الخرطوم:صوت الهامش
تعيش الأسواق السُودانية هذه الأيام إنفلاتاً غير مسبوقاً في أسعار السلع الضرورية التي يحتاج إليها المواطن،حيث وصلت الأسعار لأرقام فلكية غير متوقعه من قبل .
حيث يشير مراقبون أن ما يجري هو إنهيار تام في منظومة الإقتصاد السوداني.
وفي الأثناء توالت أسعار الأودية المنقذه للحياة في الإرتفاع ووصلت لأرقام قياسية ، حيث كشفت جولة موسعه أجرتها (صوت الهامش) عن إرتفاع أسعار الأدوية لأكثر من (300%) في ظل ندرة في أصناف معينة منها من بينها أدوية السكري والضغط والكلي،فيما برر صيادلة الإرتفاع لغياب النقد الأجنبي وعجز بنك السودان المركزي الإيفاء بحصة الأدوية في النقد الأجنبي.
وأجاز البرلمان غضون الأيام الماضية موازنة العام (2018) والتي وصفت بأنها الموزانة الأسوءة في تاريخ السودان حيث أسماها البعض بموازنة الإفقار والتجويع لإعتمادها كلياً في الإيرادات علي الضرائب والجبايات،وخلوها من البترول والذهب رغم إعلان الحكومة من قبل عن أن إنتاجها من الذهب بلغت نحو (105) طن في العام.
وأحجم مواطنين من شراء السلعات وإكتفوا بالفرجة في ظل غياب السيولة اللازمة وعجزهم الإيفاء بمتطلبات أسرهم في ظل فقدان الجنيه السوداني لقيمته وإنهياره بصورة تامة مقابل العملات الأجنبية .
وتوالت اسعار العملات الأجنبية في الإرتفاع وبلغت أرقام قياسية حيث سجل الدولار صباح (السبت) أعلي سعر له حيث بلغ نحو (35) جنيهاً مع توقعات أن يتخطي حاجز الـ(40) جنيهاً غضون الساعات القليلة القادمة.
بدوره قال المحلل السياسي د.فيصل عوض حسن لـ(صوت الهامش) ، أن إنفلات الأسواق السودانية وانهيار الإقتصاد السوداني يعكس غياب جميع مقومات الإنتاج ، مشيرًا أن جميع موارد البلاد الإنتاجية تم بيعها لآخرين ولم تعد ملكاً للسودان .
وأضاف حسن “فجميع مشاريعنا واراضينا وثرواتنا مباعة او مرهونة ( هذا هو الواقع ) والقليل المتبقي منها يحتاج إعادة تأهيل وبناء للاهمال او التلوث وهو اصلا لا يكفي للانتاج، وغياب الانتاج يعني عدم التصدير وبالتالي نضوب موارد النقد الاجنبي التي تدعم تحسين الاقتصاد .
وخرجت مظاهرات بدايات الإسبوع الماضي في أجزاء واسعة من السودان تعاملت معها السلطات بالعنف وأجبرت المنظاهرين علي التراجع،وندد المتظاهرين بإرتفاع أسعار السلع وطالبوا بإسقاط النظام
وتعاملت الأجهزةالامنية بقسوة وإستخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي الذي حصد أحد طلاب المرحلة الثانوية في مدينة الجنينه غربي السُودان.
وينتظر أن يسير الحزب الشيوعي السوداني ولاية الخرطوم مسيرة (الثلاثاء) رفضاً وتنديداً علي الغلاء وإعلان مقاومتهم ورفضتهم لموازنة العام 2018 التي تم إقرارها مؤخراً.
وبلغ سعر جوال السكر زنة (50) كيلو في بعض مناطق الخرطوم نحو (1000) جنيه وتراوحت أسعاره في بعض المناطق من العاصمة ما بين (850-900) جنيه في ظل غياب الرقابة علي الأسواق فيما بلغ سعر جوال الدقيق نحو (550) جنيها.
وأشار حسن أن المنظور السياسي، مرتبط بالاقتصادي ، مؤكدا في الوقت ذاته “ان العصابة الحاكمة لا ترغب في البقاء وتعتزم الانسحاب والهروب بعدما دمرت البلد وتسعى الان لإحداث الفوضى بالغلاء والجوع واستفزاز الشارع وإشعاله اكثر بمليشياتها لتضمن عدم ملاحقتها لاحقا” .
ولفت إليّ أن السودان الان لا يملك اي من مقدراته وموارده، والتي ينبغي علي الشعب ادراكها والتعامل معها بواقعية ووضع الحلول بناء عليها ، وأبان قائلاً “لا امل لتحسن اقتصادنا ومعيشتنا ما لم تتغير المعطيات الماثلة” .
وتعزي المعارضة تدهور الأحوال المعيشية وانهيار اقتصاد البلاد إلى الفساد وانعدام السياسات الإنتاجية وعدم وجود رؤية إصلاحية اقتصادية عقب انفصال جنوب السودان، والذي بسببه فقد السودان نسبة 75% من احتياطيه النفطي غداة انفصال الجنوب واستقلاله في شهر يوليو عام 2011، ما حرم الشمال من عائدات تقدر قيمتها بـ مليارات الدولارات.