بروكسل _ صوت الهامش
كشفت الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل ، عن أن تفشي الفساد الحكومي و غياب العدالة والمسائلة، مع وجود جيش غير خاضع للرقابة، يعد بيئة خصبة وفاعلة لنمو جريمة الاتجار بالبشر في عدد من الدول الأفريقية، على رأسها السودان.
وجاء ذلك في نطاق تقريرٍ دوليٍ كشف عن عبور أكثر من 2000 سوداني وسط البحر المتوسط إلى أوروبا خلال عام 2018، كما يرجح أن حوالي 4 آلاف مهاجر إريتري قد بدأوا رحلة هجرتهم من السودان.
وأفاد التقرير الصادر عن برنامج “إيناكت” الهادف إلى تعزيز قدرة أفريقيا على استجابة أكثر فاعلية للجريمة المنظمة عبر تحفيز الوطنية والانتماء لدى أفراد شعوب القارة، بأن ارتباط السودان بالاتجار بالبشر يعود للثمانينات، حيث أصبح على مدى العقود الأربعة الماضية بلد المصدر والعبور والمقصد لضحايا هذه الجريمة.
وتصارع الدولة مع الاتجار بالبشر بأشكال مختلفة، بما في ذلك عمليات الاختطاف والسخرة والعبودية وتعذيب المهاجرين الإريتريين واختطافهم كما أكد التقرير.
وتسائل معد التقرير “محمد داغر”- الباحث في مشروع إيناكت ومعهد الدراسات الأمنية- عن كيفية تأثير استراتيجية مكافحة الاتجار الأوروبية المقترحة أن تعزز من عملية الخرطوم.
وفي السياق ذاته، عدد “داغر” في تقريره عددًا من العوامل الداخلية المغذية للاتجار بالبشر، والتي كان على رأسها وجود حكومة فاسدة ذات جيش غير خاضع للرقابة، على الرغم من موقع البلاد الاستراتيجي – عبر شمال ووسط وشرق إفريقيا – وهو ما تسبب ف تحويل السودان إلى مركز لشبكات الاتجار والتهريب.
ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، قام التجار في السودان بتجنيد الرجال على نحو متزايد تحت ذرائع زائفة عن العمل وأطفال للعمل القسري.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت النساء السودانيات عرضة للرق المنزلي والجنسي (يمكن اعتبار كل من العبودية المنزلية والجنسية من أشكال الاتجار بالبشر)
وأشار المدير التنفيذي لخدمات الشرطة في الإنتربول “تيم موريس” أنه في أغسطس 2018 ، تم إنقاذ ما يقرب من 100 من ضحايا الاتجار بالبشر من خلال عملية “سويان” التي نسقها الإنتربول مع ضباط الشرطة السودانيين، وكان حوالي 85 من الضحايا من الأطفال.
وأضاف “موريس” إلى أن الضحايا الذين تم الاتجار بهم، والذين من المحتمل أن يكونوا مهاجرين في طريقهم إلى أوروبا، هم من دول مجاورة مختلفة بما في ذلك “إريتريا” و”الكونغو” و”جنوب السودان” و”السودان” نفسها.
وسلط التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) الضوء على إقرار البرلمان السوداني في عام 2014 لقانون مكافحة الاتجار بالبشر، كونه أول قانون للبلاد يتناول تحديداً الاتجار بالبشر، وكان الغرض منه هو التماشي مع تعاريف الأمم المتحدة بشأن جريمة الاتجار بالبشر.
وفي بدايته، دعى القانون إلى إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر (NCCT) باعتبارها أعلى سلطة لمكافحة هذه الجريمة والتصدي لها، حيث تتولى تلك اللجنة مهمة تطوير استراتيجية وطنية لمعالجة أسباب الاتجار بالبشر.
وفي أكتوبر 2014، استضاف السودان أول مؤتمر إقليمي للاتحاد الأفريقي حول الاتجار بالبشر وتهريبهم في القرن الأفريقي.
وفي وقت لاحق من عام 2014 ، استضاف السودان منتدى الاتحاد الأوروبي بين الأقاليم بشأن الهجرة ، والمعروف باسم عملية الخرطوم.
وتعتبر عملية الخرطوم منبراً سياسياً بين دول الاتحاد الأوروبي ودول شمال وشرق إفريقيا على طريق الهجرة بين القرن الأفريقي وأوروبا.
وكشف التقرير عن أنه من خلال برنامجها لإدارة الهجرة، لا تشكل عملية الخرطوم منبراً لمكافحة الهجرة غير الشرعية فحسب، بل هي أيضًا من الأولويات التي توفر الحماية من العنف والإيذاء والاستغلال لأولئك الذين يتم الاتجار بهم داخل السودان.
وفي عام 2017 ، أطلقت أول خطة عمل لمكافحة الاتجار بالبشر، كانت الركائز الرئيسية لها هي حماية الأشخاص من الاتجار من خلال تعزيز نظام العدالة الجنائية للتحقيق مع المتجرين ومقاضاتهم ومعاقبتهم، وضمان العدالة للضحايا، ومع ذلك، لم تسجل خطة العمل حتى الآن أي آثار ملحوظة.
وعلى الرغم من وجود تشريع وخطة عمل ذات صلة، لم يشهد السودان أي تقدم ملموس في مكافحة الاتجار بالبشر.
وفي منتصف عام 2018 ، قال نائب الرئيس آنذاك “حسبو عبد الرحمن” إن الحكومة تدرس وضع إستراتيجية لمكافحة الاتجار بالبشر تتماشى مع المعايير والآليات الدولية، إلا أنه لم يتم الإبلاغ عن أي خطوات مهمة منذ ذلك الحين فيما يتعلق بالتحقيقات الناجحة أو عمليات القبض أو الملاحقة القضائية للمتجرين.
بالإضافة إلى ذلك ، لا يزال من غير الواضح كيف ستعمل خطة العمل والاستراتيجية على تقوية عملية الخرطوم ، حيث لم تعلن الحكومة عن أي بيانات ذات صلة تربط التزامها بمكافحة الاتجار بالبشر مع التأثير الفعلي.
وأشار “داغر” في تقريره إلى أنه على الرغم من أن السودان صدق على كل من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، إلا أن الدولة حققت نجاحًا محدودًا في تنفيذ خططها واستراتيجياتها للحد من الاتجار بالبشر، حيث يتطلب التنفيذ الناجح تعزيز سيادة القانون في البلاد، وهو ما تفتقده السودان.