عبدالغني بريش فيوف
في الأسبوع الماضي وصل وفد من الحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال المكلف بلقاء الالية الافريقية رفيعة المستوى، والاتحاد الأفريقي والمبعوثين الدوليين إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا ، وذلك لتنويرهم على جديد الأوضاع داخل الحركة والإجراءات التصحيحية التي قامت بها الإدارة الجديدة وموقفها الجديد من كافة الملفات والقضايا الوطنية الراهنة.
وعندما عرفت قوى نداء السودان بالداخل بوجود وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال بأديس أبابا ارسل مبعوثين منها لمقابلة وفد الحركة المكلف بلقاء الالية الافريقية رفيعة المستوى، والاتحاد الأفريقي والمبعوثين الدوليين. وفعلا تم الإجتماع وتوصل الطرفين الى الآتي:
أولاً: أكد الوفد علي التزام الحركة الشعبية بدورها الرائد كقوة موسسة وفاعلة في نداء السودان. كما أكد الطرفان علي أهمية دفع وحدة العمل المعارض بدعم وتطوير وتوسيع نداء السودان تحقيقا للتغيير المنشود الذي ينهي استبداد وقهر نظام المؤتمر الوطني وانهاء حقب الظلم والتهميش بمخاطبة جذور الأزمة السودانية، ويحقق السلام العادل والتحول الديمقراطي الكامل.
ثانياً: أكد المجتمعون علي اهمية استمرار التشاور والتواصل فيما بينهم، والتنسيق بين مكونات نداء السودان. وضرورة عقد اجتماع لقوى النداء لبحث الأزمة الوطنية المتفاقمة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكما هو واضح من النقطتين عزيزي القارئ ، فإن هذا اللقاء مجرد اجتماع لتبادل الآراء كمعارضة سياسية تهدف في المقام الأول إلى دفع وحدة العمل المعارض تحقيقا للتغيير المنشود الذي ينهي استبداد وقهر نظام المؤتمر الوطني وانهاء حقب الظلم والتهميش بمخاطبة جذور الأزمة السودانية، ويحقق السلام العادل والتحول الديمقراطي الكامل ، وليس تحالف أو اتفاق بين الطرفين كما تزعم مجموعة عرمان مالك التي انفجرت غضبا وأصدرت هذا البيان الفضيحة الذي يقول :
((..تابعنا في الفترة الأخيرة الأحاديث المتواصلة للإمام الصادق المهدي في مناسبات مختلفة لتجيير الدكتور جون قرنق بوصفه مجرد داعية أفريقاني ضد العروبة والإسلام (وهيهات)، والهجوم أيضا على رؤية السودان الجديد، حتى في خطب العيد، والحديث غير المتوازن في جريدة (اليوم التالي) قبل عدة أيام حول خلافات الحركة الشعبية، ثم طالعنا بيان من بيانات العلاقات العامة أصدرته مريم الصادق بأديس أبابا، ونود أن نقول الآتي:
أولا: لم يتم تفويض مريم الصادق او محمد فاروق من قبل قوى نداء السودان ونحن طرف أصيل ومؤسس وأعضاء مجلسه القيادي وسكرتاريته، والأفضل لهما أن يتحدثا بأسم أحزابهما.
ثانيا: نقدر عاليا السعي لوحدة المعارضة ونسخر في ذلك كل طاقاتنا، ومن هنا جاء إجتماع رئيس الحركة الشعبية مالك عقار ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وإجتماع الأمين العام ياسر عرمان والدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة السودانية التي تمت كلها خلال الأيام القريبة الماضية لتنقية الأجواء داخل نداء السودان والجبهة الثورية والمعارضة.
ثالثا : إعتراضنا على بيان مريم الصادق ليس لأنها إجتمعت بوفد الحركة الشعبية التي يقودها عبدالعزيز آدم الحلو، بل لأنها في بيانها وفي حديث الإمام الصادق المهدي يتحدثان كانهما يجتمعان (بمنظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد)، وواقع الأمر إن هنالك حركتان شعبيتان ولا نمانع في إجتماع مع الحركة التي يقودها عبدالعزيز آدم الحلو، فهي مثلها مثل حركتنا، أمر واقع يجب التعامل معهم، وقد كتبنا رسميا لكل الأطراف وبادرنا بإن الاجتماع مع الحركتين أمر مفيد لتنقية الأجواء داخل نداء السودان والجبهة الثورية والمعارضة، ولكن الإنحياز لأي طرف من الأطراف سيعمق المشاكل داخل الحركة الشعبية ونداء السودان والمعارضة، ولذا فإن إعتراضنا ليس على الإجتماع بل على طريقة صياغة البيان، ونؤكد إننا لا نمانع في العمل في إطار نداء السودان والمعارضة مع رفاقنا الآخرين في الطرف الآخر في الحركة الشعبية، برغم المشاكل الحالية فيربطنا بهم الكثير وسنظل نسعي لوحدة الحركة ووحدة المعارضة.
