جماهير شعبنا الكريم،
نحييكم تحية الثورة و النضال، و شمس الحرية في بلادنا تتسامي بعيدا عن أغبرة الحروب و رزاز الدماء التي أحجبتها عقود من الزمان، و قد دفع شبابنا أثمان باهظة في سوح النظال المختلفة لدفع عجلة الحرية طوال هذه المدة، آخرها دماء الشباب الثائر التي رطبت أرضنا و أسكنت أغبرتها و جعلت أشعت الحرية تضرب بقاعها المختلفة، لتأذن بميلاد عهد جديد. و في خضم هذا الحراك الذي ربما يكون حجر الزاوية و نقطة التحول في الحراك السياسي و الصراع السوداني نحو السلام و الإستقرار الدائم، تفاجأ المجلس الثوري السوداني بتقرير إستخباري غريب متحامل و داعم لتوجهات النظام صدر عن ما يعرف بلجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة و التي تم تشكيلها وفق قرار مجلس الأمن 1593 و ذلك لمراقبة الأوضاع في دارفور و لمتابعة العقوبات المفروضة على النظام السوداني و الإتهامات الصادرة ضد مسئولين كبار في النظام شملهم القرار 1591 و الذي تزامن مع قرار تشكيل اللجنة المعنية في العام 2005م.
إجتمع وفد من المجلس الثوري السوداني بقيادة مسئول العلاقات الخارجية مع ممثلين للجنة المعنية برئاسة السيد فينسنت داراك مسئول القطاع السياسي بها، في أغسطس من العام 2018م، و دار الحديث عن إمكانية لم شمل قوى المقاومة المسلحة و تحقيق و بناء السلام في السودان، و قد شرح الوفد رؤية المجلس الثوري السوداني للسلام، حيث أكدنا أن المدخل السليم للسلام في السودان يبدأ بمعالجة جذور الصراع و مسبباته و كذا نتائجه و مضاعفاته، دون التركيز على سياسة الأمر الواقع التي يحاول النظام فرضها بالإدعاء بأن العمليات العسكرية في دارفور باتت محدودة و أن بمقدوره أن يفرض حلا أمنيا للصراع و واقعا جديدا يتأسس على تغيير الخارطة السكانية و المجتمعية و التغافل عن تهجير ملايين الأهالي و فرض حالة التوطين الحديثة على حساب السكان الأصليين في دارفور و غيرها من مناطق السودان الأخرى و حالة جزيرة الزرق بشمال دارفور التي عمد عمّد عليها بن عم حميدتي ناظرا لها تقف أكبر دليلا يشهد على ما أسلفنا، بجانب عمليات الإسترقاق الجارية الآن في مناطق متفرقة بدارفور، كما أوضحنا لممثلي للجنة المعنية أن الهجرة الإجبارية لمواطني دارفور أصبحت قضية تتداخل عواملها لتشمل بعض القوى التي تدعم مليشيات النظام بغرض إعاقة الهجرة عن طريق هذه المليشيات و بالتالي تمكين هذه المليشيات لإرتكاب المزيد من الجرائم. إلا أن التقرير الصادر من هذه اللجنة بتاريخ …. يتعارض تماما مع تفويض هذه اللجنة و التي كان يفترض أن يتركز نشاطها في مراقبة القيود و العقوبات المفروضة على النظام السوداني على رأسها مسألة إنسياب الأسلحة إلى داخل السودان و الجهات الإقليمية و الدولية المساهة في ذلك بجانب الإنتهاكات الإنسانية الكبيرة التي ظل يمارسها النظام و مليشياتها و إستمراره في جرائم الإبادة الجماعية و التطهير العرقي و جرائم الحرب ضد الإنسانية.
