تقرير: حسن اسحق
شهدت ولايات دارفور عنف قبلي دموي في عدد من ولايتها في شهر يوليو الماضي وبداية أغسطس الحالي، وفقا لآخر احصائيات من ولاية غرب دارفور، قتل مسلحين 60 شخصا وجرح 60 اخرين في قرية مستري، وحرق أكثر من 1500 منزل، وحرق مسلحون منازل في قرية تقع جنوب بلدة كاس بولاية جنوب دارفور. يطالب مواطنو هذه المناطق من سلطات الدولة أن تقوم بدورها الطبيعي في حماية أرواح الأبرياء وحماية الممتلكات من المجموعة المنفلتة، وينصح الدولة بقيام مؤتمرات للصلح بين المكونات المتعايشة في باقليم دارفور، ويطالب عدد كبير من المواطنين ان تصادر الدولة السلاح من جميع المكونات من دون تمييز مجموعات على اخري، حتي يتوقف العنف المستمر والقتل المتكرر.
استمرار القتل والنهب
يرى المواطن عبدالله عبدالكريم ادم من منطقة مستري أن العنف في ولاية غرب دارفور في تزايد مستمر منذ أواخر العام الماضي والعام الحالي، أصبح سكان القري حول عاصمة الولاية الجنينة، يفتقدون الى ابسط مقومات الأمن، يقول عبدالله ’’ اصبحنا نخشى علي انفسنا من الذهاب إلى المزرعة، والاعتداء علينا، اصبح سلوك يومي، يقوم به المجرمين المسلحين، نذهب الى قسم الشرطة، ونطلب الحماية من السلطات المحلية، لا توجد استجابة سريعة، يأتون بعد أن يموت الابرياء‘‘.
يطالب عبدالله من الحكومة الولاية ان توفر الامن للمواطنين الابرياء، وتصادر سلاح من المجرمين’ هؤلاء معروفين للسلطات المحلية والولائية، معروفون باسمائهم ومناطقهم، حملات جمع السلاح في الفترات السابقة، استهدفت قبائل وافراد، تري الحكومة انهم يشكلون تهديدا لها، اما الطرف الاخر الذين يقتل، ينهب ويسرق يوميا، لم تجمع الحكومة منه السلاح، لن تتوقف اراقة دماء الابرياء، الا بعد ان تتعامل الحكومة بحزم مع انتشار السلاح في إقليم دارفور بأكمله‘‘.
يوضح عبدالله ايضا ’’ انا كمواطن تضررت من هذا الانفلات الأمني، لا أستطيع الذهاب إلى المزرعة، حتى دكان الصغير الذي امتلكه في مستري، لا استطيع العمل فيه، بعض المواطنون يغادرون المنطقة بسبب الاعتداءات المتكررة عليهم، هذا يعني اني لا استطيع الاستمرار في دكاني، اريد الامن والاستقرار، حتى استطيع ان اوفر لقمة عيش كريمة لاطفالي، ويواصلون مسيرتهم التعليمية، الحكومة المحلية تعلم جيدا من يعتدون على الآخرين، لكن تقف مكتوفة الأيدي، وعلى الدولة بسط هيبتها ‘‘.
تجدد الصراعات القبلية
بينما يعتقد الشاب اسحاق عبدالرحمن من كاس بولاية جنوب دارفور، ان الأحداث القبلية الأخيرة، لا تنفصل ماجري في مستري بولاية غرب دارفور، وفتابرنو بشمال دارفور، يتهم اطراف باشعال الحرب من جديد، من دون أن يسمي تلك الجهات بعينها، يقول اسحاق انها اطراف مستفيدة من الأزمة، لا ترغب باستقرار حقيقي، يحقق التنمية المستدامة في الولاية، الحرب تدمر ولا تعمر، الحرب تخلق الفتن، ولا تحقق الاستقرار والرفاهية، الحرب تعمي النفوس، أما الاستقرار يخلق في النفوس السلام والمحبة والتعايش.
