لا أدري كم يساوي هذا الكرسي الذي من أجله يسحق الإنسان أخاه الإنسان في السودان ..ويقتل السوداني مواطنه وجاره السوداني …كم تساوي المصالح الشخصية والدولية التي يقتتل الناس ويُهجر أخرون لأجلها وتُدمر البلاد بما فيها ومن فيها وبأيدي أبنائها… كم هي رخيصة الدماء والأرواح في عرف السياسييين من أهل البلد أو الانتهازيين الدوليين .. يا له من ضياع وتشرد ويُتْم وقسوة ..ياله من زمن ..زمن القساوة و الظلم والألم والخيانات الكبيرة….لا ندري ما قيمة القادة والمفكرين والعلماء وما قيمة الدم والإنسان والحياة ..حين يصبح الوطن و الإنسان تحت القهر والقتل والحرب واليتم والضياع ..ما قيمة المال والسلطة حين تدنو قيمة ابن آدم من قيمة الحيوان و التراب أو أقل..وما جدوى الدولة والسلطة والمال ..حين يلوذ البشر بالبحار ويفضلون الهروب من الأرض والغرق والموت والحرق على البقاء تحت رحمة القلق والجوع والعراء والبؤس اليومي … ما قيمة الحياة في أرض يهرب أهلها ليبحثون عن حياة أخرى في ثنايا الغرق و الموت ..كم أنت قاس أيها الإنسان .أيها العالم…كم أنت أناني ومصلحي وكاذب وأحمق..كم أنت أناني أيها العالم المدع لحقوق الإنسان و الحرية والكرامة الإنسانية … من ينقذ الشعب السوداني من ابناء دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة من هذا الجحيم والحرب الطاحنة من ينتشل هذا الشعب من الغرق والفوضى الخناقة ..من يحنو على النساء والأطفال والشيوخ الهائمين التائهين على وجوههم وقلوبهم في قوارب الهجرة والسماسرة والظلام ..من ينقذ الفارين من البشاعة والإجرام والبراميل المتفجرة ..هل نصدق أن الدول الكبرى غير قادرة على التدخل لوقف المأساة ورفع الغبن والدمار عن شعب تشرد وتعذب وأضحى لعبة قذرة بين الأمم..هل يمكن أن نثق في مجهود المجتمع الدولي وهو يغض البصر على انتهاك حياة البشر الغارق في المحيطات و المياه الدولية…أي بؤس أكثر من هذا البؤس و قوارب الموت تنقل “البني آدميين” من ضفة إلى أخرى بعضهم يغرق في البحار وكثيرهم يواجه الشرطة الحدودية بالصد والعنف والرد والرفض والمنع والإهانة ..وكأن الأرض ضاقت بما رحبت ..ما ذا بقي للشعب السوداني من صوت وقوة رسالة ليعبر عن ألمه وعذابه ..وماذا بوسعه أن يعمل لينجده وينقذه العالم من هذه الحرب المهلكة وهذا التشرد الجحيمي..ماذا يفعل الشعب الدارفوري الأعزل لتجزع من أجله القلوب الرحيمة وتمتد إليه الأيادي لتنقذه من الشر المستطير الذي حل ببلاده فحولها أرض التوحش والإبادة..ماذا فعل هذا الشعب لينكل به هذا التنكيل البشع وتحاك ضده تلك المؤامرة الخبيثة ليتحول إلى لاجئ طالب موطأ أمن وحياة …هل من مجيب في هذا العالم الأخرق ليمد يد المساعدة وعين الرأفة لليتامى والأرامل والمرضى …هل من مجيب.. هل من مجيب يا قادة العالم .