تقرير اللجنة الذي تم الإعلان عنه في ظروف يحتاج فيها الشعب السوداني لكل ما يدعم وحدته و وحدة جهوده بما يعجل بعملية التغيير و خصوصا إذا كان هذا التقرير صادر من جهات تتنبى قضايا السلام و الديمقراطية و حقوق الإنسان، إلا أن هذا التقرير يدعم بصورة كبيرة سياسة و سلوك النظام الأمني في حل الصراعات، حيث تقاضى التقرير عن جميع الإنتهاكات التي وقعت طوال المدة المذكورة من قتل المواطنين العزل في مناطق النزاع، و حرق قرى العائدين في شرق و جنوب و شمال دارفور، ناهيك عن إستهداف المواطنين بشكل فردي أو جماعي في عدة مناسبات بينها الإعتداء على الأهالي في عدد من القرى تحت ذريعة جمع السلاح الذي هو الآخر قصد منه تمكين المليشيات و إعطاءها صبغة سلطوية رسمية تنزع عنها الصفة الإجرامية و الجرائم التي إقترفتها هذه المليشيات مطلع الألفية و بالتالي محاولة تجاوز مسألة العدالة الإنتقالية في أي تحول مقبل. لم يشر التقرير المذكور إلى كيفية إكتساب النظام للسلاح رغم حالة حظر السلاح المفروضة عليه حيث يشكل هذا الجزء البند الرئيس في القرار 1593 فضلا عن تقاضيه عن الجهات التي توفر السلاح ناهيك عن المرتزقة الذين يجلبهم النظام للإستخدام في عملياته الإجرامية و دونكم العصابات التي ظهرت إبان الحراك الجماهيري الحالي و هي تشرف على عمليات قتل المتظاهرين، بل و على العكس، فقد حاول أفراد اللجنة دعم إدعاءات النظام بأن السلام في دارفور أصبح واقعا و أن على قوى المقاومة المسلحة أن تلتحق بوثيقة الدوحة التي تعتبر إحدى عوائق عملية السلام في السودان و إحدى سبل دعم النظام و مليشياته الإجرامية، و هذه الخطوة المعلنة – في التقرير المنشور – لا يختلف كثيرا عن تحركات الإتحاد الإفريقي في وقت سابق لمحاصرة الرفيق عبدالواحد النور و المطالبة بفرض عقوبات عليه، و نؤكد أن هذه المحاولات لن تثنينا عن أهدافنا و لا تجبرنا على أي مساومة تنتقص من حق الضحايا أو التنازل عن تطبيق و إجراء العدالة على المجرمين.
إن الإستدلال بمعلومات قديمة و بالية تم تدعيمها بصور لرفاق إستشهد بعضهم في أوقات سابقة و في أحداث لا يضفي ذكرها أي قيمة لهذا التقرير، كما حاول المقررون تحت مسمى هذه اللجنة التقليل من وزن و حجم قوى المقاومة و تبرير بعض جرائم النظام في جبل مرة و غيره و إعتبارها على أنها ردة فعل لا غير رغم تصريحات منسوبي النظام المكررة في المواصلة لحرق القرى في جبل مرة و عموم دارفور و إكمال عمليات التوطين لإحداث التغيير السكاني وفق خطة النظام، و هذا ما يؤكد إتهامنا غير المبطن لهذه المجموعة بأنها تدعم توجهات و سياسات النظام و أكثر من ذلك محاولة إبتزاز قوى المسلحة للرضوخ لتسويات خاصة من جهة و إظهار النظام بأنه الأفضل بين القوى السودانية من أخرى، خصوصا عندما حاولت هذه المجموعة إظهار النظام بالمتعاون و هي تدرك حقيقة أن النظام لا يسمح لأي مجموعة أو بعثة دولية للقيام بواجبها كما يجب و أن البعثة الأممية الإفريقية و قبلها الإتحاد الإفريقي خير دليل.
و إننا إذ نكشف عن توجه هذه المجموعة – المنحرف عن مهام و تفويض اللجنة المكلفة وفق القرار 1593 – فإننا نكشف عن محاولات النظام إستخدام كافة الوسائل لجذب تعاطف المجتمع الإقليمي و الدولي و أخذ أنظاره بعيدا عن الحراك الشعبي الجماهيري الذي إنتظم جميع مدن و قرى البلاد، و بهذا نؤكد لكم جماهير شعبنا متابعتنا اللصيقة للحراك اليومي و أننا على موقفنا المعلن و الداعم لهذه الثورة التي إنطلقت شرارتها في 13 من ديسمبر الماضي في مدينة الدمازين و تسلمت شعلتها عطبرة الحديد و النار بتاريخ 19 ديسمبر لتعلن القضارف بعد خريف وافر العطاء حصاد الثورة في أقوى موكب مهرته بأطهر الدماء في 21 ديسمبر 2018م كوقود دفع بالحراك الثوري بسرعة البرق لتؤكد عدم عودة عجلته الى الوراء، و هنا وجب أن نشيد في هذه اللحظة بتجمع المهنيين السودانيين الذي لم يتردد في قيادة الحراك و نجدد دعمنا المطلق لخطاه و إعلان الحرية و التغيير المعلن من قبله، و ندعو جميع القوى السودانية بدعم الحراك و تجمع المهنيين السودانيين على رأسه بما يقود إلى إسقاط النظام في أقرب وقت ممكن و العمل على بناء دولة مستقلة و مستقرة دون مساومة.
المجد للشهداء
الحرية للأسرى و المعتقلين
و عاجل الشفاء للجرحى
و النصر أكيد
ياسين دوسري
مسئول العلاقات الخارجية
27 يناير 2019م