عبد المنعم سليمان
جاء في أخبار صحيفة (حريات) اليوم ، ان الأجهزة الأمنية أعتقلت يوم أمس (19) مسيحياً اعترضوا على مخطط نهب ممتلكات الكنيسة الأنجليلية بمنطقة “الخرطوم بحري” ، في إطار الحملة الحكومية المستمرة في إضطهاد المسيحيين بالبلاد .. علماً بان الإعتداء علي ممتلكات الكنيسة الإنجيلية ظل متواصلا منذ العام الماضي ، وذلك علي خلفية تدخل “وزارة الأوقاف والإرشاد” في إدارة الكنائس ! وتنصيبها مجموعة غير شرعية من الفاسدين و”الحرامية” للتصرف في ممتلكات الكنيسة بحجة الإستثمار!!
لست متفاجئاً من قيام حكومة أصولية بإستهداف غير المسلمين .. لا جديد في ذلك .. فقد سبق وأعلن المأفون رئيس النظام بمدينة القضارف نهاية العام 2010 إنتهاء عهد التسامح والتنوع الثقافي والديني في البلاد .. قائلاً بان “دستور السودان” الجديد سيكون اسلاميا بنسبة مئة في المئة .. متحدياً شعبه ، بل متحدياً رب الكون نفسه ، الذي جعل التنوع من آيات الكون : (ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم) .. ولكن ماذا نقول عن سمسار يستهزئ بالله ويبيع آياته كل صباح ومساء ؟!
بالطبع ليس المأفون وحده سبب صمت الغالبية امام حملة الإضطهاد الممنهجة والإنتهاكات التي تستهدف اخوتهم المسيحيين وممتلكاتهم ودور عبادهم .. بل هناك أسباب أخرى ، منها ان المسلمين أنفسهم ضحايا لحملة خداع طويلة يعيشونها منذ نعومة أظافرهم .. إذ يتربى “المسلم الصغير” على لعلة آلاف المآذن – المرئية والمسموعة – وهي تدعو بالهلاك على “النصارى” واليهود .. فينشاً المسكين على أكذوبة التفوق الوهمي ، ولم لا ؟ فدينه يقول له انه أفضل من المسيحي واليهودي .. اما إذا كان “المسلم الصغير” من أصحاب البشرة البيضاء فان اخوته المسلمين من أصحاب البشرة السوداء يصبحون أقل مكانة وشأناً ، وهكذا دوليك .. هكذا تُقتل الإنسانية كما حس الإدانة لدى المسلم منذ صغره فينشأ اما عنصرياً أو متواطئاً ..
لكن اللوم كل اللوم أرميه على النخبة – التي لا يوجد منها إلا قلة – فهي تتواطأ بالصمت ضد المسيحيين ، وهو صمت أشبه بصمت الشعب الألماني أمام حملة المذابح التي ارتكبتها “النازية” قديماً ضد “اليهود” .. وهو صمت لم يستطع تبريره ذلك المحامي الضليع – في فيلم محاكمة نورنبيرغ .. الفيلم الذي يحكي كيف ان المذابح لم تكن لتحدث بذلك الحجم لولا صمت الشعب الألماني وخصوصاً “نخبته” .. كذلك لم تكن لتحدث في بلادنا لولا صمت الغالبية وتواطئهم مع الكراهية الدينية .. تلك الكراهية التي لا يزال يبثها “مسجد الحي” باسم الله .. مع انني لم أسمع أو أرى – ولا مرة واحدة – ان الله قد إستجاب لدعاء الكراهية والتدمير ، بل على العكس ، فقد جعل – لحكمة يعلمها وحده – من “اسرائيل” وطناً ثانياً للمسلمين السودانيين الهاربين من اخوتهم “المسلمين” .
تضامني اللامحدود مع الاخوة المسيحيين .. وأقول لهم : قريباً سيرفرف “الصليب” مع “الهلال” في سماء الخرطوم .. ونهتف جميعاً : “هليلويا”.. “هليلويا” .