوبة؛ لكن أسبابا متنوعة قد طُرحت عبر أولئك القائمين بالجهود غير الرسمية؛ وربما كان السبب الرئيسي هو التخوف من أن جهود المجتمع الدولي قد تثير غضب الرئيس السوداني عمر البشير؛ إضافة إلى المخاوف من أن القتال ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة كالقاعدة على سبيل المثال قد يتعرض للخطر.
وأكبر المخاوف أن يقرر البشير العودة للحرب إذا ما اعتقد أن حكومته يتم التلاعب بها من جانب المجتمع الدولي إذا ما دخل الأخير (عبر منظماته الرسمية) أراض سودانية دونما إذن من الخرطوم فقد يعتبر البشير ذلك بمثابة انتهاك للسيادة ومن ثم لن يتوانى عن عمل كل ما في وسعه لاستعادة ما اجتُزئ من السودان بموجب اتفاقية السلام الشاملة الموقعة غداة انتهاء الحرب السودانية الثانية والتي تم السماح بمقتضاها للجنوب بإجراء استفتاء على الاستقلال ثم إعلان جمهورية جنوب السودان.
وكانت الولايات المتحدة تقدمت بمقترح لكل من الخرطوم والحركة الشعبية قطاع الشمال مفاده أن يتم السماح بنقل الأغذية جوًا من الخرطوم إلى جبال النوبة، وكان أن طالبتْ الحركة الشعبية بأن يتم تسليم نسبة 20% من الأغذية عبر إثيوبيا؛ وتتخوّف الحركة الشعبية من أن تُسمّم الخرطوم الأغذية ليس هذا فقط وإنما تريد الحركة ضمان وصول ولو نسبة من الأغذية إلى المنطقة؛ مشيرة في هذا الصدد إلى موقف الخرطوم من توصيل المساعدات لإقليم دارفور حيث أصرّت حكومة البشير على رفْض وصول الأغذية لأبناء الإقليم المنكوب.
وعليه، وإذا كان الطرفان: حكومة الخرطوم من جهة، والحركة الشعبية قطاع الشمال من جهة أخرى يقفان موقف المواجهة؛ فإن صحة وحياة المدنيين في النوبة، تتطلب حلا سريعا لتلك المواجهة.