عبدالعزيز محمد
عند ان اندلاع الثورة في دارفور 2003م فرضت حكومة المؤتمر الوطني الحلول العسكرية من اجل اخماد نار الثورة استناداً لعدم قناعتها بالمطالب المشروعة والعادلة لابناء الاقليم الذين اشمئزوا من سياسات النخب السياسية التي اعتلت الحكم في السودان والنظام الحالي علي وجه الخصوص نسبة ً للمظالم التاريخية علي الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني فضلاً عن افقار كامل وشامل لمقومات الحياة الاساسية اضافة لاشعال الحروب القبلية عبر تسليح القبائل العربية لقتل القبائل ذات الاصول الزنجية ونهب ممتلكاتهم في حين ان دارفور تعد المورد الرئيسي لاقتصاد البلاد حيث تذخر بالعديد من الثروات الزراعية والحيوانية والمعدنية التي تدخر الخزينة العامة باموال طائلة دون ان تعود لانسان الاقليم باي عائد تنموي او خدمي طيلة استقلال الوطن من المستعمر الاجنبي بعد ان خلفه الاستعمار الوطني الذي نسعي جاهدين من اقتلاع جذوره تلك المارسات بلغت ذروته في عهد نظام المؤتمر الوطني بعد ان استكملت حلقاتها باغتيالات رموز دارفور ومضايقتهم امنياً لاجبارهم لاختيار الهجرة خارج حدود الوطن و فراراً من جهيم الانقاذ الامر الذي دفع اهل الاقليم لحمل السلاح بعد فشلت كل المساعي السلمية من هؤلاء الطخمة الحاكمة ورد النظام بحملات انتقامية مدعومة بالقصف الجوي والاسلحة الثقيلة وملشت القبائل العربية بمدها بالسلاح لقتال القبائل الزنجية تحت مسمي انشاء دولة قريش التي تتطلب ابادة العرق الزنجي حسب رؤاها لتقبع المنطقة تحت سيطرة القبائل العربية مما ادي لارتكاب ابشع انوا ع الجرائم البشعة المهينة للكرامة الانسانية بما فيها الابادة الجماعية التي هزت الضمير العالمي اجمع وصاحبتها حملات تنديد واستنكار واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي باستثاء العالم العربي والاسلامي واللذان لزما الصمت ازاء ذلك الامر الذي يفسر رضاءها عن الحدث لان السكوت في معرض الحاجة الي بيان بيان بعد ان حست نظام الخرطوم بتعريتها وانكشاف جرائمها سعت حثيثاً لاخفاء ومحو اثار تلك الجرائم وازالة ادلتها الدامغة من اجل دفن القضية برمتها تحت الرمال فابتكرت ازاء ذلك سياسة خلق انشقاقات وسط الثوار علي اساس عنصري او جهوي بغية اضعاف الثوار عسكرياً وجماهيرياً الا انها لم تجديها نفعاً .الا ان الحسنة الوحيدة التي جنتها من تلك المخطط تتمثل في اطالة امد النزاع وبقائها علي كرسي السلطة لممارسة عقيدتها في اراقة الدماء , و عدم النجاعة في تلك الخطة جعلتها تلتفت الي الي معسكرات النازحين لمحاولة تفريقهم بذرع التهم الكاذبة بتواجد اسلحة داخل المعسكرات من اجل ايجاد وسيلة للاختراق داخل المخيمات بل حاصرت المعسكرات بالمليشيات التي تجرعت بنهب ممتلكات النازحين والاعتداء عليهم بدنياً وقتلهم من اجل فرض واقع امني غير مستقر تستهدف ارجاع النازحين الي قراهم قسراً ليواجهوا خطر الموت الحتمي فكان وعي النازحين بقضيتهم هي التي قادتهم للصمود رغم حوادث الموت والاغتصاب اليومي اضافة الي ما شاهدوه من حرق لقراهم وضحايا الابادة الذين سقطوا بسلاح النظام كان ابشع وافظع مما افتقدوا الثقة تماماً من نظام الخرطوم اذ لا توجد حكومة في هذا الزمان تفتعل بمواطنيها مثل ما اقترفتها نظام الخرطوم بحق شعبها في دارفور تلك الجأت النظام الي دخ مليارات الجنيهات من اجل القضاء علي القضية عبر استجلاب مبعوثين دوليين بالتخابر مع دول الجوار الاقليمي وبأت بالفشل في نهاية المطاف خاصة في ظل العزلة الدولية التي اجتاحت النظام ازاء الفظائع التي ارتكبتها .
