لندن : صوت الهامش
تعتبر “سونا جوبارته” أول عازفة كورا موهوبة تنحدر من عائلة “جريو” الفنية بـغرب أفريقيا. وقد كسرت جوبارته التقاليد، فصارت رائدة في احتراف العزف على آلة يهيمين على عزفها الذكور على مدى سبعمائة عام.
وبحسب موقع “أوول أفريكا”، فإن “سونا” هي إحدى بنات عائلة اشتهرت بكبار عازفي آلة الكورا، ولا سيما جدّها “أمادو بانسانغ جوبارته” أحد أيقونات غامبيا الموسيقية والثقافية، وكذلك ابن عمها “توماني دياباتي”، الشهير بإتقانه العزف على آلة الكورا.
وُلدت “سونا” في لندن عام 1983 وعكفت الطفلة على تعلم العزف على آلة الكورا منذ سن الرابعة على يد أخيها “توندي جيجيد” الذي يكبرها بأحد عشر عاما، وفي عامها السادس بدأت “سونا” في تعلم العزف على آلات التشيلو والبيانو والقيثارة. وقامت “سونا” بأول عزف لها للكورا وهي لا تزال في سن الخامسة إلى جانب أخيها في أحد نوادي موسيقى الجاز في لندن، بينما قامت بأول عزف منفرد لها على آلة التشيلو وهي في سن الحادية عشرة في أحد النوادي الموسيقي الفخمة في لندن.
وفي بداية سنوات مراهقتها تقدمت “سونا” إلى المعاهد العالمية لتعلم الموسيقى مثل الكلية الملكية للموسيقى وكلية بورشيل في المملكة المتحدة، حيث تابعت دراستها للموسيقى الكلاسيكية الغربية. وأثناء تلك الفترة، تميزت “سونا” في التأليف الموسيقي وشرعت في كتابة أولى ألحانها الموسيقية للأوركسترا الكاملة.
وفي منتصف سنوات مراهقتها، انضمت “سونا” كعضو دائم إلى فرقة أخيها الموسيقية الذائعة الصيت عالميا المعروفة باسم “أولموست كريديبل ميوسيك إنزيمبل” وطافت “سونا” حول العالم مع أخيها على مدى سنوات عدة وحظيت بذلك على فرصة للعمل إلى جانب فنانين عالميين أمثال “أومو سانجاري” و”توماني دياباتي” وأوركسترا البي بي سي السيمفوني.
وفي أواخر سنوات مراهقتها، تابعت “سونا” شغفها بتراث موسيقى الماندينغ وبدأت العمل بكثافة على آلة الكورا مع أبيها “سانجالي جوبارته”، الخبير في موسيقى الماندينغ التراثية. وحصلت “سونا” على درجة علمية في الثقافة واللغويات الأفريقية من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. وفي غضون تلك الفترة، شرعت “سونا” في تطوير نفسها كفنانة منفردة.
وأثناء دراستها عكفت “سونا” على العديد من مشاريع الأوركسترا، بما في ذلك “نهر الصوت” مع أوركسترا الغرفة الأيرلندية، ويضم “إيفلين جليني”، وغيرها من الأعمال التعاونية بما في ذلك العروض مع الأوركسترا الملكي فيلهارمونيك، بريتن سينفوني و أوركسترا “ميلتون كينز”.
وفي عام 2002، عملت “سونا” في فيينا مع مغنية موسيقى الجاز الشهيرة “كليفلاند واتكيس”. كما عملت “سونا” مع أكثر من فرقة؛ فعملت مع أعضاء فرقة “كاري بانرمان” على الغيتار الكهربائي، و”يازي لوغانغيرا” على الغيتار الصوتي، و”مامادو سار” على قرع الأفريقي، و”ألكسندر بواتنغ” على الطبول و”أندي ماكلين” على غيتار البيس.
وفي حقبة العشرينات من عمرها، عكفت “سونا” على إيجاد توازن بين معرفتها لنوعين موسيقيين مختلفين تمام الاختلاف هما “موسيقى الماندينغ” و”الموسيقى الكلاسيكية الغربية”. وقد أعلن هذا التزاوج عن نفسه لأول مرة عندما تم انتدابها لتأليف موسيقى فيلم وثائقي عن أفريقيا بعنوان “ماذرلاند”عام 2010 حيث كشفت “سونا” عن نوع جديد من الموسيقى السينمائية الأفريقية.
وقد واصلت “سونا” استكشاف وتنمية صوتها الآسر العذب الذي لفت انتباه “أليكس هيفيز” مؤلف موسيقى أفلام هوليود الشهير، والذي طلب إليها عام 2011 العمل معه كمغنية منفردة في الموسيقى التصويرية لفيلم “ذا فيرست جريدر”. وقد فازت المقطوعة التي قدمتها “سونا” بجائزة “اكتشاف العام” ضمن جوائز هوليود للموسيقى التصويرية العالمية عام 2012.
هذا النجاح، قاد المخرج “جاستن تشادويك” إلى أن يطلب من “سونا” تسجيل مقطوعة أخرى بصوتها المنفرد للموسيقى التصويرية لفيلمه الناجح في هوليود “مانديلا: مسيرة طويلة إلى الحرية” عام 2014.
وكانت “سونا” في عام 2011، قد أصدرت أول ألبوماتها المنفردة “فاسيا” والذي كان بمثابة علامة فارقة ليس فقط على صعيد رحلتها الموسيقية الشخصية، وإنما على صعيد التراث الفني الذي تنتمي إليه. وقد أظهر هذا الألبوم “فاسيا” القدرات التي تتمتع بها “سونا” كعازفة ماهرة على العديد من الآلات أمثال “الباص” و”النجوني” و”الفلوت” و”الغيتار” و “آلة النقر”، كما أظهر الألبوم كفاءة “سونا” كمنتجة ناضجة.
ونظرا لـمهارتها في العزف وصوتها المتميز وجمال ألحانها وحضورها على المسرح، حققت “سونا” بسرعة نجاحا عالميا بعد صدور ألبومها “فاسيا” عام 2011 والذي حقق انتشارا واسعا. فيما كان أول ألبوماتها على الإطلاق هو ألبوم “الروح الأفرو الصوتية”.
وتمتلك “سونا” قدرة فريدة على التواصل مع الجمهور وتحريكه، لا سيما الأجانب ممن لا يعرف معظمهم الكثير عن الموسيقى الأفريقية. “سونا” أيضا كانت تعمل في تدريس الكورا في لندن، وأنشأت مع أبيها مدرسة الموسيقى الرسمية في غامبيا، والتى سميت باسم جدها الشهير “أمادو بانسانغ جوبارته”.
وبالعمل في كل من غامبيا والمملكة المتحدة، استطاعت “سونا” إبداع أعمال موسيقية كفيلة بأن تحفظ لها مكانة متميزة في هذا المضمار الفني سواء كحافظة له أو رائدة للتجديد فيه.