بقلم. مصعب عبدالكريم
يبدو ان جنرالات السودان و الحكومة السودانية المكلفة حسمو أمرهم بعد فقدو الأمل في التفاهم مع الغرب فيما يخص الوضع في السودان و اتجهو لمعسكر الشرق، حسب ما ورد في الاخبار عن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة بمعية وفد من مجلس الوزراء يشمل وزير المالية و وزير الخارجية و وزير الثروة الحيوانية و وزير الزراعة والغابات و وزير المعادن لزيارة موسكو (الكرملين) بدعو من بوتين الرئيس الروسي.
من سنن السياسة طبيعي جدا ان تكون هنالك مناورات جيوسياسية تماشيا مع مصالحك، و في هذا الجانب نظام امر الواقع في السودان ارتكب خطأ تاريخي بهذه الخطوة المتهورة حيث أصبح طرف منحاز لإحدي الاطراف الدولية المتصارعة بدلا من ان يكون طرف مناور لمصالحه الخاصة ، لان هذا الصراع الدولي الغير مسبوق بعد الحرب الباردة بين معسكر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و معسكر الشرق الجديد بقيادة روسيا هو صراع هيمنة و نفوذ اقليمية و دولية لا ناقة للسودان و لا جمل فيها، لذلك اختيار التوقيت و المكان المناسبين للمناورة اهم من المناورة نفسها.
صحيح ان موقف الغرب من الصراع السلطوي الداخلي في السودان منحازة لاحد الاطراف المتصارعة وهو نخب المركز احزاب بيوتات الخرطوم ضد كل ما هي قوي جديدة في الساحة السياسية السودانية من مكونات الأقاليم المهمة تاريخيا سواء كانت الحركات المسلحة او افرازات المؤسسة العسكرية المركزية مثل الدعم السريع هذا مفهوم لان الغرب و في طليعتها الدولة التي تتمسك بمفاتيح السودان منذا القدم رافض اي تغيير جذري لبنية السودان القديم المختل في موازين السلطة والثروة بتركيبتها البريطانية الموروثة لصالح بيوتات نخب المركز التي صنعتها الاستعمار و سلمها السلطة بالتالي من طبيعي جدا ان تتمسك بحماية مصالح وضعية و التركيبة القديمة بشكلها التي رسموها قبل 120 لصالح المكونات السودانية التي ساعدت بريطانيا لاستعمار السودان ضد المكونات التي قاومت بريطانيا لعقود من الثورة المهدية الي اخر لحظة وجودها في السودان، رغم ذلك السياسة فن الممكن، تحتاج لانفتس طويلة، خاصة و الغرب مجتمع براغماتي يمكن الحوار معه للوصول الي أرضية مشتركة معه باي صيغة ممكنة تخدم المصالح المشتركة من أجل تفادي المواجهة معه، ذلك افضل بمليون مرة من اي تهور سياسي في تحشير أنف السودان في صراع دولي تشير ببوادر حرب عالمية ثالثة فقط للانتقام من موقفها في الصراع الداخلي في السودان و وضع السودان التي هي أصغر من النملة في وجه مدافع صراع الفيلة العالمية و السياسة لان تتحمل (شوط دفاري) كما في كرة القدم.
ثورة السودان كانت ثورة وطنية باهداف و رؤي وطنية و نواياة صادقة حتي 11 أبريل لحظة سقوط البشير اما كل ما جري بعد ذلك هو صراع سلطوي بامتياز بين اقلية النخب و بيوتات المركزية و أصحاب الامتيازات التاريخية التي تريد المحافظة علي ذات الوضعية القديمة التي تحتكر لهم السلطة و الثروة و تظلم الآخرين و أصحاب المظالم التاريخية و التهميش الممنهج و ضحايا الحروب. الي ان دخلت البلد في صراع حافة الهاوية و حدث انقلاب عسكري بتاثيرات هذه الصراع السلطوي، بالتالي يجب أن يكون الأطراف السياسية واضحة مع الغرب لإدارة حوار استراتيجي واقعي بإستصحاب كل هذه التعقيدات التاريخية و التفاصيل الداخلية الدقيقة الغائبة للغريب عن السودان في طاولة الحوار مع الغرب و شرح مدي ضروري تفكيك هذه البنية السودانية القديمة المختلة الظالمة التي كرست السلطة و الثروة و امتيازات الدولة السيادية و السياسية و الخدمية و الأمنية حكر لنخب و اقليات صغيرة في المركز ضد الغالبية العظمي من السودانيين في الأقاليم الثمانية في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب لان ذلك هو السبب الرئيسي في وجود السودان في دوامة حروب الدولة ضد المواطنين في هذه الأقاليم ، الإبادات الجماعية ، عدم الاستقرار السياسي و الفشل في إدارة الدولة و عدم خلق مشروع وطني متوافق عليها لنهضة البلد منذا 65 عاما رغم توفر جميع عوامل الاستنهاض.
مثل هذا الحوار تعكس لهم ضرورة خلق عقد اجتماعي و سياسي جديد للسودان مبنية علي قيم الحريات الأساسية و العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للسلطة و الثروة و تفكيك مكامن الاختلال و توافق علي هوية دولة يري فيها جميع السودانيين صورتهم و بسماتهم فيها و بمشاركتهم في صنع قرارهم السياسي عبر دستور دائم متوافق عليها و المشاركة الفاعلة للجميع في الانتخابات و غيرها من الحقوق الدستورية للتعبير عن الرأي. و الغرب تطورت و نهضت سياسيا و اقتصاديا لأنها مبنية علي عذه القيم السامية لا أعتقد انها تعارض إقامة دولة مستقرة في السودان مؤسسة بذات القيم، ما عدا دولة اي دولتين لها فائدة مباشر من وجود الظلم التاريخي في السودان ضد بعض المكونات السودانية و الأقاليم تري انها خصموها التاريخيين لكن ذلك لا ينطبق علي جميع دول المعسكر الغربي مثل الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و كندا و الاتحاد الأوروبي لذلك يجب الحوار مع الغرب بدلا من توريط السودان في صراع جديد مع الغرب و عقوباتها المنهكة المجربة.