الخرطوم ــ صوت الهامش
عبّر سلطان دار المساليت سعد بحر الدين عن أسفه إزاء ما تتعرض له ولاية غرب دارفور من انتهاكات، وقال : ”أتمنى لو انضممنا إلى تشاد بدلاً من السودان.“
تابع ”حيث يتم اعتبار المنطقة ضعيفة والناس هناك يعرفون حق المعرفة بأنهم بحاجة إلى حكومة تحميهم لأنه لا توجد أي دولة في المنطقة توفر لهم الحماية والأمان.“
لهذا السبب يأسف السلطان عبد الله على الانضمام إلى السودان حيث يتم اعتبار ذلك سبب رئيسي أدى إلى إضعاف الشعب وتجريده من سلاحه عدا عن ممارسة الإرهاب والقتل مع هذا الشعب الذي غدا مشرّد.
وقد وجه خطابه إلى سكان المساليت الذين كان أغلبهم من المزارعين ذوي البشرة السوداء وذلك عند جلوسهم تحت أشجار النيم للوقاية من الحرارة الحارقة.
كان هؤلاء الناس قد فرّوا في هجوم سابق حصل هذا الشهر على بلدة ”أديكونك“ والقرى المحيطة بها المطلة على. جمهورية تشاد.
يؤكد تقرير لقناة (بي بي سي الانجليزية) حدوث هجمات نفذتها ميليشيات عربية تابعة للحكومة السودانية، أسفرت عن مقتل نحو 5 أشخاص وتشريد 37 ألف شخص.
مع العلم بأن أعمال العنف التي حدثت ليست جديدة بل هي جزء من نزاع طويل الأمد بين البدو الرحل في دارفور والمزارعين ذوي البشرة السوداء.
اعتبر السلطان سعد بحر الدين سلطان دار المساليت، بحسب التقرير الذي طالعته (صوت الهامش) بأن الانضمام إلى تشاد كان سيوفر كمية أكبر من الأمن للشعب.
أما أساس الصراع يقول التقرير، فهو عنصري بدرجة كبيرة، حيث يتم الإشارة إلى المساليت من قبل العرب على أنهم ”نوّاب“ وهذه الكلمة هي من الكلمات المهينة التي تشير إلى العبيد.
قالت زوجة أحد الضباط في قوات الدعم السريع ”لا ندع النواب ينزلون من الجبل ولا يمكننا الصعود هناك وعندما نجدهم نطلق النار عليهم.“
تقع دار المساليت في ولاية غرب دارفور إذ توجد بعض الأجزاء من دار المساليت في شرق تشاد، ويعود هذا التقسيم نتيجة حدود تم وضعها من قبل الاستعمار في وقت سابق.
تمت عملية دمج السلطنة مع السودان منذ مئة عام وذلك بعد اتفاق بين زعيمها في ذلك الوقت سلطان بحر الدين من جهة والحكومة الفرنسية والإدارة البريطانية التي حكمت السودان من جهة أخرى.
والجدير بالذكر أن دار المساليت هي في السودان التي لم يتم احتلالها وذلك بعد أن هزم شعب المساليت الجيش الفرنسي مرتين واحدة في يناير من عام 1910 ومرة في نوفمبر من نفس العام.
في ذلك الحين كان الجيش الفرنسي يحاول توسيع إمبراطوريته من ناحية الشرق والذي يعرف الآن باسم تشاد، بذلك كانت بلدة كرينيك رمز للمقاومة التي أبداها شعب المساليت للغزاة الفرنسيين في ذلك الوقت وقد اشتهر شعب المساليت بهذا النصر منذ ذلك الوقت.
لكن في الشهر الماضي كانت قد تعرضت المدينة التي يعيش فيها العديد من المجتمعات النازحة لهجوم وحشي وعنيف، وتم اتهام قوات الدعم السريع بتنفيذ غارة تسببت في قتل أكثر من 200 شخص بينهم العديد من الأطفال وكبار السن.
بالإضافة إلى ذلك تم حرق أغلب المنازل في البلدة التي تبعد حوالي 80 كيلومتر شرقي مدينة الجنينة كما لقت أغلب مواشي البلدة مصرعها.
بذلك يكون هذا الهجوم من أحدث التصعيدات في أعمال العنف التي اجتاحت دارفور منذ عام 2003 ولا تزال مستمرة حتى هذا اليوم.
أما نتيجة هذا الصراع فهي مقتل مئات الآلاف ونزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص من منازلهم حتى أن عدد مرات النزوح للبعض وصل إلى 5 مرات وهم الآن يعيشون في مخيمات ومباني حكومية.
ويعتبر شعب المساليت بأن الحكومات التي تتالت على المساليت كانت قد روجت للعروبة وتجاهلت السود وحرمتهم من الحصول على الخدمات الأساسية من التعليم والصحة والكهرباء.
يحمل الغزو الفرنسي الذي تضاءلت قوته ببطء المسؤولية لحكومة عمر البشير الذي تمت الإطاحة به كرئيس في عام 2019 وذلك بعد أن تسلّم الرئاسة لمدة 30 عام.
حيث تعتبر فرنسا بأن هذه الحكومة عملت على إضعاف المساليت من الناحية العسكرية بدرجة كبيرة وذلك من خلال مصادرة أسلحتهم في كل فرصة.
في حين أنه كان يتم تسليح المليشيات العربية وقال محمد عبد الله عدومة محامي حقوق الإنسان والذي تسلم في السابق لولاية غرب دارفور ”إن المساليت لا يملكون السلاح ولهذا السبب هم في هذا الوضع.“
ويقول التقرير : لدى المساليت بعض الجماعات المسلحة لكن هذه الجماعات لم تكن منتمية لاتفاقية السلام التي تم توقيعها من قبل الحكومة والجماعات الأخرى في عام 2020 في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
ويتم الآن التشارك في السلطة بين هذه الأطراف وذلك من خلال الوصول إلى الثروة المعدنية في دارفور.
من جهته، قال محمد عبد الله عدومة قائلا : ”إن المتمردين السابقين الذين هم جزء من اتفاق جوبا للسلام ينتمون في الغالب إلى مجتمع الزغاوة وهم يعيشون في شمال دارفور كما أنهم يريدون أن تكون المساليت تحت قيادتهم وذلك بدلاً من أن يتم تسليح المساليت بشكل مستقل ويتولون قيادة أنفسهم.“
وبالعودة إلى الاتفاق الذي تم في عام 1919 مع فرنسا وبريطانيا فقد كان من المقرر أن يتم إجراء استفتاء بعد 75 عام من الاتفاق أي في عام 1994.
حيث يكون الهدف من هذا الاستفتاء السماح لشعب المساليت أن يقوم بتقرير مصيره في حال كان يرغب بالبقاء مع السودان أو أنهيرغب بالانضمام إلى تشاد أو أنه يريد اختيار الاستقلال.
لكن هذا الاستفتاء لم يحصل كما أنه لم يتم الضغط من أجله وكانت الدكتورة توحيدة يوسف البارزة في حكومة ولاية دارفور قد قالت : ”إن حكومة البشير قد الكثير من الحروب في هذه المنطقة ونتيجة لذلك نسى الناس موضوع الاستفتاء.“
وفي خضم هذه الأوضاع المأساوية يتأمل السلطان سعد بحر الدين وضع شعب المساليت ويعتبر بأن الانضمام إلى تشاد سيكون حل جازم لهذا الوضع وذلك لأن دولة تشاد تمتلك جهازاً أمنياً قوياً يمكن أن يوفر الأمن والسلام للمساليت.