د.بخيت أوبي
من سنن الكون التغير المستمر لجميع مكوناتها، التبدل والتعاقب والاحلال والاعتمادية والتكامل والتفاعل والتدافع، بحيث ينتج متغيرات جديدة، وافكار جديدة، وعمران جديد وسبل حياة جديدة، يحدوها الشغف والطموح والخيال والاحلام، فالثابت الذى لا يتغير مصيره الى اضمحلال وفناء حتمي او تقهقر مستمر وتدهور متوال.فاسقاط الاطروحة السابقة على اوجه الحياة المختلفة اجتماعية كانت ام اقتصادية ام سياسية ام ثقافية ام فكريه الخ،الخ، يوصلنا الى بعض النتائج والخلاصات منها المجتمع الذى لا يغير في بعض تصوراته سلبا كانت ام ايجابا حسب المعطيات الواقعية المعاشة يتخلف وينغلق ويتقوقع في قمقمة بحيث ياتيه الرياح من حيث لا يحتسب فيهز اركانه والدليل واقع التعصب القبلي والانغلاق والورقة الاثنية، والدولة التى لا تستفيد من فرص التبادل التجاري الدولي واسس بناء الاقتصاد والانفتاح المعقلن والواقعي فمصيره تدهور الحياة الاقتصادية ودونك العقوبات الاقتصادية على السودان وشروط الديون القاسية والاعتمادية والتبعية.
والمنظومات او الاحزاب السياسية التي لا تواءم طرحها وافكارها ومنطلقاتها حسب المعطيات فمصيرها فقدان الشرعية الشعبية وبالتالي انحسار نشاطها في القمة واندحائها في القاعدة حتى تصبح صورة بلا روح ونمر بلا اسنان. فالذي لايجدد لا يتجدد ولا يتطور ولا يبدع فيصبح نسيا منسيا في مسيرة التاريخ.
تختلف ادوات التغيير باختلاف الزمان والمكان والخارطة الديموسياسية والجيوسياسية والظرفية ودوائر المصالح والفاعلين على المستوي المحلي والاقليمي والدولي، فالتكيف مع المتغيرات تجيدها الكائنات غير الناطقة ناهيك عن الكائنات الناطقة. فادوات الامس تختلف عن ادوات اليوم في المحاور المختلفة.
فى سياق التحول الى دولة المؤسسات ومدنية الدولة، تختلف فيها ادوات التغيير، القلم مكان البندقية، والكلمة وحجيتها مكان الرصاص وازيز المدافع، والاقناع في مكان التدافع، والحد المشترك مكان الاختلاف، والحقوق مكان القهر والغلبه ببطش اليد، فالتحدي اكبر والمهمة اصعب واعقد، اعداء الامس اصدقاء اليوم، والجلوس معهم بمبدأ رابح- رابح، انا اربح وانت تربح ويسعنا الدوله وتربح الدوله والسفينه التي نحن فيها معا، التحول من مربع رد الفعل الى المشاركة في الفعل وصناعة الحدث وبناء الدولة لبنه لبنه، مبتدئها التخطيط واوسطها التنفيد ومنتهاها الوصول الى الاهداف وتحقيقها والتي تتناسل منها اهداف اخرى متجدده وهكذا دواليك.
تأسيسا على ما تقدم يمكننا ان نستنتج ضرورة تواجد حركة مدنية تمثل موجة تحمل فى طياتها مجموعة من الامواج التى تصب وتنصهر فى هذه الموجة الضخمة والعاليه التى تناطح الفكر بالفكر والحجة بالحجة وتنتج معينا لاينضب من الافكار الخلاقة التى تؤسس لبناء الدولة المرجوة لا تشذ عن الاجماع ولا تتقوقع ولا تنغلق بل تنفتح على الكل فى اطار المصلحة العامة، وتصب طاقاتها الايجابية لا السلبية في مصب البناء والتعمير والتوافق، فاعلا ومتفاعلا ومساهما فى الشق المدني والسياسي، تتكون من منظمات المجتمع المدني( تنسيقيات النازحين واللاجئين والشباب والمرأة والاكاديميين والاحزاب والمحامين والرعاة والمزارعين واصحاب المهن الحرة ورجال الاعمال وغيرهم الكثير)
فالطريق الثالث يرسم طريقا ثالثا وقاسما مشتركا يتلاقح مع الحرية والتغيير وشركائها تخوض غمار الحياة المدنية والسياسية وتستخدم ادواتها السلمية في الرقابة والتعبير عن المطالب، وتقرب الشقة بين الاطراف المتباعدة، بالمجادلة السلسة والحجة المرنه بعيدا عن التعصب والشقاق، حتي لا تتعكر صفو الدولة المرتقبة، تقومها ان هى حادت عن الطريق، فالخط الفاصل بين حركات الكفاح المسلح وحركات الكفاح المدني هى مدنية الدولة واختلاف ادوات التغيير المكاني والزماني، وضرورة التحول والاندماج بالفكر والانتاج الموجب والمساهمة في البناء والتطوير، والمشاركة البناءة، والتحول من خانه الانتقاد الى استخدام الامكانيات المتاحة والمحتملة ومواجهة التحديات الكلية لا الجزئية، والنظرة في الافق البعيد لا القريب، فالتحدي اكبر ومعركة بناء الدولة اطول يحتاج الى وقت وموارد واجسام فعاله وكبيرة ومؤثرة، وتكتلات اكبر وتنظيمات مرنه .
سؤال اخير لماذا لا يندمج القسم المدني والسياسي لكل حركات الكفاح المسلح جنبا الى جنب في امواج الحركة المدنية ( حركات الكفاح المدني) مع المكونات سالفه الذكر وتنتقل الى خانه الفعل بتكوين جسم كبير يضم كل الاصوات في صوت واحد مؤثر مثلا حركة مدنية للتغيير، يخوض الحياة المدنية، ويصبح جزئا فاعلا فيها.