بقلم عثمان نواى
بالأمس كان التدشين الحاشد لترجمات ابكر آدم اسماعيل لطيف واسع من الكتابات عن موضوع البان آفريكانيزم او كما يحلو له ترجمتها ” بالمركزية الافريقية”. وكما ذكر دكتور ابكر فى التدشين ان الهدف الرئيس من هذه الترجمة هو تمهيد الأرضية وصناعة الوعى حول موضوع البان آفريكانيزم حتى يتثنى للسودانيين المهتمين بقضايا البناء الوطنى والهوية وجدل الاخر والذات، حتى يتثنى لكل الباحثين عن إجابات تبدو معلقة فى الهواء، لكل هؤلاء وغيرهم ،ان تتاح لهم فرصة للنظر من نافذة فكر لم يجد مساحات واسعة للنقاش فى اطار المنظومة الفكرية الاجتماعية والسياسية والتاريخية فى السودان.
وقد قام ابكر عبر هذه الترجمة بدور المثقف الملتزم تجاه قضايا بناء الوعى قبل التنافس على عملية ابداء الاراء وطرح النظريات دون ان تكون هناك بيئات مستعدة للنقاش الواعى حولها ونقدها وتفكيكها وربما هدمها فى النهاية. لقد قالها ابكر بشكل بسيط ولكنه ينم عن رغبة حقيقية فى تمكين ديمقراطية المعرفة ، حيث قال انه ترجم فقط ولم يبدى رأيه حتى الآن فى الموضوع بانتظار تمدد وعى كافى قبل ان ينشر رؤاه الشخصية للنقاش، بحيث لا يكون الطرح الفكرى حصرى على صاحب الفكرة الملم بها، بل ان يكون هناك قدر كبير من المعرفة لدى عامة الناس حتى يكون النقاش حول الأفكار غير حصرى على النخبة التى تقرأ الانجليزية فقط على سبيل المثال. وللأسف ان هذه الاحتكارية للفكر والمعرفة فى السودان هى قد تكون إحدى اهم أسباب فشل بناء الدولة التى لم يتمكن ابدا مواطنيها من الادلاء بدلوهم فى الاراء التى بنيت عليها الدولة السودانية، وجعلتها النخب التاريخية فريضة عين دون اى نقاش مع مكونات الشعب السوداني المتنوعة حولها. وعلى هذا النسق من الانفتاح والرهان على بناء الوعى اولا، فإن ثورة فكرية تتخلق فى السودان ،ليس فقط فى اتجاه الجدل حول افريقانية السودان ام عربيته، ولكن الأهم حول فتح أبواب النقاش المعرفى الفكرى بشكل ديمقراطي يتيح المعرفة اولا للجميع وبالتالى يفتح الحوار بشكل يمكن لكل السودانيين المشاركة في صناعة خيارات بناء دولة المستقبل. شكرا للدكتور ابكر على خطواته الثابتة من أجل إتاحة المعرفة لادارة نقاش جاد بين كل السودانيين حول ما يريدون ان يكون عليه وطنهم.
nawayosman@gmail.com