لندن _ صوت الهامش
تساءل مارتن بلوت، باحث معهد كومنولث للدراسات بجامعة لندن، عما إذا كان باستطاعة أول رئيس وزراء أورومي أن يُبعد إثيوبيا عن حافة هاوية الحرب الاهلية.
ونوّه بلوت -في مقال نشرته مجلة (نيوستيسمان)- عن أن (ابي أحمد)، وصل إلى السلطة في أعقاب موجة من التوتر الشديد والعنف استمرت شهورا تاركة البلاد على حافة هاوية حرب أهلية. وكانت تظاهرات مناهضة للحكومة قد بدأت عام 2015 احتجاجا على ملكية أراضٍ قد تطورت إلى تظاهرات حاشدة احتجاجا على أوضاع سياسية وحقوق إنسان. وردت الحكومة من جانبها بعنف سقط جراءه مئات القتلى فيما تم اعتقال الكثيرين، حتى أعلنت الدولة الشهر الماضي حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر.
وفي منتصف فبراير، أعلن رئيس الوزراء هيلي مريام ديسالين استقالته، وظلت البلاد لأسابيع بلا قائد.. والآن، وفي إعلان موجز، قال تليفزيون الدولة إن ائتلاف إثيوبيا الحاكم قد انتخب ابي أحمد رئيسَ وزراءٍ جديدًا للبلاد.
لكن أحمد، بحسب الباحث، يبدو غريبا بعض الشيء؛ فهو من عرقية الأورومو التي لم تتقلد أية سلطة على الإطلاق في تاريخ إثيوبيا المعاصر، رغم كونها أكبر مجموعة عرقية في البلاد ورغم أنها تمثل نسبة 34 بالمئة من تعداد السكان.
ونوه الباحث عن أن شعب الأورومو الذي يستوطن وسط وجنوب إثيوبيا كان قد تم ضمّه بالقوة إلى الامبراطورية إبان حكم “منليك الثاني” في الفترة بين عامي 1889 و1913 والذي استعان بأسلحة نارية مستوردة في شنّ اجتياح مسلح استطاع عبره توسيع رقعة امبراطوريته. وعلى الرغم من أعدادهم الكبيرة، إلا أن الأورومو كان يُشار إليهم بلفظ “الـ جالا” المُهين والذي يعني الوثنيين أو البرابرة أو حتى العبيد.
وبحسب الباحث، فإن مشاكل العرقية من المفترض أنها استُئصلت عام 1991 عندما وصل ثوار من جبهة تحرير شعب تِغراي إلى السلطة في أديس أبابا. وفي عهد الألمعيّ القاسي، ميليس زيناوي، تم تدشين نظام “فيدرالي يقوم على أساس الأعراق” جديد، حيث تم تشجيع كل مجموعة عرقية على النهوض بحكومة ذاتية محلية، مع ضمان التمثيل على الصعيد المركزي.
وتدشن بذلك نظامٌ من أحزاب عرقية ائتلفت جميعا في “الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية” التي ضمت عدد أربع حركات سياسية. لكنْ ساد اعتقادٌ قوي بأن وراء كل حزب يقف تمثيلٌ لأقلية التغراي والتي سيطرت على الائتلاف بقبضة من حديد.
لكنْ تدريجيا، تمايز كلٌ من الأحزاب الأربعة بثقافة سياسية خاصة، وبزغ نجم ابي أحمد كلاعب أساسي فيما عُرف باسم “فريق ليما (ميجيرسا)”، الذي ظل على مدى الأشهر الأخيرة ينشد تغييرًا. وقد قاوم الفريق هيمنة التغراي على الائتلاف سعيا إلى تغيير هذا الائتلاف من الداخل مع وصول شرعي للأورومو في الوقت ذاته للحكم وتلبية احتياجات محلية. ويبدو في نهاية الأمر أن هذا المسعى من جانب “فريق ليما” قد نجح.
ورصد الباحث تشكيك البعض في قدرة ابي أحمد على قيادة هذا التغيير المعقد، وعلى التدليل على تواصله بشكل جيد مع أجهزة الأمن. فيما يقترح آخرون أن خلفية أحمد الدينية المختلطة – كونه من أب مسلم وأم مسيحية- إضافة إلى تعليمه وطلاقته في اللغات الأمهرية والأورومية والتيغرينية – هي جميعا مؤهلات تجعله قادرا على إنجاز المهام المنوطة به تجاه وطنه إثيوبيا.