رابعا: نتمنى من الإمام الصادق المهدي أن يتوقف عن هجومه المستمر على الدكتور جون قرنق وذلك لاينتقص من قدر الدكتور قرنق بقدر ما ينتقص من قدر السيد الصادق، وسيثبت التاريخ إن قرنق هو أهم سياسي سوداني في القرن الماضي، وإنه يشكل نقطة إلتقاء للسودانيين شمالا وجنوبا، وهو بطل شعبي لملايين السودانيين مثل أبطال الأساطير، وفكرته ورؤيته في السودان الجديد واحترام الوحدة في التنوع تظل لأزمة لكلا من دولتي السودان، وهو لم يترك مجالا في محاولات تصنيفه كمعادي للعروبة والاسلام، فهذا عصر البرمجيات بالإمكان الرجوع لأحاديثه ومواقفه في مثل هذه القضايا، وحرصنا على وحدة المعارضة وتقديرنا لحزب الأمة وجماهيره ومكانة الإمام الصادق المهدي هو الذي جعلنا نصمت كل هذا الوقت.
أخيرا نتمسك بنداء السودان وبوحدة المعارضة وبإن معركتنا الحقيقية هي مع نظام الإنقاذ الذي يجب أن يذهب غير مأسوف عليه، وندعو عضويتنا أن يتوقفوا عن معارك منابر التواصل الإجتماعي التي لاتفيد وحدة نداء السودان والمعارضة.))..
هذا البيان الإنشائي الطويل الركيك.. عزيزي القارئ يفترض الغباء السياسي في قوى نداء السودان التي كان لابد لها ان تتجاوز الشخصين (ياسر عرمان ومالك عقار) اللذان أصبحا خارج الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بعد قرارات مجلس تحرير “المنطقتين” التي قضت باقلتهما من موقعهما وايلولة القيادة الجديدة للفريق عبدالعزيز آدم الحلو -رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال والقائد العام للجيش الشعبي.
يفترضون الغباء في قوى نداء السودان وكل قوى المعارضة السودانية التي أيدت خطوات التصحيح داخل الحركة الشعبية شمال واعترفت بالقيادة الجديدة للحركة ..لكن أليس الغبي هو من تم اقالته من رئاسة الحركة الشعبية بقرار من مجلس التحرير ويرفض هذا القرار ويتوهم أنه ما زال الرئيس الشرعي للحركة الشعبية وقواعد وجماهير الحركة لا تعرف عنه شيئا ..أين يقيم “في فرنسا أم في جنوب أفريقيا أو في احدى عواصم دول الجوار”؟
أليس من السطحية والغباء أن لا يرى البيان الإنشائي الركيك المشهد السياسي اليوم كما هو في الحقيقة وعلى أرض الواقع ، وإنما يراه كما يحب هو أن يراه!!.
أليس من الغباء، بل الإفراط فيه ، أن يسقط بيان عقار عرمان ما بداخلهما من نوايا ومشاعر وتوجهات سلبية وعدوانية على أصدقاءهما القدامى في قوى نداء السودان فتتشكلت سريعا صورتها لديهما مصطبغة بما في داخل نفسهما من تشوهات سياسية!!.
عزيزي القارئ ..المعارضة السودانية وان كانت ضعيفة ومشتتة في الداخل والخارج ، إلآ أنها تعرف ان ما حدثت داخل الحركة الشعبية في الأشهر القليلة الماضية من تغييرات في قيادتها شأن تنظيمي بحت يحدث في كل التنظيمات والأحزاب ، ولذلك سارعت في تأييد خطواتها تلك، وهي بالتالي ليست غبية حتى تنساق وراء شخصين لا وجود لهما إلآ في المواقع الإلكترونية -كالراكوبة وسودانايل وحريات وسودان تربيون -أي انهما مجرد ظواهر صوتية بياناتية انترنتية.
الحركة الشعبية شمال بإجتماعها الى وفد قوى نداء السودان بأديس لا تسير في نفس الاتجاه القديم، بل لها رؤيتها وأفكارها الجديدة لأي تحالفات سياسية مستقبلية من أجل احداث تغيير حقيقي في السودان ، فليكف المهرجين عن ثرثرتهم والاعتقاد الدائم في غباء الخصم أو ضعفه والتعويل على ذلك.
الغرق في المشاعر والانفعالات واللعب على وتر الأحزان واستدعاءات المحن واستحضار الماضي وشحن الأتباع بتلك المشاعر والانفعالات هو هدف هذا البيان الركيك ..لكن نستطيع ان نقول بكل اريحية ان الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال حركة واحدة متماسكة وقوية من خلفها الجيش الشعبي في المنطقتين ومن يقول غير ذلك عليه ان يراجع طبيب الأوهام.