الخُرطوم- صوت الهامش
مازال الجدل مُستمراً إزاء التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية لتضمين إتفاق السلام،خطوة فتح الوثيقة نظر إليها البعض بأنها خطوة غير قانونية تقدح في الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الإنتقالية،وطالبت أحزاب رئيسية في التحالف الحاكم بإرجاء تلك التعديلات على الوثيقة حتى تشكيل المجلس التشريعي الإنتقالي،المعني بإجازة القوانين أو رفضها .
غير أن قوى السلام ترى أن المطالب الداعية لوقف تضمين إتفاق السلام في الوثيقة الدستورية تهدف لنسف الإتفاق وتعطيل تنفيذ بنوده لخشية تلك الأطراف بأن تقنين إتفاق السلام ومشاركة قوى الكفاح المُسلح في الحكم الإنتقالي سيعيد تشكيل الوضع السياسي من جديد ويعيد تشكيل الحاضنة
السياسية وفق رؤية جديدة.
تغيير الخارطة السياسية
عقب التوقيع على إتفاق السلام في عاصمة دولة جنوب السُودان مدينة “جوبا” بدأت أحزاب سياسية وكيانات إجتماعات في التقليل من الإتفاق ووجهت إنتقادات لاذعة للحكومة الإنتقالية،لجهة أنها وقعت إتفاقاً خاص بالمُحاصصات وتقاسم السُلطة بين أطراف الحكم المختلفة .
ظهور الأصوات الناقدة للإتفاق تأتي في ظل تخوف قوى سياسية رئيسية في التحالف الحاكم من أن دخول الحركات المسلح في المشهد السياسي وإشراكها في مراكزصنع القرار سيكون له تأثيرات عديدة على النادي السياسي القديم،هذا ما أكده رئيس الوفد القيادي لحركة جيش تحرير السُودان قيادة مناوي أبوعبيدة الخليفة الذي قال في تعليق لـ”صوت الهامش” أن الصراع الدائر حول تعديل الوثيقة من عدمها هو صراع بين النادي السياسي القديم والنادي السياسي الذي يحمل رؤية بناء سودان جديد وتأسيس دولة المواطنة المتساوية والعدالة في توزيع الخدمات،ومحاكمة من أجرموا في حق الشعب السوداني،وإعطاء الأقاليم المضطهدة حقوقها الت تسيطر عليها المركز .
ولفت الخليفة أن تعديل الوثيقة الدستورية وتضمين إتفاق السلام يجب أن يتم بنفس الطريقة التي خُلقت بها الوثيقة الدستورية في حد ذاتها، وأضاف بقوله”رأينا أنه بنفس الطريقة التي خلقت بها الوثيقة الدستورية يجب تضمين اتفاق السلام،وأكد أن السلام له اعدائه وهناك أحزاب ترى أن الإتفاق سيغير الخارطة السياسية علي حساب قوى السلام التي سيكون لها تاثير اكبر وهذا مؤكد أنه سيكون هناك تغيير كبير في ظل إستمرار الصراع بين القوى القديمة والجديدة،لافتاً أن هذا صراع ايجابي فهناك قوى وطنية تسعى للتعبير عن المواطن وتلبية طموحاته،وهناك قوى تعمل لصالح أحزابها متجاوزة لقضايا المواطنين ومطالبهم الأساسية في الحُرية والسلام والعدالة والتنمية.
وأكد الخليفة أن إتفاقية السلام حققت مكاسب عديدة أقلقت الكثير خاصة وأن الإتفاقية حققت مكاسب كبيرة كالفدرالية والمشاركة في ادارةغ الدولة والخدمة المدنية والامتيازات الخاصة في الجامعات بالنسبة لأبناء إقليم دارفور والقضايا المتعلقة باعمار دارفور التي تم وضع مبالغ معينة خصصت للتنمية والاعمار،وكذلك المبالغ التي لإجراء معالجات في القضايا الأساسية في ملف الحواكير والأراضي .
وأشار أن الإتفاقية أتت في إطار ثورة شعبية اطاحت بنظام الابادة الجماعية،وحط والسلام كان واحد من شعاراتها ومعالجتنا لقضايا الحرب والسلام تتم عن طريق شراكتنا في أجهزة الحكم لتنفيذ الإتفاقية.
أراء الخٌبراء
خبراء قانونيين رأؤ أن التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية وتضمين إتفاق السلام وذلك بإضافة وتعديل بنود رئيسية في الإتفاق،غير قانونية وتمثل إنتهاك للوثيقة الدستورية،ويرى الخبير القانوني محمد عثمان الماحي في تعليق لـ”صوت الهامش” أن التعديلات التي أجريت على الوثيقة وإدخال إتفاق السلام فيها تعديلات باطلة وغير قانونية،لجهة أن الجهة الوحيدة المسموح لها بإجراء تلك التعديلات هو المجلس التشريعي الإنتقالي الذي لم يُشكل حتى الان .