و لم يتبقي لنظام الخرطوم سوي طلاب دارفور الذين لم ييأسسوا في انتقاد الحكومة في المنابر وساحات النشاط الجامعي ولم تزول القضية من خواطرهم بل تفاجأ النظام بصيحة واستنارة فائقة لهؤلاء الطلاب ولم تكن في حسبانهم البتة , وعلي وجه الخصوص طلاب الجبهة الشعبية المتحدة ذات القواعد المنتشرة في معظم الجامعات السودانية والصيت الواسع بل ان اقوي ما يمتلكونه يتمثل في ارادتهم الراسخة وايمانهم القوي بقضية اهلهم لاسيما غالبية العظمي منهم كانوا شهوداً علي وقائع القتل الجماعي والتطهير العرقي الذي مورس ضد اهلهم ومنهم من فقد اهله او احرقت قريته او ان افراد اسرته بقبعون في معسكرات النزوح هذه الوضعية ساعدت ملياً في استنارت عقولهم وبصرت عيونهم وفاقت اذهانهم ما ادي لتشبعهم بالوعي السياسي العميق كانت له القدح المعلي لاستيعاب وفهم و تحليل اس الازمة السودانية بدقة وتأني و ماهية المخرج الاجدي والافضل وذلك بوضع الحلول الجذرية الناجعة التي تنشل الوطن من قاع الظلم الاجتماعي الثقافي والحروب المستعرة والابادة رغم وفرة الموارد الطبيعية والبشرية وكنوز الارض التي تحتضنها البلاد ,كل تلك العوامل قادت الطلاب الي الاصتطاف نحو راية الحرية – العدل- السلام – الديمقراطية كثوابت ومرتكزات اساسية لبناء وطن ليبرالي علماني هذا ما دعي نظام الخرطوم لاعلان الحرب علي طلاب دارفور باستخدامهم كهدف عسكري بعد ان فشلت معها سياسات الفصل العنصري وذلك عن طريق تسليح طلاب المؤتمر الوطني بتنفيذ اغتيالات لطلاب دارفور مع تبادل الادوار مع الاجهزة الامنية التي تقوم دورها الرئيسي في الاعتقالات وتوزيع الاسلحة لمرتزقة طلاب المؤنمر الوطني وعلي غرار ذلك . سقط عشرات الشهداء من حملة راية العلم والمعرفة كانت اخرها ولن تكون الاخيرة تمثلت باستشهاد الطالبان جعفر محمد ( جيفارا ) في يوم عرفة وتبعه رفيقه الطالب / اشرف الهادي الدومة في اول ايام عيد الاضجي المجيد متاثراً بالاصابات الجسيمة التي تعرض لها مع سلفه واخرين من رفاقه حيث تم استهدافهم من اجل انتزاع كسر شوكة الثوار وانتزاع ارادتهم القوية وايمانيتهم المترسخة بقضية اهلهم رغم معانتهم في حرمانهم من حقوق المواطنة والتمييز العنصري الممارس ضدهم لا سيما حملات الفصل من الجامعات تعسفياً والاعتقالات الغير مبررة اِلا ان كل تلك الظروف القاهرة اسهمت في تقوية ارادة الطلاب واستقوت شكيمتهم لمواصلة النضال ومواجهة النظام باقامة تابين للشهداء مستصحبة حملة احتجاجات عارمة جابت شوارع الخرطوم وفي اياديهم ترفرف علم الحرية وصور الشهداء في تحدي لاجهزة امن النظام حيث انطلقت المسيرة من داخل مقر حزب البعث الاصل ومن ثم بدأ الطواف بهدير مدوي اذعر افئدة النظام وبصوت عالٍ تجاوب معها جماهير شعبنا المتعطش للحرية والكل يهتف كزئير الاسد مقتل طالب مقتل امة مقتل طالب يعني الثورة –جيش واحد شعب واحد خلف القائد عبدالواحد- حرية سلام وعدالة –ثورة ثورة حتي النصر لم نتراجع حتي النصر في ملحمة وطنية كان رسمها طلاب الجبهة الشعبية المتحدة الذين ظلوا يطالبون باسترداد حرية الوطن بتجريده من ايدي القتلي الذين جسموا علي صدور الشعب السوداني بما يزيد عن 27 عاماً
الملحمة الطلابية اعادت اذهاننا لذكريات ثورة اكتوبر ونضالات اللواء الابيض ابان مقاومتهم للمستعمر الاجنبي
اذن النصر قادم للشعب السوداني لامحالة سيذهب الطغاة الي مزبلة التاريخ عاجلاً ام اجلاً