[quote]الموسيقى هي الوطن الأول.. الموسيقى تقربني من روحي[/quote]
الجزء الأول
صوت الهامش: القاهرة
حاورها أحمد محمود
أجرت صوت الهامش حوارا مطولا مع الفنانة السودانية العالمية، الساره ، صوت الموسيقى السودانية الجديدة، أثناء وجودها في القاهرة. وقد تناول الحوار محطات مهمة في مشوار الفنانة الساره الحافل بالنجاح، فضلا عن نقل آرائها حول الكثير من القضايا الفنية السودانية والأفريقية الهامة.
وبدأ الحوار عن البدايات، حيث قالت الساره إن بدايتها مع رحلة الفن كانت مع أحد شرائط الكاسيت الموجودة في بيت والديها سنة 1986 والذي تضمن باقة من الأغاني الثورية منها أغنية (ياللا صوّت) التي غنتها السارة بعد ذلك.
وعن اهتمامها بأغاني البنات والأغاني الشعبية السودانية والتراثية، نوهت الساره إلى أنها بدأت بالأعمال التراثية لتعريف المجتمع الأمريكي بماهية الموسيقى السودانية التي كان يجهلها، مفضلة أن تبدأ بالأساس قبل أن تبني عليه بعد ذلك، قائلة “الأساس بالنسبة لي كسودانية هو أغاني البنات، وكنوبية هو أغاني العودة للاجئين.
أما أغاني الأوركسترا فأحسها بعيدة عني وعن معظم السودانيين. الموسيقى هي الوطن الأول”.
وأكدت الساره أن غناء التراث السوداني هو أجمل عمل موسيقي في العالم، قائلة إن “السودان ثروة موسيقية ليس لها مثيل في أي مكان آخر”، مشيرة إلى أن سبب شهرتها هو حبها لما تقدمه من أعمال.
وأضافت الساره أنها بدأت بموسيقى التراث كأساس ثم بدأت تقدم جديدا عبر أغاني تقوم بكتابتها وتلحينها وإنتاجها وتوزيعها مع فرقتها، وأنها تحاول عمل خليط بين التراث والجديد فيما يشبه الكولاج الموسيقي، من منطلق أن الموسيقى هي لغة عالمية وليست خصوصية وإنما تصلح لكل مكان.
وعن الصعوبات التي واجهتها في بداياتها، قالت الساره إنها واجهت كغيرها محاولات لتأزيم حياتها لكنها تغلبت عليها بفضل ثقافة أهلها وتفتح آفاقهم ومحبتهم للفن فساندوها وساعدوها.
وحول دور الموسيقى والغناء في التقريب بين الشعوب، أشارت الساره إلى أن أولى خطوات الموسيقى تتمثل في سماع الآخر وهي أولى خطوات التواصل عموما. وقالت السارة “إن الموسيقى إذا كانت تقرب بين الشعوب فهي تقربني من روحي. الموسيقى تفرض على المرء أن يكون صريحا مع نفسه”.
ونوهت الساره عن أنها بخلاف المطربين الساعين للشهرة، فإنها تغني لنفسها أولا، قائلة إن الشهرة مرض في الموسيقى ولها ثمن يجب دفعه، “أما أنا فأحب أن تكون لي حياتي الخاصة .. أنا أعمل موسيقى من أجل روحي. الموسيقى هي بيتي . وأنا أريد أن أبني بيتي الذي يشبهني. إذا كان الآخرون يغنون للآخرين، لكنني أغني حكايتي أنا”.
وعن اتهام البعض لها بأنها ليست سودانية أو أنها تخلت عن السودان، أو سعت لخلق ثقافة سودانية جديدة؛ قالت الساره إن أحدا لا يصحو من نومه فيقرر هويته.. “أنا فخورة جدا بأنني سودانية … ولدت سودانية وسأموت سودانية، وبين ولادتي وموتي لن تكون حياتي جامدة … الناس تعيش وتتغير، وأساس السودانيين: التنوع، فإذا كنت مختلفة وغير مشابهة للآخرين فإن هذا لا يعني عدم وجودي”.
وأكدت الساره أنها لا ترضى أن تكون مواطنة درجة ثانية، وأنها ولدت لتكون حرة شأنها في ذلك شأن كل إنسان، وهي ترى أن الحرية تعني القدرة على سيطرتها على حركتها وصوتها وأن وطنها يجب أن يقرها على تلك الحرية، وأن الوطن ليس أرضا أو مكانا إنما هو مشاعر وحالة ذهنية، وأنها تعلمت من السفر أن الناس تتشابه أكثر مما تختلف وأن المرء قد يرى من يشبهوه في الشكل لكنهم ليسو أهلا له؛ ذلك أن الأهل هم من يتمنون للإنسان الخير والرفعة وليس التردي والتعاسة.
وقالت الساره في هذا الصدد: “أحيانا وأنا أمشي بمدينة الخرطوم، أحس وكأنني أمشي بين بيوت أشباح. لدرجة تبعث على الخوف. لا أدري ما إذا كان الناس هنالك أحياء أم أموات؟ عيونهم فارغة.
وهذا يحزنني لأنني أحب السودان كأمة تحلم بمستقبل مختلف .. أمة لا يكافح أبناؤها فقط من أجل الحصول على اللقمة.. هذا هو السودان الذي أقدمه عبر أغانيّ”.
وعما تحتاجه الأغنية السودانية لكي تلقى انتشارا عالميا كغيرها من أغاني غرب أفريقيا وإثيوبيا، قالت الساره إن الشيء المشترك بين أغاني تلك البلاد أن أهلها يرفعون من قدر تراثهم ويعتبرونه من أعلى أنواع الفن ويقدمونه للعالم على هذا الأساس.
وأضافت الساره أنها لم تشعر بأن السودان يفتخر بتراثه أو يقدمه على أنه أعلى طبقات الفن عنده، متسائلة عما إذا كان يوجد أي نوع من التنمية الثقافية التراثية السودانية؟ قائلة “عندما يرفع السودان من قدر تراثه ويحترمه عندئذ سيحظى بالانتشار عالميا”.