ياسر أحمد عبد الرحمن ( درنجاق )
قوات الدعم السريع هو إسم الدلع لقوات الجنجويد : قوات طابعها الديموغرافي وتركيبتها
قائمة علي الإثنية والقبلية، وبنيتها التدريبية قائمة علي القمع والقتل والحرق ونهب
ممتلكات الناس.
وقد تم تكوينها بإيعاز و إشراف ورعاية حكومة الخرطوم لمحاربة الثورة في دارفور بعد
التقرير الذي قدَّمه رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان الفريق/ حسين عبد الله جبريل،
حيث جاء في التقرير : (إن الذي يحدُث في جبل مرة، مقدمة لتمرد منظم ضد الدولة) ولهذه
القوات قيادات قبلية في الداخل والخارج، وجُلها من القبائل العربية التي تقطن دارفور
وبعضها لها إمتدادات بدول الجوار الأفريقي. وقد تحالف النخبويين من المركز معها لإبادة
القبائل الزنجية وطرد من تبقَّى منهم على قيد الحياة خارج دارفور لتتم عملية التغيير
الديموغرافي كاملاً وفي سبيل ذلك إنتهجت عدة سياسات أدَّت إلى إبادة المجموعات الزنجية
بالإقليم منها سياسة الأرض المحروقة، الإفقار، القتل والإغتصاب الممنهج، فلها رصيد كبير
في إشاعة الفوضى، والعبث بأرواح السكان الدارفوريين، وبسبب أفعالها الوحشية هذه تشكَّل
واقع مُعقَّد، وشرخ كبير في المجتمع الدارفوري.
لا يسعنا الوقت للإسهاب كثيراً في سرد وتبويب ممارسات هذه القوات، ولكن غالبني الضمير
أن أذكِّر الشعب السوداني خارج إقليم دارفور – إن هؤلاء هم (الجنجويد) هذه العبارة التي
وجدت رواجاً وتسويقاً واسعاً لأنها إرتبطت بالمآسئ والإنتهاكات الجسيمة التي أُرتِكبت
في حق شعب دارفور، وبالتالي قد دخلت أضابير المجتمع البشري بذلك المفهوم المُرعب الذي
إرتبطت به، فالإسم يدل علي سوء الأفعال والممارسات.
لذا ما جري في القيادة العامة من إطلاق ذخيرة حيَّة وقتل ودهس يشبه تماماً أفعالهم
وممارساتهم فهم لا يتورَّعون من أعمال القتل والتنكيل بضحاياهم، والدليل علي ذلك شهادة
الضحايا من خلال الفيديوهات والصور المأخوذة من الميدان. وما يؤكِّد ذلك أيضاً المسرحية
السمجة والمؤتمر الصحفي الذي قام به قائد قوات الجنجويد حميدتي وعرض بعض الصوَر لأبناء
دارفور بإعتبارهم يتبعون لكتائب الظل، وإنهم قاموا بقتل الثوار أمام متاريس القيادة
العامة، وهذا يُبين جلياً حجم الخوف من (الزُرقة) وهو الإسم الذي يطلقه الجنجويد على
السكان الأصليين من الزنوج، ولا يخلو بالطبع من إلاحتقار.
أحذروا الذين يرقصون مع الجلاد
يستعصي علي المرء إدراك ما يخرج من أفواه بعض قادة العمل الثوري من تصريحات تُمجِّد
وتُعظِّم قائد الجنجويد حميدتي وتُبرِّر له أفعاله وشروره ولا يبالون، وذلك لأن الوضع
الذي فيه والإمتيازات، والنياشين الذي يتمتَّع بها هي مكافئة للممارسات اللَّا- إنسانية
واللَّا- أخلاقية ضد القبائل الزنجية من شعب دارفور علي وجه الخصوص والسودان علي وجه
العموم فإن ذلك لأمرٌ غريب؛ وقد علَّمتنا التجارب إن الذين يرتكبون جرائم كبيرة كمثل
التي حدثت في دارفور فان أول ما يفعلونه هو أن يهربوا من تبعات تلك الجرائم والإبتعاد
عن مسرحها بالتواري والإنزواء، وإن أول ما يفعله الضحايا عند رؤية المجرم هو الإنقضاض
عليه والقصاص منه، وليس الإطراء والرقص معه. فمثل هذه التصريحات لها تبعات خطيرة علي
نفسية الضحايا وتُشكِّل إستفزازاً واضحاً وحجر عثرة أمام تطلُّعات وآمال الضحايا
للإقتصاص من الجلاد. ويعطي إستحقاقاً كاملاً للجلاد لإرتكاب مزيداً من الجرائم والتمادي
في فعلها مادام تعطيه صك التمجيد والتعظيم.
فالمشهد في السودان يُسجل يوم بعد يوم تعقيداً مغايراً لكل التوقُّعات، كنتاج للتقييم
الخاطىء لكثير من قادة الكفاح المُسلَّح بدارفور من خلال تصريحاتهم وتسجيلاتهم عبر
الإعلام للتعاطي مع المشهد السياسي فأصبحوا يداهنون جلادي شعب دارفور حيناً، ويمنحون
الشرعية للمجلس العسكري حيناً آخر.
هل لقلة حيلتهم أم لعدم إدراكهم بحجم المسئولية
تجاه شعوبهم؟
هل لإفتراض الغباء في حميدتي أم مداهنة للإستقواء به ؟
أم لإختلاط الذاتي بالموضوعي ؟