واشنطن : صوت الهامش
رصد مدير ومؤسس منظمة كفاية الأمريكية، جون برندرغاست، خطوة الرئيس السوداني عمر البشير غير المتوقعة نهاية العام الماضي، والمتمثلة في طلب حماية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الولايات المتحدة.
وأكد برندرغاست ، في تقرير نشرته صحيفة (ذي هيل) الأمريكية- أن الغريب في تلك الخطوة أنها جاءت بعد شهر واحد من خطوة متسرعة من جانب أمريكا على صعيد تطبيع العلاقات مع حكومة السودان “شديدة الاختلال”؛ وتمثلت الخطوة الأمريكية في رفع عقوبات شاملة من على كاهل حكومة الخرطوم.
ونوه برندرغاست عن أن البشير اشترى طائرات مقاتلة حربية من روسيا، كما ناقش مع بوتين إنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر في بورتسودان.
وتساءل الكاتب عما إذا كان ذلك يمكن اعتباره بمثابة خطوة بداية على طريق استدراج أفريقيا كساحة حرب باردة جديدة، يلعب فيها الحكام المستبدون صغار الشأن نيابة عن روسيا والولايات المتحدة؟
ولفت إلى أن سِجلّ البشير على مدى ثلاثة عقود في الحكم هو سِجلّ مليء بالقمع الوحشي للأقليات العرقية والدينية، بما في ذلك عمليات تشريد قسري وحروب منسية ولا نهائية وأعمال قتل جماعي وتقويض كنائس وتعصب ديني شديد.
ولفت برندرغاست إلى أن نظام البشير، على المستوى الدولي، قام بدعم الجماعات الإرهابية وزعزع الاستقرار دول الجوار، ومن ثم فإن السودان في ظل البشير على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وأكد الكاتب أن السودان هو أحد أكثر البلدان الأفريقية الموبوءة بالفساد وسوء الإدارة الاقتصادية؛ ومن ثم فإن أي استثمار جديد نتيجة لرفع العقوبات، بما في ذلك البعثة التجارية التي أوفدتها الولايات المتحدة إلى السودان في أوائل ديسمبر المنصرم، لن يستفيد منه الشعب السوداني، وإنما فئة قليلة من قادة النظام المحتكرين للنشاط الاقتصادي.
هذا فضلا عن أن الجماعات الإرهابية والمهربين وغير ذلك من الأعمال الإجرامية العابرة للحدود ستجد فرصا سانحة للرواج الاقتصادي غير القانوني بعد رفع قرار رفع العقوبات الأمريكية.
وفي ظل رواج هذه السوق السوداء بالسودان، بحسب الكاتب، يتعين على الولايات المتحدة وقطاع أعرض من المجتمع الدولي أن يرفع استعداداته لزيادة معدلات “تجارة الإجرام” داخل أو خارج السودان؛ إضافة إلى ضرورة التأكد من تنشيط أنظمة الإنذار المبكر والتدابير الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وغيرها كأدوات داخل الهيئات المعنية بتنفيذ القانون والهيئات التنظيمية ومصالح الجمارك والمصارف المالية – تلك هي الحال الآن في ظل تعزيز العلاقات بين البشير وبوتين.
وقال برندرغاست، إن ثمة دروسا من بلدان أخرى، تقدم وصفة لإعادة بناء نفوذ أمريكي على حكومة السودان، منها: فرض عقوبات على شبكات عمل، وتدابير مكافحة غسيل الأموال، وبذل جهود لملاحقة الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة.
ورأى الكاتب أن هذا النهج كفيل باستهداف سلوك المسؤولين عن العنف الذي طال أمده وعن قمع الحريات الدينية وعن نهب ثروات السودان وعن عقد صفقات أسلحة مع حكومات معادية لمصالح الولايات المتحدة.
وأكد صاحب أن أهم نقاط النفوذ تتمثل في إبقاء السودان على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.؛ ويحوْل هذا التصنيف دون التخفف من حمل الديون، كما يؤثر سلبا على الاستثمار الأجنبي.
ولفت الكاتب في هذا الصدد إلى أن سوء إدارة النظام السوداني لاقتصاد البلاد على مدى 28 عاما ترك السودان صاحب ثاني أثقل ديون في أفريقيا بإجمالي مديونية 50 مليار دولار.
وحث برندرغاست على ألا يتم شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلا بناء على دليل بإصلاحات أساسية من جانب الحكومة السودانية، كـ إجراء انتخابات تحظى بمصداقية، وإبرام وتنفيذ اتفاقيات سلام مع جماعات معارضة مسلحة، واحترام حقوق الشعب السوداني الأساسية التي نصّ عليها الدستور، فضلا عن ضرورة أن تبرهن حكومة الخرطوم على أنها توقفت عن دعم الجهات الإرهابية.
وقال الكاتب إن إدارة ترامب ينبغي عليها استخدام طريقة العقوبات الاستهدافية وتدابير مكافحة غسيل الأموال، وذلك لإيجاد تبعات لأي انتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية التي أثبتت هذه الإدارة الأمريكية استعدادها للدفاع عنها في أجزاء أخرى من العالم، آخرها ميانمار.
ودعا برندرغاست الكونغرس إلى الضغط على إدارة ترامب لكي تستخدم صلاحياتها التي نص عليها قانون ماغنتسكي وذلك لفرض عقوبات على الأطراف المتورطة في عمليات فساد أو في مهاجمة المدافعين عن حقوق الإنسان.
واختتم الكاتب قائلا إن خطوة رفع العقوبات غير المدروسة أفقدت الولايات المتحدة نقطة نفوذ مهمة في وقت مهم دون أن تتوقع أن يتجه البشير صوب روسيا … إن استخدام أدوات جديدة من الضغط الاقتصادي تكون أكثر استهدافيةً جنبا إلى جنب مع وضْع شروط واضحة لشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب – هذان الأمران كفيلان بتعزيز النفوذ الأمريكي والتصدي بفعالية أكثر لممارسات نظام الخرطوم.