لندن : صوت الهامش
أكدت “جيهان هنري” – الباحثة والمديرة المشاركة لشعبة أفريقيا لدى منظمة “هيومن رايتس ووتش”- على أن الرئيس السوداني “عمر البشير” ، لا يزال مطلوبًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور ، وأعلنت خشيتها من تراكم الانتهاكات .
ومع استمرار الاحتجاجات، أعربت “هنري” في تقرير لها ، نشر في موقع المنظمة عن خشيتها من أن تتراكم الانتهاكات، في حين أن التقارير الدولية قد أفادت بإدانات للحكومة والنظام السوداني من مختلف البلدان والجماعات بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج وكندا، والأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان، حيث أصبح الأمر أكثر وضوحًا، ولا تكفي فيه الكلمات.
وفي سياق متصل، حاصرت قوات الأمن السودانية الخميس الماضي عددًا من أحياء العاصمة السودانية “الخرطوم” كما داهمت عددًا من المنازل بهدف إلقاء القبض على المتظاهرين المختبئين فيها.
وكشف التقرير الصادر عن “جيهان هنري” عن مقاطع فيديو تناولها نشطاء سوادانيون عبر مواقع التواصل الإجتماعي، تظهر قوات الأمن السودانية وهي تداهم أحد البيوت، وتضرب بشدة المتظاهرين والسكان بالعصي وبأعقاب البنادق ويطلقون النار على عدد منهم، حيث توفي ثلاثة من المدنيين نتيجة لذلك، كان من بينهم الطبيب “بابكر عبد الحميد” البالغ من العمر 25 عاما، حيث أظهر مقطع مصور للضابط الذي أطلق النار عليه من مسافة قريبة وهو يوجه له الحديث قائلًا: “أنت طبيب؟ نحن نبحث عنك”.
وأفادت “هنري” في تقريرها الذي اطلعت عليه “صوت الهامش” ، بأن مقتل “بابكر” أصبح رمزاً لاستخفاف قوات الأمن بالمستشفيات والعاملين في المجال الطبي، خاصة بعد إعلانهم عن أنهم سيعاملون المحتجين الجرحى دون اهتمام بأوامر الأمن منذ أن بدأت الاحتجاجات في منتصف شهر ديسمبر.
وأشارت أن تلك الاحتجاجات أدت لمقتل العشرات من المتظاهرين – من المحتمل أن يكونوا أكثر من 40 شخص وفق تقدير النشطاء في الشهر الماضي – كما احتجزت السلطات المئات، بمن فيهم الأطباء والمسعفون.
وقد ألقى الرئيس “عمر البشير” في أثناء تجمع حاشد في ولاية النيل الأبيض في الـ 20 من الشهر الحالي باللوم على “المتسللين” في قضية مقتل الدكتور “بابكر”، وهو ما تعتبره “هنري” في تقريرها أنه “خط مألوف الآن”.
وفي السياق ذاته، فقد اقتحمت قوات الأمن مجمعات المستشفيات خلال احتجاجات في الـ 9 من يناير الحالي في “أم درمان”، وأطلقت الرصاص والغاز المسيل للدموع، ومنعت العاملين في المجال الطبي من علاج الجرحى.
ويتكهن التقرير بأن المتظاهرين وقوات الحكومة سيستمران في المواجهة إلى أجل غير مسمى، حيث لا تبدوا أي أمارات استعداد للتوقف، وبدلاً من إدانة الانتهاكات، فإن قادة السودان قد تغاضوا علناً عن العنف وسعوا إلى تبرير تصرفات قوات الأمن، كما واصلت السلطات فرض الرقابة على الصحف التي تغطي الاحتجاجات ومصادرتها.
وذكر التقرير في سطوره بالظهور العلني النادر لنائب الرئيس السابق “علي عثمان طه ” في الـ 8 من يناير، حذر فيه معارضي الحكومة من أن “ألوية” الميليشيات ستدافع عن البلاد – وهو ما يستدعي العودة بالذاكرة لعام 2013 والذي لقي فيه أكثر من 170 متظاهرًا حتفهم خلال المظاهرات-.
وتجدر الإشارة إلى أنه في بداية الاحتجاجات، قام عناصر “الأمن الوطني” بجمع عشرات من الطلاب الدارفوريين، وإظهارهم في بث تلفزيوني مع وجود علامات واضحة على الضرب، بهدف انتزاع اعترافات قسرية منهم أمام كاميرات التلفزة، حيث لا يزال هؤلاء الطلاب رهن الاعتقال، شأنهم في ذلك شأن العشرات من أعضاء أحزاب المعارضة البارزين ونشطاء حقوقيين وصحفيين – دون السماح لهم بالاتصال بالمحامين أو الأسرة أو الأطباء- ولم يتم اتهامهم حتى الآن بأي جريمة.
وفي 21 من يناير الحالي، وفي بيان تم تسريبه، حيث يعد أول بيان له منذ بدء الاحتجاجات ، أخبر “صلاح قوش” – مدير الأمن القومي- نقابة الأطباء بالحزب الحاكم أن القوات الحكومية لم تقتل “بابكر”.
كما ألقى “قوش” باللوم في بيانه على الشيوعيين، أحد أقدم أحزاب المعارضة في السودان ، وهو ما رأى فيه المراقبون أنه حيلة موحدة تهدف لتوحيد الناخبين الإسلاميين.
في هذه الأثناء ، واصلت السلطات فرض الرقابة على الصحف التي تغطي الاحتجاجات ومصادرتها، حيث قامت خلال هذا الأسبوع فقط بإلغاء الترخيص لستة مؤسسات ومنافذ صحفية دولية، بما في ذلك قناة “الجزيرة”.