نيويورك: صوت الهامش
نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالا للكاتب السوداني، داوود هري، تحدث فيه عن غياب العدالة وإفلات الجناة في إقليم دارفور على نحو بات اليوم مألوفا، منوها عن عدم تغطية الجرائم ضد المدنيين في الإقليم ومن ثمّ تغيب العدالة.
وصرخ هري بتحقيق العدالة في قضية مقتل أخته (نوي) على يد أحد مسلحي ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد) في الـ 21 من أغسطس المنصرم في (مزبد) إحدى قرى شمال دارفور الذي تم تدمير الآلاف من قراه بأيدي ميليشيات النظام السوداني إبان عملية الإبادة الجماعية منذ عام 2003.
ونوه الكاتب عن أن ميليشيا الجنجويد الحكومية سيئة السمعة والتي ارتكبت فظائع ضد شعب دارفور منذ عام 2003، باتت رسميا جزءا من جهاز أمن واستخبارات النظام وبات اسمها “قوات الدعم السريع”. وفي الأشهر الأخيرة، تم تدشين قاعدة لتلك الميليشيا تمتلك نحو 150 مصفحة على مقربة من (مزبد) القرية التي تسكن بها (نوي) في شمال دارفور.
وقال هري إن سيدات من أهل القرية عثرن على جثة أخته (نوي) مضروبة بالرصاص في رأسها. كان ثمة دماء على الأرض وآثار أقدام ملطخة بتلك الدماء. تتبعت السيدات آثار الأقدام حتى انتهت عند معسكر قوات الدعم السريع. وهناك خرج لهن قائد المعسكر ورفض السماح لهن بالدخول، لكنه أخبرهن أنه أمسك بالمسلح الذي اعترف أنه قتل (نوي). ثم أمر القائد تلك السيدات بالرجوع لمنازلهن بالقرية.
وعلم أهل القرية أن القاتل هو جندي بقوات الدعم السريع، مصاب في رأسه، وأنه أزال آثار الدماء من على سلاحه وملابسه لكنه أخذ حذاء الضحية (نوي). وقد خرج من المعسكر حاملا بندقيته وعندما رأى (نوي) تتبّعها لساعات. وفي مكان بعيد، هاجمها. حاول أن يغتصبها، لكنها قاومت وأصابت رأسه قبل أن يطلق الرصاص عليها ويرديها قتيلة.
وكان أن استنجد أهل قرية الضحية بالقرى المجاورة. وفي اليوم التالي تجمع مئات القرويين من المنطقة وحثوا خطاهم إلى المعسكر للمطالبة بالعدالة لـ (نوي).
وهنا يقول الكاتب، هاري، أخو الضحية (نوي) ، إنه لمن غير المعتاد في مثل تلك الحالات أن يتم العثور على القاتل، فضلا عن اعتقاله.
ونوه الكاتب عن زيارة قام بها مسئولان حكوميان إلى قرية الضحية، محذرين أهالي القرية من مغبة الحديث للإعلام عن القضية.
وقال هري: “نحن، عائلة الضحية (نوي)، لسنا مندهشين من اتخاذ الحكومة خطوات لإخفاء جرائمها. إننا نخشى ألا يمثل القاتل أمام العدالة”.
وصرخ الكاتب قائلا إنه “مما لا يصدق أن قوات الدعم السريع هذه التي هاجمت القرى في دارفور والضالعة في عمليات قتل واغتصاب – تتلقى أموالا من الاتحاد الأوروبي للمساعدة في وقف تدفق اللاجئين المتجهين صوب أوروبا”.
وبحسب دراسة أجريت في وقت سابق من العام الجاري، فإن الاتحاد الأوروبي يمول الجهود السودانية لإعاقة سيّال الهجرة بنحو 215 مليون يورو.
وأكد صاحب المقال: “أستطيع أن أشهد بأن ميليشيا الجنجويد هذه التي أعيد تسميتها لتصبح قوات الدعم السريع، ليست مصدرا للاستقرار، وإنما هي مصدر للقتل والدمار. إنه لمن العار أن تحصل تلك الميليشيا على تمويل من الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف هري: “إنني أسرد قصة (نوي) على أمل أن يؤدي الإعلام عن مقتلها إلى المساعدة في مثول قاتلها أمام العدالة. وعلى أمل أيضا بأن يرى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الوجه الحقيقي لقوات الدعم السريع وحكومة الخرطوم قبل البتّ في قرار رفع العقوبات عنها والمزمع الشهر المقبل”.
واختتم الكاتب قائلا: “إنني أحلم باليوم الذي يزور فيه السلام والعدل إقليمَ دارفور، من أجل خاطر (نوي) وخاطر كل شعب دارفور”.
تعليق واحد
للاسف مشاهد المجازر البشرية التي تنفذها حكومة الطاغية عمر البشير ماتزال مستمرة في إقليم دارفور وغيرها من المناطق التي تشهد حربا حالياً ،وفي خضم صمت الاسرة الدولية تجاه هذه المجازر البشرية والإعلام الدولي الإقليمي أيضاً.
الشهيدة (نوي) هي واحدة ممن فقدناهم، ودموع اعيننا تدمع عند كل ذكرى لهم إننا سمعنا بمبادرة وقف الحرب في السودان أطلقها حزب المؤتمر الشعبي،ولكن دون ان تكن ثمة دعوات بمحاسمة مرتكبي الإبادة الجماعية .
لابد من محاسبة هؤلاء الطغاة المجرمين، وشرط أساسي لاية عملية سلام في السودان.