بروكسل: صوت الهامش
رأت منظمة (مجموعة الأزمات الدولية) أن انزعاج الكثيرين في واشنطن إزاء بوادر تشير إلى مكافأة حكومة الخرطوم برفع العقوبات عنها – هذا الانزعاج له ما يبرره،
وذلك أن حكومة البشير متهمة بالقمع السياسي واستخدام العنف المفرط في أطراف البلاد المهملة، هذا فضلا أن الخطوات الإيجابية الضئيلة التي اتخذتها تلك الحكومة لا تزال بمثابة قطرة في بحر التحسن المطلوب لإنهاء الصراعات.
وقالت المنظمة غير الربحية وغير الحكومية –في تقرير اطلعت عليه (صوت الهامش)- إن أي رفع للعقوبات الأمريكية ينبغي ألا يتم تقديمه على اعتباره خِتْما بالموافقة الضمنية على الرئيس البشير أو على عودة العلاقات الدبلوماسية إلى إعادة اعتماد الأوراق الدبلوماسية للخرطوم في واشنطن؛ وإنما ينبغي النظر إلى هذا الرفع على أنه خطوة أولى على طريق طويل وصعب، بما يعكس إيمانا بأن المطالب الحذرة المحددة بوقت المرتبطة بحوافز مناسبة – يمكن أن تنجز أكثر مما ينجزه استمرار نظام العقوبات الذي عفا عليه الزمن.
وشددت المنظمة على أن رفع العقوبات ينبغي أن يمثل بداية مرحلة جديدة من المشاركة الأمريكية تركز فيها واشنطن على دفع حكومة الخرطوم وجماعات المعارضة السودانية و”جوبا” صوب تدابير ممكنة ومن شأنها أن تُحسّن أحوال معيشة السودانيين والجنوب سودانيين.
وقالت هذا يتطلب من الإدارة الأمريكية أن تتابع مستجدات الأوضاع عن كثب وبقوة، وأن تمنح سلطات للمسئولين المعنيين بتنفيذ تلك الجهود، وأن توضح لحكومة الخرطوم أن إحراز تقدم حقيقي سيفضي إلى تطبيع في العلاقات مع واشنطن والعكس بالعكس؛ ذلك أن عودة حكومة الخرطوم إلى سابق عهدها كفيلة بعودة العقوبات الاقتصادية على أن تستهدف القادة وليس شعب السودان.
وأكدت المنظمة أن التعامل المحسوب جنبا إلى جنب مع رصْد مكافآت إيجابية في حال ظهور سلوك متحسن هو كفيل بإحداث تغيير إيجابي من جانب نظام الخرطوم أكثر مما كانت ستثمر عنه محاولات مستمرة لعزل هذا النظام .
إنّ رفع العقوبات لن يُجرّد الولايات المتحدة من أدواتها السياسية والاقتصادية المؤثرة بحيث تواصل الضغط من أجل التغيير. إن الإدارة الأمريكية عندما تُظهر استعدادها لمكافأة السلوك المتحسن، فهي تحرز لنفسها نفوذا إضافيا أقوى مما أحرزته جراء فرض العقوبات.
وشددت المنظمة على أن رفع العقوبات ينبغي ألا يكون نهاية مطاف المحادثات؛ وإنما ينبغي أن يقود إلى مرحلة جديدة من التعاون مع الخرطوم سعيًا لتطبيع في العلاقات يتضمن عودة سفير أمريكي دائم إلى الخرطوم، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمساعدة في تخفيف عبء الديون عن كاهل السودان، مقابل اتخاذ حكومة الخرطوم خطوات ملموسة على صعيد التحسن المطلوب.
ونبهت المنظمة إلى أن الولايات المتحدة ينبغي أن تركز الآن على مناطق أحرزت حكومة السودان فيها تقدما جزئيا لكن يمكنها أن تحرز فيها المزيد، وتحديدا: استمرار وقف إطلاق النار في المنطقتين؛ وتحسين عملية وصول المساعدات الإنسانية في دارفور؛ ولعب دور أكثر إيجابية في جنوب السودان.
ولفتت المنظمة من الأهمية بمكان أيضا أن تتضمن المرحلة الجديدة من التعاون تحسينا في سجل حقوق الإنسان المزري في السودان وحلّ الميليشيات في دارفور.
ورأت المنظمة أنه ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تضغط على حكومة السودان لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الصراعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وذلك عبر الاستمرار في وقف الأعمال العدائية والانخراط في محادثات حول وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
أما في دارفور، فإن التحسنات لا تزال بعيدة عن الشمول؛ ذلك أن عناصر بعثة اليوناميد لا يزالون يواجهون تأخيرات في الحصول على تأشيرات دخول، كما يستمر المسئولون في إعاقة دخول الإمدادات إلى المنطقة. ويمكن للولايات المتحدة أن تضغط على حكومة الخرطوم في هذا الصدد.
كما يتعين على حكومة الخرطوم التعاون مع اليوناميد لتدشين قاعدة عمليات مؤقتة للبعثة في منطقة جبل مرة والتي من شأنها توفير المزيد من التأمين لجهود الإغاثة الإنسانية بينما بدأت البعثة في تقليص وجودها في مناطق أخرى.