السلطة القضائية هي تلك الشركة، أو مجموع الشركات. في المحاكم. وفي هذه الشركات تدور الأفعال التجارية الفسادية الإجرامية. من قبل عصابات رؤساؤها قضاة. في جميع درجات المحاكم. بضاعتهم الأساس هي “القرار القضائي الفاسد”.
وهي هذه المفهمة موضوع التعريف للفساد القضائي في هذا المقال.
وسأظل أكتب عن السلطة القضائية السودانية في مقالات لاحقة. لتبيين كيفية إنتاجها للفساد القضائي. معتمدا على عينة صغيرة من القرارات القضائية التي صدرت من قبل قضاة في درجات المحاكم الثلاث: الابتدائية، والاستئناف، والنقض في المحكمة العليا، والمراجعة في ذاتها المحكمة العليا.
ولأن هذا التدخل أعتبره أمرا يتعلق بالشأن العام، أرجو أن يندرج معي القراء في التعقيب الانتقادي على هذه المحاولة لتفكيك السلطة القضائية السودانية. وأن يمدوني بالقرارات القضائية التي يعتقدون أنها ربما تكون فاسدة. فلقد طورت منهجية متكاملة يمكن بها اكتشاف فساد القاضي حتى من قراءة أولية لنص القرار القضائي.وسأقدم ملامحها في مقال مخصص لها.
إن غرضي من هذه الكتابة هو إخضاع مؤسسة السلطة القضائية السودانية للتفكيك. بمعنى الدراسة الانتقادية. التي تشرح للمواطن، كل مواطن، الكيفية والتقنيات والأدوات الدقيقة التي يتم بها اضطهاده وقهره بالفساد، وبغير الفساد، بصورة يومية، من قبل القضاة. بواسطة القرارات القضائية. في المحاكم. في جميع أرجاء السودان.
والغاية التي أطمح لها هي تعزيز قدرات المواطن في التصدي بالمقاومة الأخلاقية ضد القهر الذي تمارسه ضده السلطة القضائية. وقد ضربت لنا السيدة مريم يحيى مثلا رائعا في المقاومة لذلك القهر الذي فعَّلتْه ضدها السلطة القضائية. عندما اقترفت هذه السلطة القضائية ضدها عدوانا سافرا. واجهتها بتهمة كيدية. وحكمت عليها بقرار قضائي فاسد. بالجلد وبالشنق حتى الموت. لكنها مريم تصدت لجلاديها بالمقاومة الشجاعة حين ازدرت شيوخ السلطة القضائية المتخصصين في الاستتابة وهزمتهم. وهي بصمودها وإيمانها في الحق في حياة كريمة خالية من القهر والتمييز والتحامل هزمت حكومة الإنقاذ.
وهو ذلك القرار الفاسد من محكمة الجنايات الذي تم إبطاله وإلغاؤه من قبل محكمة الاستئناف، في ملابسات تُبين أنه قرار الاستئناف تم في سياق “الإفهام”. فانظر كيف أن السلطة القضائية كانت تتلكأ في تسليم قرار الاستئناف للمحامين وفي نشره. تقول إن طباعة القرار تحتاج إلى خمسة أياما! مما هي من الخدع الروتينية سأعرض لها في مقال لاحق.