الحلقات المتتابعة لبرنامج بيوت الأشباح خير برهان على خطل نظرية الترابيين المتخذة من الدين الاسلامي شعاراً، وجود شهود عصر على حقبة البؤس الاسلاموي هو المحمدة الوحيدة لتوثيق جرم العصبة المتجبرة، وبيّنة دامغة على بعد هؤلاء الترابيين عن جادة طريق الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فليشاهد الجيل الحاضر دجل الدجالين وخرص الخراصين المتمسحين بقيم المنهاج القويم، من يسمع سرد ضحايا غرف الموت وزنزانات الاغتصاب وقصصهم حول ما لاقوه من آلام التعذيب، يوقن بأن الجماعة الباغية قد فعلت ما هو أسوأ من الكفر البواح، فالكفر يتعلق بعنق ورقبة صاحبه ولا يتعداها لآخر مثل القبح والتشويه والاساءة التي الحقها اخوة الحسنين (الترابي والبنا) بدين الاسلام وبالمسلمين، ما جناه المتأسلمون على الدين يفوق جرائم امرأتي نوح ولوط وامرأة العزيز واخوة يوسف، لأن نتيجة افعالهم كانت تفشي الرذيلة وخروج المراهقين عن الدين زرافات ووحدانا بشكل غير مسبوق، وحدوث الانفجار العظيم للانحراف الاخلاقي في عهد الترابيين بدأ بانشاء الوظيفة المثيرة للانتقام التي كشفت عنها لجنة الازالة، والتي كانت بجهاز أمن الاسلامويين ومسماها (مغتصب)، بربكم أي دولة للأسلام قد قننت لانتهاك الأعراض مثلما فعلت الدويلة الرسالية المزعومة؟.
عند المقارنة بين اعدام ضباط حركة يوليو في عهد مايو ودفن ضباط حركة الخلاص الوطني وهم جرحى يتنفسون في العهد البائد، نجد أن الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري (شارب الويسكي) وبرغم عدم شرعية اعدامه لرفاقه، الا أنه كان أكثر رحمة من هؤلاء القارئين للمصحف الذين دفنوا ضحاياهم وهم أحياء يئنون ويطلبون النجدة من جلاديهم، لا لينقذوهم من حفرة السوء التي رموهم فيها وإنما ليجهزوا عليهم بدلاً من أن يطمرهم التراب وهم أحياء، بعكس العملية المهنية للرمي بالرصاص المنفذة بحق ضباط حركة يوليو، فالرعديد هو الذي تضطّرب يداه عند الامساك بالزناد لذلك يخفق في التصويب، والجبان هو من يطلق الرصاص من وراء حجاب أومن داخل خدور النساء، الذين استعانوا بسائق (القريدل) لمواراة زملاء المهنة الثرى وهم بين الحياة والموت ليسوا بأهل للدين ولا للرجولة، ولو كانوا كذلك لما استنجد كبيرهم بفلاديمير بوتين على مرأى ومسمع العالم دون ان يرتعش له طرف، القتل خارج نطاق القانون تفشت ظاهرته في الحقبة المظلمة من حكم المتسربيلن برداء الاسلام، وخبث الوسيلة كان هو الديدن والمسلك والتخفي كانسيد الموقف.
حسن الترابي في برنامج (شاهد على العصر) بدا ذابل الوجه شاحب المحيا بائس الحال، نادم ومتحسر على انقلابه المشؤوم على الحكم الشرعي وناقم على تلامذته القتلة المجرمين السارقين، أقر بفشل تجربته وأدان كل الأفعال الخبيثة الماكرة التي ترك لها الحبل على الغارب، فطفق تلامذته ينهبون الأموال ويقتلون النفس ويستحيون النساء والرجال باسم الدين الحنيف، لقد جاء ندمه بعد فوات الأوان حين تعمّق جذر الشجرة الخبيثة في أرض السودان فثبت اصلها وتمددت فروعها لتغطي البلاد ظلماً وظلاً شحيحاً لا ظليل ولا يغني من لهب تعذيب بيوت الأشباح، شيخ هرم يوضع داخل دورة مياه متسخة ليوم كامل وعندما يرق قلب احد صبية كفار قريش ليمنحه صحن أرز، يدخل عليه (اللمبي) بالحذاء وعقب البندقية ليكسر الباب ويركل الصحن، مشهد لا يليق بأبي لهب ولا أبي جهل ولا هند آكلة كبد حمزة ناهيك عن عبد يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، لقد حُق للراحل الرجل الصالح الطيب أن يتساءل حين قال (من أين اتى هؤلاء؟)، هل كان سيؤلف روايته الأخيرة التي لم يقرأها الأولون ولا الآخرون إن أمد الله في أيامه وسمع شهادة شهود بيوت الأشباح؟.
الاسلام دين السلام والأمن والاطمئنان والرحمة والايمان، وليس بيتاً تسكنه أشباح الموت التي يقتل فيها الانسان وتداس كرامته وفي داخلها يذل ويهان، مع توالي حلقات هذا البرنامج المثير لمشاعر الحزن والاكتئاب يكون التلفزيون قد ساهم في توعية الاجيال المعاصرة، بما فعله الأشرار بالقيم والتقاليد السمحة لهذا الشعب الجميل، فالمثل الحكيم يؤكد على أن الذي يعاصر حياة أبيه بالضرورة أن يعلم بما قاله جده، فالحقيقة التي ظهرت وبانت هي أن الترابيين لا علاقة تربطهم بدين الاسلام، وهذه الحقيقة هي واحدة من الدروس المستفادة من تداعيات هذه الحوارات المعقودة مع هؤلاء الابطال الذين تذوقوا مرارات التعذيب والهبت ظهورهم سياط جلّاد مأمور بأذن وأوامر (خليفة المسلمين)، وحتى لا ينجر المراهقون الأغرار من ابناءنا خلف الشعارات المنافقة لبقايا الترابيين الداعين للأفطارات الرمضانية الضرار، والحاشدين للفعاليات الدينية المغرضة والمحرّضة على فتق نسيج المجتمع، يجب على القنوات الفضائية بث مزيد من البرامج الكاشفة والفاضحة لعمل هذه الجماعة غير الصالحة التي أساءت للأسلام والمسلمين.
اسماعيل عبد الله
10 مايو 2021