مبارك جابر
النساء هن اكثر شرائح المجتمع تضحية وتأثرا بالحروب والنزاعات فمنهن الثكلى التى فقدت ابنها والارملة التي فقدت زوجها واليتيمة التى فقدت اباها والمكلومة التى فقدت اخاها كل ذلك وضح جليا عندما تحرك مؤشر الموت فى اقليم النيل الازرق برا بواسطة جحافل ومليشيات المؤتمر الوطني، وجوا بواسطة سلاح الجو متمثلا فى القصف عبر الانتينوف والسوخوي والقانشيب مما سبب حالة من الخوف والهلع وسط هذه الفئة التى عانت منذ الحرب الاولى التى دارت فى هذا الاقليم ونتجت عنها بعض الفظائع والمأسي وخلفت الكثير من الاثار النفسية والجسدية وظلت محفورة فى وجدان الذين عاصروا تلك الحرب ومنقوشة ومترسخة فى ذاكرتهم، وبعد ان ظن البعض ان الحرب قد وضعت اوزارها وعاش الجميع فى سلام وامن واستقرار ابت غريزة هؤلاء القتلة الملتحين تجار الدين ونفوسهم النتنه التى تكره كل ماهو جميل وتتوق الى تعكير صفو الاخرين الا ان يعكروا هذه الحالة ويستبدلونها بحالة اللاسلم، وارتكاب الفظائع والانتهاكات والجرائم فى حق النساء البريئات فى صلف وغرور وانعدام الضمير الانساني الذي مات وشيع الى مثواه الاخير غير ماسوف عليه، وقد فتحت الحرب صفحة جديدة وفصل من فصول الخراب والدمار ونفاج للتشرد والنزوح واللجؤ واطلقت مأساة نتج عنها فرار الالاف من السكان فى عمليه تهجير قسرى بسبب هذه الحمله المنظمة وعملية القتل الممنهج، فاتخذ هؤلاء السكان من الخيران والغابات سكناً مشاركة مع الضواري والوحوش والزواحف، ومن المغارات والكهوف ملاذا امنا لعلها تقيهم ظلم بنى جلدتهم الذين تنكروا للشراكة الانسانية واختاروا الاقصاء وظلم ذو القربى طريقا، والقتل منهجا، ان المؤتمر الوطني وباشعاله فتيل الحرب هذه اراد ارسال رسالة الى سكان الاقليم مفادها، (معانا ولا مع الحركة الشعبية) والحقيقة التى تبدو واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء ان هؤلاء الغلابة لم يختاروا نصيبهم فى عملية التوطين انما هي نتيجه للظروف الجغرافيه التى اوقعتهم فى هذا الحيز الجغرافي، فهذه الانتهاكات لم يتم رصدها والتوثيق لها كما ينبغى نسبة الى مصطلح العار الذى يلحق بالاسرة والتكتم الشديد من قبل الضحايا والمسكوت عنه، اضافة الى منع السلطات الامنية فى مناطق سيطرة النظام المنظمات الحقوقية والناشطين من الوصول والتحدث الى هؤلاء الضحايا من النساء ولكن هناك من كسر هذه القاعده ووثق لهذه الماساة الانسانية توثيقا نحسبه جيدا ومفيدا يعكس الصورة الحقيقية لما يحدث بعد ان ازاح جبل الجليد عن هذه الجريمة البشعة وهوكتاب حكاية واصوات ضحايا الحرب بالنيل الازرق للكاتبة الاستاذه اشراقة احمد خميس بالتعاون مع منظمة الديمقراطية اولا، فقد التقت الكاتبة بنفر من ضحايا الحرب من النساء فى معسكرات اللجؤ والنزوح فادلين ببعض الافادات والمعاناة التى وجدنها وهن فى طريقهن من مناطق النزاع الى معسكرات اللجؤ والنزوح، ان هذه الجريمة يمكن ان تجرم هذا النظام وترتقى الى مستوى جرائم الحرب او الجرائم ضد الانسانيه او الابادة الجماعية، ومن خلال الروايات المريرة التى سردنها اؤلئك النسوة اعتقد انها قليل من كثير، كما ان الانتهاكات الجسيمة التى ارتكبها نظام الخرطوم الذي ظل يفلت من العقاب على الدوام وسط تراخى من المجتمع الدولي وهى ذات الاستراتيجيه التى استخدمت فى اقليم درفور وجنوب السودان سابقا ولقد تسبب هذا التراخى وعدم المبالاة فى تطبيق العداله الانتقالية بعد عملية المصالحات الوطنية الى زياده الغرور وفتح شهية نظام الخرطوم لمزيد من القتل وسفك الدماء والتنكيل بالابرياء مماحدى برئيسهم الفاسد ان يتوعد ويهدد بانه لايريد اسير او جريح كما انه لايريد عبء اداري، من كل ماسبق اود القول بان الكارثه المفتعلة والتى تم طبخها داخل اروقة النظام فى الخرطوم تكشف عن عقلية اقصائية عنصرية تهدف الى زرع الشك والخوف فى نفوس اؤلئك النسوة وهن يدفعن هذا الثمن الغالي دون ذنب ارتكبنه، واعادة رسم خارطة المنطقة حسب زعمهم، ولكن مهما ليل الظلم طال فلابد من بزوغ الفجر الجديد… ونحن فى النضال شركاء نرنو لشمس الحرية نحمل الثورة مشاعل وننبذ الشتات والقبلية والمساواة شعارا يجمعنا، والايمان بوحدة القضية.