يضيف بعد ذهاب الحكومة السابقة، كان الأمل أن يتحقق السلام في اسرع وقت’’ تفاجأنا أن الصراعات القبلية بدأت تجدد مرة في كل ولاية دارفور، أصبحت الفوضى الامنية هي المسيطرة على المشهد الآن، رغم المفاوضات الجارية والجلسات المستمرة، الواقع الارض له صورة مغايرة جدا، ان مجتمعات دارفور تعاني من إشكاليات اجتماعية معقدة جدا، الصراعات المتكررة بينها، الاعتداء والاستيلاء على اراضي الاخرين، الغبن التاريخي المتراكم، كل هذه الامراض، اذا لم تجد علاجا شافيا، لن نحلم باستقرار حقيقي في دارفور‘‘.
يؤكد ان الائتلاف الحاكم في الخرطوم، ما بعد الثورة، أصبح لا يكترث عما يحدث في دارفور، فقط يقوم بزيارات لا معنى لها، والقاء خطابات، لا تجد استجابة على الأرض، المواطن يريد الامن والسلام والاستقرار، المواطن يرغب في أن يزرع أرضه من دون خوف من المجرمين الذين يجدون الحماية من الحكومة الولائية والمركزية، المواطن في ولاية جنوب دارفور، يريد السلام أن يتحقق على الارض، ويريد أن يرى المجرمين و القتلة والسارقين يقدمون إلى المحاكمات العادلة، إن القرارات الحاسمة تساعد على عودة الأمن.
توتر أمني في المنطقة
في ذات السياق يضيف عبدالكريم عبدالرحمن من منطقة فتابرنو بولاية شمال دارفور، ان المنطقة تعيش في حالة توتر أمني مريب للغاية، أصبحت الثقة منعدمة بين المجتمعات، بسبب السلطة تساند المكونات العربية في ولاية شمال دارفور، يقول عبدالكريم ان دور الحكومة أن تبسط الأمن للجميع، من دون التحيز الى جهات محددة، يجب ان يتمتع الجميع به، أن ظاهرة انتشار السلاح على أيدي المجموعة المنفلتة تسبب القلق في القرى أو المدن، ينصح الدولة أن تقوم بدورها الفعلي.
أما فيما يتعلق بالولاة المدنيين في الإقليم الغربي، ان يطالب الوالي الجديد ان يضع الملف الأمني بولاية شمال دارفور، من ضمن أجندته الاولي، يعتبر الولاية تشهد توترا امنيا بين مكوناتها الاجتماعية، ما حدث في الشهر الماضي في منطقة فتابرنو، أكبر مؤشر على الفوضى الامنية بالولاية، يطالب عبدالكريم ايضا الوالي ان يعقد مؤتمرات الصلح بين جميع قبائل الولاية، ربما التصالح بين المكونات القبلية في الولاية، يساهم في عودة الأمن الولاية بين جميع مكوناتها الاجتماعية والقبلية.
يؤكد عبدالكريم ان انسان ولاية شمال دارفور في هذه المرحلة الحرجة، يريد السلام الحقيقي الذي ينعكس على واقع الحياة المعاشة، الولاية ذاتها تحتاج إلى حملات توعية باهمية التعايش الاجتماعي السلمي، واستنكار الاصطفاف القبلي،’’ نحن كشباب من المنطقة، نريد السلام بين الناس، نريد ايقاف صوت البندقية، نريد إنهاء الاقتتال على الأساس القبلي، نريد تفويت الفرص علي العابثين باستقرار ولايتنا في هذه الفترة الحرجة، نريد أن يجمع السلاح من الجميع‘‘.
تحديات تواجه الولاة الجدد
المحلل السياسي ابراهيم سليمان يكشف ان دولاب الحكم في الولايات يسيرة كواد النظام السابق، وبعض المنتمين إليه سرا وعلانية اجهزة الدولة الامنية، يؤكد أن أكبر التحديات التي سوف تواجه الولاة المكلفين، هي عملية تغيير مسار دوران دولاب الدولة في الاتجاه المعاكس، والسهر على استتباب الأمن في الولايات الملتهبة، لصالح التحول المدني الديمقراطي، والتفاني في كفالة الحريات وإحلال السلام وتحقيق العدالة.
ويضيف سليمان أن الولاة الجدد يتطلب منهم قدر كبير من الحنكة والشكيمة في هذا المنعطف الخطير، واقناع الاجهزة الامنية والعقلية العسكرية، لأنها لم تخلق لتحكم الدولة الرشيدة، لأن الانقلاب على السلطة المدنية، سبب التردي والتعدي على ممتلكات والمكتسبات العامة، وينصح الولاة بالالتزام بمهام الوثيقة الدستورية من دون مراوغة.