وأضاف بقوله”التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية عن طريق إجتماع مشترك بين مجلس الوزراء والمجلس التشريعي تعديلات غير قانونية بناءً على أن المجلسين بنص الوثيقة الدستورية أعطيا حق التشريع في الوثيقة وليس تعديلها بإعتبار أن التعديل على الوثيقة هي سلطة المجلس التشريعي الإنتقالي الذي مازال غائباً”،وإنتقد عثمان البند الذي أشار إلي سيادة أحكام إتفاق جوبا على الوثيقة الدستورية في حال تناقض إتفاق السلام مع الوثيقة الدستورية .
وقال أن الوثيقة هي الدستور الإنتقالي الذي يحكم السُودان ولايمكن أن يسود عليه أي شئ،لافتاً أن تلك ثغرة قانونية تفاغلتها الأطراف المختلفة بغية إرضاء الحركات المُسلحة.
عيوب جوهرية
عدم قانونية تعديل الوثيقة الدستورية وتضمين إتفاق السلام إتفق معها المٌحامي عبدالعظيم حسن الذي قال أن الوثيقة الدستورية للفترة الإنتقالية منحت على سبيل الاستثناء مجلسي السيادة والوزراء ممارسة دور المجلس التشريعي الانتقالي لحين قيامه،وأكد أن سُلطة التشريع الناشئة إستثناءً لا تمتد لغيرها من حالات لم تستثن بنص خاص وصريح .
وأوضح أن الوثيقة نصت على”لايجوز تعديل او إلغاء هذه الوثيقة الدستورية،الا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الإنتقالي”وأضاف فإذا كان المجلس التشريعي وحتى في حال إنعقاده لايملك حق تعديل الوثيقة الا بثلثي الأعضاء فقياس الأولى لا يبيح التعديل على وجه يخالف ما رسم له المشرح بنص صريح لايقبل الفقه الدستوري تجاوزه الا بواسطة صلاحيات .
ورأي أن إتفاقية الوثيقة الدستورية نصت على تضمين إتفاقيات السلام لتكون جزء من الوثيقة الدستورية وأكد أن هذا التضمين لايعتبر إستثناء لاغراض تعديل الوثيقة سيما في الأحوال التي يكون بنصوص إتفاق السلام تعارض ونبود الوثيقة الدستورية،وذاد بقوله”هذا التدبير ليس مُعيب فحسب وإنما غير دستوري لكون الأتفاقيات الجماعية أو الثنائية لا يملك مفاوضيها تجاوز الدستور القائم وقت إبرام الإتفاق”.
إتهامات باطلة
الإتهامات التي وجهت للحركات المُسلحة وأطراف الحكومة الإنتقالية بشأن إرتكابهم لأخطاء قانونية ودستورية قضت بتعديل الوثيقة الدستورية،وإدخال إتفاق السلام بدأت غير مقبولة لدى الناطق الرسمي بإسم وفد الجبهة الثورية العائد للخُرطوم إبراهيم موسى زريبة الذي قال لـ”صوت الهامش” بأن هناك قوى معادية للسلام تعمل جاهدة ليل نهار لوضع العراقيل والمتاريس في طريق العملية السلمية وإطلاق الشائعات والتكهنات السالبة لتجريم قوى الكفاح المسلح التي حملت قضية الشعب وناضلت من أجلها وقدمت في سبيل ذلك أرتال من الشهداء .
وأشار أن الغرض من وراء تلك الإتهامات هي أن هناك جهات تريد الإنفراد بالساحة السياسية وإقصاء المنافسين،موضحاً أن السلام أصبح أمر واقع،ولا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال،وأن أي أصوات ناقدة تعد أصوات رافضة للسلام والإستقرار وإنهاء الحرب في مناطق ظلت تعاني منذ إستقلال السُودان .
ولفت أن مجلسي السيادة والوزراء أجريا عدة تعديلات على الوثيقة الدستورية كما أنهم أجازوا العديد من القانونين بعضها قوانين عليها خلاف لماذا لم يتم الإعتراض في ذلك الوقت؟ ونوه أن ما يجري الان هو حملة منظمة تعادي السلام ويجب تفويت الفرصة على ما أسماهم بأعداء السلام.
تخوفات قانونية
قيادى في قوى إعلان الحُرية وجه إنتقادات لاذعة للأطراف الرافضة لتضمين إتفاق السلام في الوثيقة الدستورية،وقال في حديثه لـ”صوت الهامش” مفضلاً حجب إسمه أن أحزاب الشيوعي والبعث تعمل جاهدة لتعطيل إتفاق السلام خشية من تأثير قوى السلام على المشهد السياسي،وتشكيل حاضنة سياسية جديدة تقودها الحركات المسلحة التي سترمي بثقلها في الخرطوم غضون الأيام القليلة المقبلة .
وأكد أن الوثيقة الدستورية تم تعديلها أكثر من مرة بواسطة مجلسي السيادة والوزراء لماذا لم تعترض تلك الأحزاب؟ وأشار أن كل القوى السياسية التي تُطالب بعدم تعديل الوثيقة وإدخال إتفاق السلام قبل تشكيل المجلس التشريعي هي قوى معادية للسلام وتعمل من أجل تحقيق مصالحها السياسية التي ستتعطل ببدء تنفيذ إتفاق السلام.