نيويورك – صوت الهامش
قال تقرير نشره موقع (جاست سيكيوريتي) إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يغامران بشرعنة انتهاكات حقوق الإنسان وبالتواطؤ في خرق القانون الدولي عبر تعزيز علاقاتهما مع حكومة السودان بقيادة البشير تحت اسم “مكافحة الإرهاب” تارة و”حل أزمة الهجرة” تارة أخرى.
ولفت التقرير إلى تقديم واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي الدعم بلا تدقيق أو فحص لقوات أمنية في السودان متورطة في انتهاكات حقوقية ضد المواطنين السودانيين والمهاجرين.
ورأى أنه على الرغم من أن تعاون واشنطن مع حكومات سيئة السمعة حقوقيا ليس بالأمر الجديد، إلا أن التعاون مع الحكومة السودانية يختلف ويجب أن يسترعي انتباها أكثر، لاسيما في ظل ما يتردد من تحركات جارية على صعيد التطبيع بين البلدين.
ورصد التقرير خطوات اتخذتها الولايات المتحدة على صعيد تعزيز العلاقات مع السودان وقواته المسلحة تحديدا؛ وأبرز تلك الخطوات يتمثل في عودة الملحق العسكري لكل منهما إلى سفارته بعاصمة الأخرى بعد غياب دام زهاء 28 عاما؛ فضلا عن دعوة وجهتها واشنطن للسودان في أبريل 2017 للمشاركة في اجتماعات القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) بألمانيا، وهي دعوة لم تكن محتملة من قبل في ظل تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.
وفي أغسطس 2017 وصل قيادي من أفريكوم إلى الخرطوم لمناقشة التعاون على صعيد مكافحة الإرهاب مع القوات المسلحة السودانية والتصدي لجيش الرب للمقاومة. وفي نفس الشهر تم توجيه الدعوة للسودان للمشاركة في مناورات عسكرية أمريكية مصرية.
ونبه التقرير إلى أن تعاون الولايات المتحدة مع السودان على الصعيد الاستخباراتي مستمر على الرغم من حقيقة أن جهاز الأمن والمخابرات السوداني الذي تعتمد عليه الخرطوم في مكافحة الإرهاب في الدولة والإقليم ذو سجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان على نحو خطير وثقّته منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش، بل وحتى وزارة الخارجية الأمريكية ذاتها.
وفي عام 2017، قال مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني آنذاك، في بيان صحفي، إن الجهاز تلقى مساعدات تقنية من نظرائه في الولايات المتحدة، دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وثمة تقارير تشير إلى اعتماد الولايات المتحدة على معلومات استخباراتية جمعها جهاز الأمن والمخابرات السوداني في خارج السودان وتحديدا في الصومال والعراق وسوريا.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، قال التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) إن الشراكة بين الاتحاد والسودان تتطلب مزيدا من التدقيق. فبفضل الموقع الاستراتيجي للسودان، تعامل الاتحاد الأوروبي مع السلطات السودانية لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وأحد الأجزاء الرئيسية في هذا التعاون يتمثل في “عملية الخرطوم”، وهي تعتبر بمثابة “منصة للتعاون السياسي والمشاركة الإقليمية حول الهجرة بين الدول الواقعة على طول مسار الهجرة بين القرن الأفريقي وأوروبا”.
وقد أثار هذا التعاون موجة واسعة من الانتقادات من جانب الجماعات والمنظمات الحقوقية خشية أن يضفي (هذا التعاون) شرعية على قوات الدعم السريع (الجنجويد) السودانية سيئة السمعة والتي انضمت رسميا إلى القوات المسلحة السودانية عام 2017 ومنذ ذلك الحين تم نشرها على طول الحدود الشمالية للسودان مع ليبيا في محاولة لوقف تدفقات الهجرة.
وبينما يفاخر قادة قوات الدعم السريع بالتصدي -نيابة عن الاتحاد الأوروبي- لتيار المهاجرين، فإن ثمة حقيقة هي أن هذه القوات متهمة بشن هجمات مباشرة ضد مدنيين في شمال ووسط دارفور وبالمشاركة في تهريب المهاجرين إلى ليبيا.
وقد تم توثيق انتهاكات قوات الدعم السريع وتسجيلها عبر تقارير أعدت الأمم المتحدة العديد منها، وكذلك منظمة هيومن رايتس ووتش قد أعدت تقارير في هذا الصدد.
وعليه، أكد التقرير أن المزيد من توجيه الدعم للخرطوم من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لن يسهم إلا في شرعنة نظام استبدادي وفي مزيد من التهميش لحقوق الإنسان في سبيل مصالح أمنية ضيقة.
ورصد التقرير في هذا الصدد في المقابل غضّ الطرف من جانب واشنطن والعواصم الغربية عن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان حتى أن انتقادات سجل السودان الحقوقي من جانب أي من واشنطن أو تلك العواصم إما أنها قد تراجعت أو اختفت تماما على نحو شجّع في المقابل حكومة الخرطوم على الاستمرار في انتهاج تكتيكات قمعية ضد أبناء الشعب السوداني.
وحذر التقرير من أن استمرار توجيه الدعم لحكومةٍ كالحكومة السودانية ذات سجل حقوقي حافل بالانتهاكات يمثل تهديدا خطيرا للمبادئ الأساسية للديمقراطية وسيادة القانون التي طالما تعهدت واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي بالدفاع عنها وتعزيزها.
إن الاستمرار في توجيه الدعم لحكومة السودان دون رقابة فعالة أو تدابير لمنع وقوع انتهاكات لن يسهم إلا في دعم نظام غير ليبرالي وتعزيز حالة عدم الاستقرار.